بقلم هاني الترك OAM
ان منزلي كبير ومقره استراتيجي بقيت انا وزوجتي فيه بعد ان غادرنا اولادنا الى حال سبيلهم واسسوا اسرهم.. لذلك اقبل ان يستقر معنا اشخاص موثوق بأمانتهم ولا يهمني خلفياتهم الثقافية مع اني افضل من ابناء الجالية بصرف النظر عن الديانة.. او البلد العربي.
منذ حوالي ثلاث سنوات اتصل بي مكتب العقارات .. حيث كنت اعلن عن وجود غرفة شاغرة في منزلي.. وعرفت ان المتصلة لاجئة سورية اسمها فاطمة تعيش وحيدة في غرفة في منطقة شعبية تريد الاستقرار معنا..
ذهبت بسيارتي ورأيتها بنفسي تعاني من الوحدة المدمرة التي كانت تحياها.. منتظرة رحمة الله لتتعرف الى عائلة عربية لتسترجع ذكرياتها في سوريا قبل الحرب فيه.. فقد فرّت من اهوال الحرب في سوريا لتعيش في «جحيم» استراليا.. بسبب وحدتها بغربتها وهي المقطوعة من شجرة.
عاشت عندي وعثرت لها عن عمل اذ لم تكن تعرف الانكليزية .. وتعلمت بعدها الانكليزية وتابعت دراستها في التصميم الفني الالكتروني .. رأيت فيها ابنة لنا اذ ان الله رزقني بصبيان وليس بإبنة وكنت اتمنى ان يكون عندي ابنة مثلها.. مؤمنة.. امينة.. اخلاقها عالية .. من عائلة محترمة مزقتها الحرب.
عرفتها على اصدقائي ومعارفي في الجالية .. وعاملتها كإبنتي وبت ارى فيها ابنتي الروحية الحقيقية.. انا المسيحي الديانة وهي المسلمة الديانة تؤدي الفرائض المطلوبة.
انطلقت شخصيتها الاجتماعية وتركزت امورها وتوسعت دائرة معارفها واصبحت تتقن الانكليزية والتصميم الفني الالكتروني.. وهي الآن تعيش معنا سعيدة في حياتها. ورأينا فيها انها هدية لنا من السماء.. وانا في انتظار ان تلتقي بفارس احلامها بحب متبادل .
عرفت بعد ذلك ان العديد من اللاجئات او المهاجرات بعضهن مع اطفال يعانين من الوحدة والعزلة والغربة.. فهن في حاجة الى المساعدة .. القائمة على المحبة الصادقة .. اذ ان البرامج الحكومية الرسمية لمساعدتهن غير كافية.. بهذا اقترح الآتي في تسهيل عملية استقرار المهاجرين وخصوصاً اللاجئات الجدد .. وذلك من خلال تجربتي مع فاطمة.
يجب تعريف اللاجئين والمهاجرين الجدد بأبناء الجالية العربية الذين مضى على هجرتهم مدة طويلة من اجل مساعدتهم في عملية الاستقرار .. وفهم المجتمع الاسترالي وتعلّم الانكليزية والاندماج والتأقلم بالحياة في استراليا .
والملاحظة هنا ان المهاجرين الجدد بحاجة الى الوقت للاستقرار.. وهنا فإن تعريفهم بالمهاجرين القدامى يمدّهم بالمعلومات عن اوطاننا الأم .. والتنفيس عما يحملون في صدورهم من اهوال وعذاب الحرب.. فيكون التعاطف بين المهاجرين القدامى والمهاجرين الجدد وكأنه العلاج النفسي الاجتماعي اثناء عملية تأقلمهم.
اما العامل الثاني فتقع اوزاره على دائرة الهجرة .. فكان في الماضي يقوم الاستراليون المتطوعون بزيارة المهاجرين الجدد في منازلهم.. وعقد صداقات معهم .. وتعليم اللغة من اجل تسليحهم بمهارة الحياة في استراليا .. وتفّهم النظم في المجتمع الاسترالي.
فمن ناحية اولى سوف يتفهّم المهاجرون الجدد الحياة الاسترالية .. ومن ناحية ثانية يتعرّف الاستراليون على الثقافة العربية وربما اللغة العربية .. حيث تحدث عملية التفاعل الثقافي بين الثقافتين الاسترالية والعربية.. فيتعرف الاستراليون على ثقافتنا وحياتنا وتقاليدنا.
اني احث دائرة الهجرة على ارجاع هذا النظام القديم في برامج تعود بالنفع على المهاجرين واللاجئين الجدد وعلى المجتمع الاسترالي.. وخصوصاً اللاجئات اللواتي ليس لهن عائلات.