بقلم / أنطون سابيلا 

الرجل الأسود يحارب مع الجيش الأمريكي في فيتنام ويستشهد ثم يقولون له «يا نيغرو» ويحرمونه من الوظائف والتعليم.
المسلمون الروينغا في الصين مضطهدين و يُزج بهم في معسكرات «الثقافة» والتي هي عبارة عن اعتقالات جماعية لتحويلهم عن دينهم  إلى شيوعيين.
أبناء الأقليات في الشرق الأوسط يحاربون من أجل دولهم ويستشهدون ثم يعتبرهم البعض كفاراً أو زناديق ويمنعون الترحّم عليهم.
يتقدم عشرة سود إلى وظيفة ويتقدم رجل ابيض يحمل مؤهلات أقل منهم فيختارون الرجل الأبيض.
يحمل أبناء الأقليات في الشرق العربي أرقى وارفع المؤهلات العلمية والخبرة العملية وعندما يتقدم أحدهم إلى وظيفة مرموقة لا يحصل عليها ويتمّ إعطاء الوظيفة لشخص من عائلة الحاكم أو الوزير أو رئيس الجامعة أو صاحب العمل  «لأن المتقدم من الأقلية ليس من جماعتنا.»
شهادة الرجل الأسود في كثير من المحاكم الأمريكية مشكوك فيها.

وشهادة أبناء الأقليات في معظم محاكم دول الشرق الأوسط مرفوضة  لأن شهادتهم ضد أبناء الأغلبية غير مقبولة، وهكذا ضاعت بلدات وقرى للأقليات في الشرق الأوسط وهاجر سكانها لأن شهادتهم على امتلاك أرضهم ومزارعهم غير معترف بها!
8 ملايين خادمة من السود في البرازيل مضطهدة ويعشن أوضاعاً أسوأ من السود الأمريكيين ونسبة كبيرة من الخادمات الأجنبيات في الشرق الأوسط يعشن في ظروف الاستعباد.

وناهيك عن الإعدامات الميدانية لأبناء الأقليات في سوريا والعراق على أيدي المتطرفين واضطهادهم في مصر وتحويل نسائهن عن دينهم بالإرهاب والتخويف والتزويج القسري. وفي بعض البلدان حروب مذهبية وطائفية بين أبناء الدين الواحد.
لكن كل ذلك لا يبرر إحراق المباني العامة ونهب المتاجر ونشر الفوضى في المدن. فاسترداد الحقوق لا يتمّ من خلال أعمال الشغب والخروج عن القانون. وتحقيق المساوة لا يتمّ عبر أحراق سيارات الشرطة والتعرض للمدنيين الآمنين.

نجح غاندي في تحرير الهند عبر العصيان المدني ولم يقتل إنساناً واحدا ولم يحرق بناية واحدة.
ولكي تكسب الأصدقاء لقضيتك يجب أن يكون مستوى أخلاقك ارفع من مستوى خصومك أو حُكامك.

المجتمعات غير العادلة والمنقسمة على نفسها تشهد انهياراً في النسيج الاجتماعي وتراجعاً في الخبرات العلمية والتكنولوجية.  وقد يأخذ الإنهيار عشرات أو مئات الأعوام لكنه سيحدث!!
أمريكا التي تطلق الأقمار الصناعية إلى المريخ لا تستطيع الآن اطلاق لقاح صغير ضد فيروس على الأرض وليس في الفضاء.

ليس هناك دولة شرق أوسطية واحدة بما فيها إسرائيل لديها الخبرات والإمكانيات لتطوير لقاح ضد كورونا بينما في الغرب عدد لا باس به من العلماء بمن فيهم أبناء المهاجرين يعملون لتطوير اللقاح والدواء.

سيكون للانتفاضة الأمريكية تأثير معنوي كبير على دول الشرق والغرب ما بعد كورونا. وإذا لم يكن المجتمع متسامحاً عن اقتناع وليس عن مصلحة فسوف يسقط في النهاية. وإذا لم تسقط القبلية والطائفية والمذهبية لصالح المجتمع المدني فسوف يخسر الجميع!  وإذا لم يكن الوطن للجميع وإذا لم تكن الدولة هي التي تقود المجتمع وليس العكس فماذا يضير الإنسان لو هاجر وصنع له مستقبلاً بعيداً عن الضيم والظلم.  وبغض النظر عن مستوى الظلم في أمريكا فإن مستواه في دول أخرى أعلى بكثير وأشد ظلماً. ولو أن هناك خيار بين أمريكا والصين أو روسيا لوجدنا أغلبية الناس يختارون أمريكا لأن الناس تعشق الديمقراطية بالرغم من أخطائها.
انتفاضة أمريكا ناقوس يدق بصوت مرتفع فهل يسمع العالم ويعتبر؟!