بقلم رئيس التحرير أتطوان القزي
لأن بئر السرقات جفّ ماؤه، ولأن بقرة الدولة جفّ ضرعها، ولأن حبل الكذب قصير، ولأن الجوع كافر ولا يرحم، إستفاقت بيروت يوم الخميس ليس على صراخ مكبرات الصوت و”طرطقة” الطناجر، بل على عصافير البطون التي تئنّ و تتضوّر جوعاً، والملفت الإيجابي رغم سوداية المشهد هو وحدة الشعار بين المتظاهرين: فالذين خرجوا من الخندق الغميق هذه المرّة باتجاه الرينغ، إنضموا الى المتظاهرين ولم ينقضّوا عليهم، والدراجات التي قصدت عين الرمانة في السابق ترفع شعارات طائفية، عادت هي ذاتها هذه المرّة وأصحابها يهتفون:”إسلام ومسيحية – يلعن الطائفية”!..
فلماذا لم تكن الطائفية ملعونة قبل اليوم؟!.
ليس سعر الدولار وسقفه المتفلّت هو وحده الذي دفع الناس الى الشارع، لأن الذين خرقوا السقوف ليسوا أصحاب المصارف والصرافين وحدهم ، بل هم السياسيون الذين ما زالوا يمعنون في التدجيل والتمثيل ، يحفرون الحفرة للشعب ليقعوا هم والجمهورية فيها.
من العبدة وطرابلس وزغرتا، مروراً بجبيل والزوق ورياض الصلح والضاحية الجنوبية وصولاً الى صور والنبطية، ما عادت الشعارات السياسية تغني وتعين في زمن البحث عن اللقمة.
ولم يعد أمام حسّان دياب سوى البحث عن طوق نجاة لمركبه الذي غرق وبدأ ركابه يتحيّنون الفرصة المؤاتية للقفز منه ، هو الذي جعل فرصة الـ100 يوم مساحة للمزيد من الهدر والفساد فكانت النتيجة محاصصة فاضحة في التعيينات و”صفراً مكعباً” في الإنجازات… و7000 ليرة مقابل الدولار الواحد.
لقد أوصلنا لصوص المازوت المغشوش والصفقات المريبة ومهربو الأموال الى ما نحن عليه، وإذا ما أرادوا تشتيتنا ، يزجّون ببضعة مدسوسين ليرفعوا شعارات مذهبية وطائفية أو سياسية، ليصبح هؤلاء مثل يهوذا يسلّمون الشعب مجدّداً الى جلّاديه من فرّيسي السياسة..
فإقالة رياض سلامة هي تنفيسة وليست حلاًّ، ومحاكمة بعض الصرافين هي مشهد فولكلوري خادع..لأن المشكلة هي في كل فروع وأغصان شجرة الفساد السياسي التي يجب استئصالها من جذورها ، وإلا عبثاً يتظاهرون وعبثاً يطالبون..
ليلة القبض على الدولار ، يجب أن تكون ليلة القبض على كل الذين “بلّوا” أيديهم بدماء هذا الصدّيق- لبنان؟!.