إخوتي أصحاب السيادة،
حضرة المونسنيور والكهنة والراهبات والشدايقة المحترمين،
أيها الإخوة والأخوات الأحباء،
أرحب بكم في كابيلا «بيت مارون» في ستراسفيلد-سيدني (أوستراليا)، شاكراً لكم حضورَكم الكريم وتلبيتَكم للمشاركة في لقاءِ الصلاة هذا الذي أردناه شهادةَ إيمانٍ ورجاءٍ بالله، ووقفةَ تضامنٍ ومحبّةٍ مع أبناء مدينةِ بيروتَ المنكوبةِ جرّاءَ الإنفجارِ المروِّع الذي وقَع في مرفأِها مساءَ أمسِ الثلاثاء وخلَّفَ وراءَه خسائرَ ماديّةً كبيرةً في الممتلكات، وعشراتِ القتلى والمفقودينَ، وآلافَ الجَرحى. إنّه مشهدٌ مُروّع، يُدمي منا القلوب، وتقْشَعِرُّ له البدائن.
ومع أهلِ بيروتَ وشعبِ لبنانَ الذي طالَتْ آلامُه وكثُرت مآسيه، فإلى جانب جائحةِ كورونا، والموادِ الغذائيةِ الفاسدةِ في الأسواق، والأزمات المالية والصحية والاجتماعية، مأساة جديدة تضاف بانفجار مروّع هزّ مدينة بيروت وأودى بأرواحِ الناسِ وممتلكاتهم ومصادر عيشهم وترك وراءه آلاف الجرحى مهدداً مُستقبَلَ الأجيال، فلا يسعُنا في هذا الوقت العصيب، سوى تردادِ صلاةِ صاحبِ المزمورِ الثالثَ عشر قائلين:
«إلى متى يا رب تنساني؟ إلى متى تحجُب وجهَك عنّي؟
إلى متى أجعلُ هموماً في نفسي وحزناً في قلبي كلَّ يوم؟
أُنظُرْ واستجِب لي يا إلهي. أنِر عينيّ لئلا أنامَ نومَ الموت،
لئلا يقولَ عدوّي: قد قَويتُ عليه. لئلا يهتفَ مُضايقي بأني تزعزعتُ.
أما أنا فعلى رحمتِك توكلتُ. يبتهجُ لساني بخلاصِكَ.»
نعم، نحن نؤمن بالله، ومتّـكلون عليه بالرغم من كل الظروف المأساوية التي يمرُّ بها شعبُنا في لبنان. نحن نؤمن بأنه هو من سيخلّص لبنان وشعبَه من محنته. لذلك، نضعُ كلَّ اتكالِنا عليه، سائلينَه الرحمةَ لأرواحِ الضحايا البريئةِ التي سقطت، والعزاءَ لذويها، والشفاءَ والعَضَدَ للجرحى والمرضى والمنكوبين والمتألمين بالنفس والجسد.
أمام هذا الوضع الكارثي المستجدّ تسقطُ كلُّ الإعتبارات والحسابات السياسية ويعلو فوقَها وجعُ الإنسان وما يتطلبُه منا من تضامُنٍ وحسٍّ أخويّ. فما حَصَل، لم توفّر أضرارُه أحداً منّا، حتى هنا في أستراليا، فجاليتُنا تئنُّ مع آلام أهلِنا في بيروت وكلِّ لبنان. وهي لم ولن توفّر جهداً وسخاءً على كلّ صعيد لنقف معاً إلى جانب أهلنا.
لذلك نعلن لكم هذا المساء عن اطلاق حملة لجمع التبرعات تحت عنوان:
Disaster Relief Appeal Beirut بالتعاون مع
Maronites on Mission لمساعدة عائلات الضحايا والجرحى والتضامن معها، ولمدّ يد العون لإعادة بناء ما تهدّم.
وفي الختام،نحن واثقون بأن بيروت ستنهضُ من بين الأركام مرّة جديدة وستنفضُ عنها غبارَ الموت، لتعودَ بقوّةِ الله وشفاعةِ العذراء مريم، منارةً للشرق والغرب، ومرجِعاً لوحدةِ اللبنانيين وتلاقيهم وموئلاً للعيش المشترك، ورسالةَ سلام ومحبّة للعالم أجمع.