بقلم / هاني الترك OAM

أدى وباء كورونا وما تبعه من حظر وإغلاق للحدود وإلتزام المنازل والتعطل عن العمل وتقلص الدخل أدى الى زيادة نسبة الإصابة بالأمراض النفسية.. مما دعا الحكومة إلى تخصيص دائرة وإعتمادات مالية إضافية لعلاج الأمراض النفسية.
إنني أذكر قصة البؤساء «Les Miserables» لمؤلفها فيكتور هوغو التي عُرِضت بالموسيقى والغناء ليلياً على خشبة المسرح Capitol Theatre في سيدني.. ويعود ريعها الى المنظمة الخيرية Beyond Blue التي تعمل من اجل مكافحة المرض النفسي مثل القلق والإكتئاب النفسي والإنتحار.. وتم اختيار عنوان جديد للإستعراض الموسيقي الغنائي الجديد هو Beyond Miserables.. ويقوم بتمثيل دور المطران في المسرحية النجم المسرحي رودني دوبسون.
والواقع ان نسبة كبيرة من افراد الشعب مصابون بالأمراض النفسية.. ولم تعد الإصابة بالمرض النفسي عيباً أو موضوعاً محظور الكلام عنه Taboo كما كان في الماضي.. وتشير التقارير الطبية الى ان اكثر الناس عُرضة للإصابة بالامراض النفسية هم العاملون في قطاع الفن.. إذ تبلغ نسبة الانتحار بينهم عالية أكثر من باقي قطاعات المجتمع.
والممثل دوبسون ليس غريباً عن المرض النفسي.. فقد إنتحر شقيقه برادلي عند سن العشرين نتيجة إصابته بمرض نفسي.. حيث كان الحديث عن المرض محرماً.
قال دوبسون ان برادلي كان ينام ساعات أكثر من المتوسط لإصابته بالإكتئاب النفسي.. ولم يكن يعلم ذلك ويكتفي بالقول انه كسلان.. وقال ليلة إنتحاره: «إنني لا أريد المال، فأنا ذاهب».. ولكن لم يعرف أحد ما الذي كان يقصده.. فكان يريد الحديث عن مرضه ولكن لم يستمع اليه أحد.. لأنه كان موضوعاً محظوراً للتحدث عنه.
يتم علاج الامراض النفسية بالعقاقير الطبية والجلسات النفسية والصدمات الكهربائية للحالات الخطيرة.. وإزدادت نسبة العلاج بالصدمات الكهربائية في السنوات الثلاثين الأخيرة إذ يتلقى العلاج واحد من كل ثلاثة مرضى في مستشفيات الامراض النفسية في ولاية نيو ساوث ويلز.. وتقول مديرة معهد Black Dog Institute أي معهد الكلب الأسود، البروفيسورة جوزفين أندرسون ان المعهد يستعمل الصدمات الكهربائية لعلاج الامراض النفسية على مدى 40 عاماً..وهي مفيدة في تحريك خلايا الجهاز العصبي ومركزه المخ للمصابين بالإكتئاب النفسي.
ولكن يجب تناول العقاقير الطبية التي يصفها الطبيب النفساني لأنها مثل أي مرض عضوي تحتوي على المواد الكيماوية التي تساعد المريض في العلاج.. وإذا لم يستعملها الشخص فانه يقع في أنياب المرض النفسي مرة أخرى وبصعوبة أكثر حدة.
والإصابة بالمرض النفسي تكون نتيجة ظروف قاهرة لا يستطيع الشخص تحملها فيقع في مخالب المرض.. وهو شائع بين الجنود الذين يخوضون الحروب والمدنيين وقت الحروب.. مثلما يحدث وقت وباء كورونا.. فكان المرض منتشراً بشكل كبير في الحرب العالمية الأولى.. حيث كان يُظن ان الجنود والمدنيين الذين يقعون فريسة المرض النفسي هم جبناء.. وتحسن الوضع في وقت الحرب العالمية الثانية.
ومع تقدم العلم أصبح المرض ليس عيباً.. ونسبة الامراض النفسية بين صفوف الجاليات المتعددة الحضارات أعلى منها في المجتمع الاسترالي.. نتيجة الظروف الحياتية الجديدة في المجتمع الذي يختلف في تقاليده وعاداته ولغته وثقافته عن التقاليد التي جاء منها المهاجرون.
وفي تقديري وتقدير الاختصاصيين ان نسبة الاصابة بالمرض النفسي بين صفوف الجالية العربية هي أعلى نسبة من المجتمع الاسترالي.. وخصوصاً لتفجر الحروب في الشرق الاوسط.. لذلك يجب على المريض العربي العلاج عند طبيب امراض نفسية يتحدث العربية.. وخصوصاً في الجلسات الاستشارية النفسية.. والمثال على ذلك ان الطبيب النفسي الاسترالي يطلب من المريض النفسي أخذ فترة راحة من العمل والذهاب الى منطقة هادئة أثناء تلقي العلاج.. مع أن الطريق الأصح في المجتمع العربي هو إنشغال المريض في علاقات اجتماعية تساعده في الخروج من بوطقة الوحدة والعزلة.
والإيمان بالله ومماراسة الصلاة يساعد كثيراً في العلاج وهو عكازة بناءة من العلاج الى جانب العلاقات الاجتماعية.