نسأل الرب أن يرحم أمثالنا من الغدّارين والخائنين وأبناء سوء الظنّ، فما نشاهده في المسلسلات يدفعنا إلى العزلة التامة وعدم مخالطة البشر! خيانة بالجُملة، وطعن في الظهر. في أحسن الأحوال، الناس وجوه وألوان، نيّاتهم حربائية.
تذكّرك المسلسلات بأنّ الثقة نهايتها الخيبة، والطمأنينة تجرّ الجرح. خذ ديما وغسان في مسلسل «أولاد آدم»، أو نورا وفادي في مسلسل «لو ما التقينا». وللمزيد، رندا ونضال في مسلسل «بردانة أنا». إننا أمام ثلاثة نماذج من العلاقات الزوجية الفاشلة، المفضوحة منها والمستترة تحت رداء الكذبة. السقف معرَّض للانهيار في أي لحظة، والضربة على الرأس ستكون موجِعة. مرعب تخيُّل الأيام المقبلة وما تحمله في جيوبها المخفية. مصير مشابه؟ اختيار خاطئ؟ علاقة زوجية مفخخة؟ أم الرحمة؟ النجاة، أمنية الحياة.
قنبلة موقوتة في علاقة غسان (مكسيم خليل) وديما (ماغي بو غصن)، لم تنفجر بعد. توشك على الاشتعال والخراب. امرأة «على نيّاتها»، قلبها الطيّب يشرّبها الأذية بالملعقة، مغشوشة بزوج، ظاهره رجل مجتمع، من وزن واعتبار، هادئ، متفهّم، محترم، وحقيقته طافحة بروائح الخيانة والطعن والغشّ والنفاق. العيش تحت سقف واحد، إن كان على هذا الشكل، كارثة! تجري المياه طوال الوقت تحت قدميها، إلى أن تبتلّ وتغرق. ستسلخ وجوهه بيديها، لتكتشف أنّ الوجه الحقيقي كذبة كبيرة.
نورا (فيفيان أنطونيوس) وفادي (يوسف حداد)، ثنائي مفكّك في «لو ما التقينا». خناق طوال الوقت، وتأفّف من أتفه سبب. زوجان من تعقيدات الواقع الاجتماعي، لا مساحة بينهما لمرور النسائم. بينهما ابنة كبرت قبل أوانها، رماها إهمالهما في قبضة رجل حاول التحرّش بها. التركيبة الزوجية هنا منتهية الصلاحية: الزوجة تبحث عن الحب عبر «فايسبوك»، فتتعلّق بأول بيّاع أوهام في طريقها، مسهّلةً خراب بيتهما المخروب بالأصل؛ والزوج ينظر إليها كقطعة أثاث، يتكدّس الغبار عليها، فيمرّ بجانبها من دون نفس. علاقة أبوابها مخلّعة، الابنة فيها تدفع الثمن.
نضال (أسعد حردان) وزوجته رندا (نهلا داود) في مسلسل «بردانة أنا»، نموذج العلاقات الزوجية البائسة، القادرة على تدمير بهجة الحياة. يحق له ما لا يحق لها. هو البروفيسور الناجح، المشغول دائماً؛ وهي الزوجة المُهمَلة، الناقصة، وجودها كمرأة مسحوق ومُصادَر. تُغرَم بشاب بسنّ ابنها، وتنتفض للاعتراف بها كأنثى، لا كربّة منزل، كأم ولدين، كزوجة تعلم خيانة زوجها وتسكت عنها. ثنائيات مضطربة، ما يفرّقها أكبر مما يجمعها، تشظّت كمزهرية سقطت من ارتفاع. الحياة أشكال وأصناف، فإن تدخَّل الحظّ، وضع في طريقك القلّة الصادقة، وإلا الحقيقة واحدة: «الآخرون هم الجحيم».