بقلم  سميرة سلامة

ان التاريخ يستهويني…

هل تذكرون الملك فاروق ملك مصر والسودان (ملك الصعيد) .

كتبت صحيفة الدايلي تلغراف خلال الاسبوع الماضي مقالاً مطولاً عن الملك فاروق بمناسبة مرور 120 عاماً على ولادته في قصر عابدين. وهو ابن الملك فؤاد من زوجته الثانية الملكة نازلي صبري وقد كان آنذاك الوريث الوحيد لعرش مصر بعد والده الملك فؤاد من سلالة محمد علي.

وفي عام 1922 حصلت مصر على استقلالها من بريطانيا وتغير اسم فؤاد من السلطان الى الملك.. وكان الصراع بين الملك فؤاد مع حزب الوفد الوطني على اشده.

تربى فاروق في عزلة في القصر الملكي لم يقابل احداً فيه غير خدام القصر وقد كان يتم تعليمه بدروس خاصة. وقد كان كسولاً رغم تمتعه بموهبة اتقان اللغات العربية والفرنسية والانكليزية والايطالية.

رغم حصول مصر على استقلالها من بريطانيا الا ان نفوذ بريطانيا كان كبيراً على العائلة المالكة وعلى الأمة المصرية. ففي عام 1935 ارسل الملك فاروق الى لندن ودخل الاكاديمية الملكية العسكرية بالرغم من انه سقط في امتحان النخبة للطلبة (ايتون) لم يظهر فاروق في لندن اي اهتمام في الدراسة وكان يقضي الوقت في التسوّق ومشاهدة المباريات الرياضية. وعندما توفي والده الملك فؤاد عام 1936 عاد فاروق الى مصر والقى خطاباً في الراديو قال فيه اني اقدر المهمة التي اوكلت لي. وسوف اقوم بكل التضحيات من اجل تقدّم مصر. ولكنه لم يف بتعهده واستمر في ممارسة حياته بالطريقة التي تحلو له.

في عام 1938 تزوج الملك فاروق بأولى زوجاته فوزية (اميرة الأحزان) وارسل له هتلر هدية سيارة مرسيدس وقطع العلاقات الديبلوماسية مع المانيا بعد اعلان بريطانيا الحرب على المانيا.

في عام 1942 اجبرت الحكومة البريطانية الملك فاروق على تعيين رئيس حزب الوفد النحاس باشا رئيساً للوزراء واقالته بعد ذلك مما اغضب الحركة الوطنية المصرية وخصوصاً اثر هزيمة العرب في فلسطين عام 1948..  وقامت الثورة المصرية بقيادة محمد نجيب وجمال عبد الناصر عام 1952 .. واضطر فاروق الى اعتزال العرش لصالح ابنه احمد فؤاد الثاني ولكن الغى النظام الملكي عام 1953. وبذلك نفى فاروق الى ايطاليا وامارة موناكو وهناك استمر في حياة البذخ وفي عام 1965 بينما كان يتناول وجبة الغذاء في مطعم فرنسي في روما وشعر بآلام في معدته انتقل على الفور الى المستشفى وتوفي هناك عن عمر يناهز 45 عاماً . يرى البعض ان نوبة قلبية قد داهمته فقضت على حياته والبعض الآخر انه مات مسموماً.

وبعد التلخيص لمقال الدايلي تلغراف الذي اظهر ان فترة حكم فاروق كانت حقبة مظلمة في تاريخ مصر بت اتساءل عن الحقيقة.

هل كان فاروق ملكاً فاسداً حسبما اظهرته هذه المقالة ام انها جنت عليه وكان ملكاً صالحاً لمصر لقد ظهرت دراسات حديثة ومستفيضة استغرقت قرابة السبع عشر عاماً استعرضت قصة حياة الملك فاروق تظهر عكس كل ما اشيع عنه وتثبت ان عصر فاروق كان العصر الذهبي لمصر

فقد ظهرت عدة حقائق منها التالي:

< بلغت نسبة البطالة في عهد الملك فاروق 2٪.

< كانت العملة المصرية اقوى قيمة في عصره حيث انه كان الجينيه المصري قيمته ما يعادل قيمة خمسة دولارات.

< استدانت اميركا في مصر الملك فاروق بعد قيام الحرب العالمية الثانية مبلغ اكثر من 5 ملايين جينيه مصري ما يعادل عشرين مليون دولار آنذاك.

< كان الاطباء يأتون من كل قطب وصوب لنيل تعليمهم في مصر وكانوا يتوافدون من انكلترا وفرنسا والمانيا.

< كانت كل عام في وقت محدّد تأتي كسوة الكعبة من مصر للأراضي المقدسة ولمدة عشرين عاماً.

< اقيم في عهده ما يسمى بالنكبة المصرية في جزيرة العرب أبان فترة الحج وكانت تتوافد اليها آلاف من الحجاج لتلقى الطعام والإيواء خلال فترة اقامتهم في السعودية.

< إلغاء جميع العاملين الانكليز في القصر وتم ترحيلهم الى الخارج باستثناء  الصيدلي الخاص به ومربيات شقيقته.

< طلب من الحكومة إلغاء جميع الامتيازات التي يحصل عليها السفير البريطاني ولكن حكومة الوفد ابقت على ذلك مجاملة السفير.

< قام بتمصير قادة الجيش وألغى الامتيازات البريطانية بموجب معاهدة مونترية.

< تبرع بمبالغ للفقراء والمساكين واستقدام  الطلاب العرب للتعليم في الأزهر على نفقته الخاصة وانشأ مسجداً في لندن على نفقته الخاصة وانشاء الكلية البحرية الجوية التي تحوّلت الى كلية الطيران الملكي.

< انضمام مصر الى عصبة الأمم ما يسمى الآن بـ مجلس الأمن .

< انشاء القناطر الخيرية في الدلتا وآسيوط

الدفاع عن حق سوريا ولبنان في التحرّر من الاستعمار الفرنسي.

< انشاء معهد الدراسات في الجزائر ومدريد.

الآن بعد كل هذه الانجازات التي اقيمت في عصره نتساءل هل ما نشرته الدايلي تلغراف بأن فترة حكمه كانت مظلمة؟.. وبين التقارير والدراسات الحديثة التي تشير الى التقدّم الذي حدث في عهده؟

حقيقة يقف القارئ حائراً في الحكم على عصره هل يمكن للتاريخ ان يغفر له سقطاته وزلاته كما كان معروفاً عنه وكما ذكرت الدايلي تلغراف مقابل انجازاته المتعددة.

فلنترك للتاريخ كلمة الاخيرة في انصافه.