بقلم وديع شامخ/ رئيس تحرير مجلة النجوم

الفاعلون في الحياة في مختلف الحقول العلمية والأدبية والفكرية والرياضية والاجتماعية والثقافية عموما يدركون أن حياتهم سباق ماراثون طويل وحاملوا الشعلة  لا يستسلمون، كما انهم مثل عدائي سباق البريد يتبادلون عصا السباق حتى الوصول الى خط النهاية  .

سأخص  الحقل الثقافي للحديث عن التل والسلامة، في هذا الحقل حصاد وفير وزؤان لافت ، هناك مبدعون وهناك مدعون ، هناك أمراء وصعاليك ، هناك مواهب  وانصافها ، هناك مبادىء وسوق للمهادنات ، والحقل يسع الجميع .

هناك مبدعون أصحاب مشاريع جمالية وهناك  اصحاب الواحدة ونجوم المهرجانات.

…….

في سوق الثقافة سلع تتبارى للوصل الى المتلقي ، بعضها تحمل أسم كاتبها وتأريخه وموهبته  ورسالته الجمالية والإنسانية ، وبعضها  تحمل فهلوة وثعلبية وحرباوية أصحابها .

سوق التلقي منشطر هو الآخر بين القارىء الذكي المنتج والحريص على إقتناء السلع غير المغشوشة وأصحابها من الأسماء والقامات الجادة في إبداعها ، وقاريء مسترخٍ تبهرهه  الأضواء وألاعيب المهرجين من الكتّاب وتشبع رغبته  الدخول معهم  في عوالم من الوهم .

وهناك  ركن بالغ الأهمية في سوق السلعة الثقافية  وهو الناشر ، وما أدراك مالنشر ،هذا اللاعب المهم الذي كنا نسمع به كضلع من اضلاع  انتاج الثقافة والنهضة الجمالية والعقلية  بالقول المأثور « مصر تنتج وبيروت تطبع وبغداد تقرأ « هذا الكوجيتو الذي يلخص عملية إنتاج السلعة الثقافية لتوفر عوامل متوازنة من المؤلف الى الناشر الى القارىء.

…….

لقد اختلت المعادلة نتيجة لخراب شامل في البنى التحتية للثقافة  مع افساد متعمد للعقل والذائقة عبر أغراق السوق بتوافه المؤلفات» ابراج ، سحر ، طبخ ، روايات  عبير، عقائد وديانات ، شعر هابط ، جنس الخ»» .

الناشر يشارك في الهبوط  مع إهمال التعامل مع أسماء مبدعين راسخين أو نشره لكتبهم بعدد محدود لا يمثل أيّة  نسبة في سوق العرض .

وسيأتي الكُتبي – صاحب المكتبة ، البسطة –  ليكون هو الآخر عنصرا  فاعلاً في دورة  التلقي تأليفاً وانتاجاً.

البائع – الكُتبي –  محاصر بين مشروعه التجاري الربحي وبين الرسالة المفترض  ايصالها ، وهكذا تطبق كماشة السوق على المشروع الإبداعي مستسلمين الى نظرية – الوقوف على التل أسلم – ، وبعدها نظرية – الجمهور عاوز كده.

وتأتي الجوائز الإدبية من بلدان  هشة  إبداعيا لاشأن لها بالثقافة وتأصيل وتقدير المبدعين بقدر إهتمامها  بالترويج التجاري لعواصمها ، وهذه الجوائز تساهم في صناعة نجوم من ورق على الأغلب .

لكن الفاعلين  لا يمكن لهم غير  حمل شعلة الأولمب  وعدم الإستكانة الى دورة السوق  واشتراطاته عبر الإخلاص لمشاريعهم الإبداعية ، بفتح نوافذ  وكوى في جدار السوق وكماشته .

لابد من الإيمان بالرسالة الجمالية والإنسانية الى أقصاها ، فهناك دور نشر منصفة وسوق للقراءة لا يمكن الإستهانة به  كما يوجد باعة  لهم نصيب في الترويج  للبضاعة الثقافة غير المغشوشة. .

لطالما تغير  الكوجيتو الثقافي التنويري بين « القاهرة ، بيروت ، بغداد « فلا بد من التفاعل  مع سوق الثقافة  بكوجيتو جديد، يتعاون على خلقه – المؤلف ، الناشر ، الكُتبي ، القارىء_