– ميخائيل حداد – سدني
جرت العادة في كل عام الاحتفال بقدوم العام الجديد على حساب التقويم الغربي (التقويم الغريغوري)، والذي يصادف الاول من كانون الثاني من كل عام، وتحتفل به مشارق الارض ومغاربها مودعة عام افل نجمه بما احتوى من افراح ومسرات ونجاحات لدول وشعوب وافراد، مهللين للعام الجديد الذي ظهر بدره ان يحمل نفس ما حققوه من انجازات في العام السابق، سوى ان كانت بطرق مشروعة او ملتوية، إلا انها تبعث على السعادة بين الدول والشعوب وفي نفوس من اصابهم من امنيات تحققت ولو كان فيها الام واحزان للاخرين، ومن جهة اخرى كثيرون هم من عاشوا وعانوا الويلات من آلام ومجاعات وتشرد ابان العام المنصرم جراء الحروب بين قوى تحاول الهيمنة والسيطرة للحفاظ على مصالحها على حساب المستضعفين في الارض، أملين بقدوم عام جديد يحمل لهم معه تمنياتهم بما هو افضل من سبل الحياة والعيش الكريم والاستقرار والامن والسلام.
تواريخ لمناسبات دينية واخرى اجتماعية تجعل المعنيين بها يقيمون لها الاستعدادات للفرح والتمتع بها، وكل على طريقته الخاصة وبما يتناسب مع مكانته، ملوك ورؤساء وحكام ومشايخ دول كانوا او شعوب او افراد، ودول اخرى بحكامها وشعوبها ومواطنيها يتمنوا لو لم تكن موجودة تلك المناسبات وتواريخها، لما تحمل بطياتها من بؤس ومعاناة كانت لها اثار مدمرة على حياتهم وطموحاتهم ومستقبل اجيالهم.
الاعوام تتوالى وتواريخ المناسبات في طياتها ثابتة لا تتغير، والاحتفالات عند البعض كالتواريخ ثابتة ايضاً، ما عدا من وضعهم التاريخ في دهاليز النسيان من تلك المناسبات وتواريخها، وما اكثرهم على ظهر هذا الكوكب.
يتبادلون التهاني في الاعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية في نفس تواريخها الثابتة، واصبحت روتيناً ثابتاً يمارسه البعض كمجاملة اجتماعية والتي اصبحت تخلو من معانيها الروحية والانسانية، باقامة الولائم والسهرات والاحتفالات وتبذير الملايين من الدولارات على البهرجات لاظهار القدرة بمباريات البذخ بتبديد اموال الشعوب على ما هو غير مرغوب، خاصةً وان شعوب وامم كثيرة احوج ما تكون لاموال مهدورة في غير مكانها، من الممكن ان تحسن من اوضاعها بكافة المجالات فيما لو انفقت في مكانها الموناسب وعلى برامج تطويريه وتنموية للنهوض بالمحتاجين من شعوبها.
هي سلوكيات البشر الذين فقدوا عمق المعاني الروحية والانسانية للمناسبات دينية كانت او اجتماعية، والتي تحولت الى ولائم وسهرات ورحلات، مع فقدان الانسان لانسانيته عندما يحتفل بنفس الوقت الذي تجري من حوله شلالات دماء الابرياء والمعذبين انهاراً من حوله.
اطلب من الله العلي القدير ان يغير البشر وسلوكياتهم، وان يعم السلام العالم وتنتهي الحروب وترفع غيمة الويلات والمعاناة عن الشعوب المغلوب على امرها والمضطهدة، ويفتح بصر وبصيرة من يقودون العالم لتدعيم اسس العدل والمساواة والرحمة وعلى المحبة والسلام لصالح الانسان واجياله القادمة، وان يبتعدوا عن دروب وشرور الشيطان واتباعه المدمرة للبشرية، سيما وان الاعوام والشهور والايام ومناسباتها تتوالى بتواريخها الثابته، بينما الانسان هو غير الثابت والمتقلب بطموحاته واطماعه وشروره وبحاجة لتغيير سلوكه.