أسبوع أول من انتفاضة الغضب والمواجهة مفتوحة

تدافعت التطورات متسارعة وكبيرة في دلالاتها في اليوم السابع من «انتفاضة الغضب»، لكن ابرز دلالاتها اطلاقاً تجسدت في التصرف الجراحي الدقيق للجيش في التعامل مع المجموعات الضخمة للمتظاهرين والمعتصمين، خصوصاً على طول خط المتن الساحلي والساحل الكسرواني. ولا شك في ان المشهدية التي طالت أمس الأول عبر نقاط التجمع الكبيرة ولا سيما منها جل الديب وزوق مكايل اثبتت ان القرار الحاسم للجيش بعدم اللجوء الى القوة في فتح الطرق، على الاهمية الاساسية التي باتت ترتبها الحاجة الى فتح الطرق بعد أسبوع كامل من الانتفاضة، يلعب دوراً مركزياً في ديمومة الزخم التصاعدي للاحتجاجات بعيداً من أي خوف من قمع قد يساور أي طرف سياسي رسمي الانزلاق اليه بما يفاقم التداعيات التي يمكن ان تترتب على خطأ فادح كهذا.

وما جرى في النبطية أمس الأول أيضاً بدا بمثابة الوجه الآخر للتداعيات الخطيرة التي يرتبها التفلت الامني في ظل الهجمة التي تعرض لها المتظاهرون من عناصر الشغب، الامر الذي أدى الى سقوط جرحى وأثار خطر نشوب مواجهات مسلحة.

ووسط هذه المعالم الامنية التي واكبت تطورات الاحتجاجات المستمرة يمكن القول إن مرور الاسبوع الاول من الانتفاضة ترك مجموعة خلاصات ووقائع مهمة للغاية يأتي في مقدمها ان المواجهة تبقى مفتوحة بل مرشحة للتصاعد بين مجموعات الانتفاضة الشعبية والسلطة السياسية وسط ازدياد عوامل الغموض حيال أي مخرج محتمل من الازمة التي ستبقى التساؤلات المطروحة حيالها من دون اجوبة ما دامت السلطة لا تتعامل بجدية علنية على الاقل مع المطالب الجوهرية للانتفاضة المتصلة أولاً باستقالة الحكومة وتأليف حكومة تكنوقراط مستقلة. الخلاصة الثانية البارزة تتمثل في المعلومات التي أفادت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كثف في الساعات الاخيرة لقاءاته مع الاجهزة الامنية للاطلاع على التفاصيل الدقيقة لمجريات الاحتجاجات، وفي ظل هذه الاجتماعات بات في حكم المتوقع ان يطل الرئيس عون على الرأي العام اللبناني برسالة الى اللبنانيين يحدد فيها رؤيته للتطورات الجارية ويطرح موقفه منها ومن المخارج التي يراها ملائمة لانهاء الازمة.

الاحتضان الكنسي

الخلاصة الثالثة تتمثل في الاهمية الكبيرة للبيان الذي وصف بانه «تاريخي» والذي أصدره مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، بعد اجتماع طارىء في بكركي برئاسة البطريرك الراعي، وبمشاركة بطاركة وممثلين للكنيستين الارثوذكسية والانجيلية، والذي تبنى بل احتضن الانتفاضة الشعبية معلناً «اننا نفهم انتفاضتكم ونسمع صرختكم، نؤيد مطالبكم، ولا نقبل أن تضيع. لذا نؤكد لكم أن انتفاضتكم ستبقى تنبض في القلوب حتى تتحقق إصلاحاً. ما فعلتموه هو أكثر من انتفاضة، إنه نهضة لبنان الوطن».

محاولات الجيش

وسط هذه الاجواء، حاول الجيش فتح الطرق العامة واعادة السير الى طبيعته عليها. ومن جل الديب الى الزوق وصولاً الى غزير فجبيل، تكرر المشهد نفسه وإن بنسب متفاوتة. وحصلت صدامات بين المواطنين وأفراد الجيش وعمليات كر وفر بين المتظاهرين والوحدات العسكرية.

الحسن

من جهتها ، أعلنت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن، أنه «بناء على توجيهات صريحة وواضحة من رئيس الحكومة ومن خلالي، لقيادة قوى الأمن الداخلي، نقوم بالحفاظ على سلامة المواطنين، والمتظاهرين في آن معاً، ومنع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة»، لافتة إلى: «إننا نتحاور مع المتظاهرين لفتح الطرق وتأمين وصول الخدمات للناس».

وأكدت الحسن أن «الحلّ ليس بالأمن، وهذا ما قاله الرئيس سعد الحريري وأؤكد عليه، إنما بالسياسة»، مضيفة: «المشكلة سياسية، ويجب التعاون سريعاً لاستعادة ثقة المواطن وتوفير الحلول للأزمات التي نمر فيها».