بقلم / هاني الترك O A M
منذ نحو ثلاثة عقود من الزمن كان التبرع بالسائل المنوي مقبولاً للزوج العاقر من خلال ما يعرف IVF
In Vitro Fertilization اي طريق وضع السائل المنوي والبويضة في انابيب ثم نقل اللقاح الى رحم المرأة.
او عن طريق آخر وهو ما يسمى Artificial Insemination اي ما يسمى التلقيح الاصطناعي.. وذلك بزرع السائل المنوي رأساً في رحم امرأة.. وكان ذلك ايضاً للزوج العاقر.
ولكن بعد تطور الاوضاع الاجتماعية وخصوصاً الحريات الفردية اصبح معظم حالات الاخصاب عن طريق التبرع بالسائل المنوي للنساء المنفردات اللواتي يردن انجاب الاطفال بدون زواج.. او النساء المثليات الجنس اللواتي يردن الانجاب.
ومعظم متلقيات السائل المنوي في استراليا يشترونه من الخارج.. مع ان هناك تبرع بالسائل المنوي دون شرائه.
وقد نظمت الحكومة في نيو ساوث ويلز قوانين التبرع اذ يُطلب من المتبرع تسجيل اسمه والتفاصيل عنه.. ويحق للطفل حينما يبلغ الثامنة عشرة ان يعرف اسم الأب المتبرع بالسائل المنوي .. وينطبق هذا القانون ايضاً على المتبرعين من الخارج.
جون مايجو البالغ من العمر 66 عاماً يتبرع بالسائل المنوي مجاناً للنساء وهو الأب البيولوجي لـ 18 طفلاً ومحجوز مسبقاً لعدة نساء معظمهن سحاقيات مثليات الجنس.. فهو يذهب الى الحمام الخاص بهن ويمارس العادة السرية ويحصل على السائل المنوي حيث يضعه بوعاء ويسلمه للمرأة التي تقدم له كأساً من النبيذ للاسترخاء.. وتستعمل المرأة السائل من اجل الحمل.. وهو يعمق من علاقته معهن شخصياً ليصبحن اصدقاء.. ويقول جون ان لديه ولدين معاقين بمرض التوحّد Autism ورغم ذلك يتبرع بسائله المنوي.. مع انه من الأفضل ان يخضع المتبرع للفحص الطبي والنفسي للتأكد من سلامة صحته.. على اي حال هناك نقص حاد بالمتبرعين بالسائل المنوي في الولاية مما يدفع النساء الى قبول جون كمتبرع.
وفي حادثة تدل على ازمة الاخلاق قام احد المشرفين على مركز بيع السائل المنوي العالمي وهو طبيب اختصاصي بوضع سائله المنوي ضمن العينات الموجودة في بنك المنى ولكن بأسماء مستعارة ومواصفات مزيفة.. واشترى 45 امرأة من سائله المنوي ظناً منهن ان ذلك السائل يقابل احتياجاتهن العالية.. وكانت النتيجة ولادة 45 طفلاً متشابهاً تقريباً لأن اباهم هو واحد وهو ذلك الطبيب المشرف على بنك المني العالمي.
وفي حادثة من واقع الجالية وقعت منذ عدة سنوات ان اعلن مستشفى نورث شور عن حاجته لرجال يتبرعون بالسائل المنوي نظير 75 دولاراً فذهب رجل من الجالية الى المستشفى عارضاً تقديم خدماته.. فقابلته الممرضة واعطته صورة امرأة من مجلة ووعاء فارغ وطلبت منه ان يذهب الى الحمام ويمارس العادة السرية ويضع السائل في وعاء اعطته اياه.. فأصيب الرجل بخيبة امل كبرى اذ كان يظن انه سوف يفرز سائله المنوي بالنظر الى امرأة جميلة بجسدها امامه.. على اي حال قبض المبلغ من المستشفى وعاد ادراجه الى حيث اتى.
وهكذا اصبحت الفكرة مقبولة الى درجة كبيرة في مجتمعنا الاسترالي.. وسوف يُطلق اول معرض للتوعية بهذه الممارسات الشهر المقبل حتى لا تشعر المرأة بالاحراج انها حملت عن طريق التبرع بالسائل المنوي.
واريد هنا ان اسجل رأيي :
صحيح اننا نعيش في مجتمع استرالي حر.. ولكني كحامل للثقافة العربية اعتقد بالحرية المسؤولة وليست الحرية الإباحية التي تُشرّع بزواج المثليين ومن ثم لا أؤيد انجاب المثليات للأطفال.. او حتى النساء المنفردات من دون زواج بطريقة غير طبيعية.. اني اؤمن بأن الزواج هو بين رجل وامرأة لذا صوّت ضد زواج المثليين في الاستفتاء.
فإن المجتمع الاسترالي قد تمادى وتجاوز نصوص الأديان وروح الأعراف والتقاليد الانسانية عبر التاريخ.. فبعد ان كانت الوحدة الاجتماعية الاولى للمجتمع هي العائلة المؤلفة من رجل وامرأة.. اصبحت الوحدة الاجتماعية الاولى هي الفرد.. فإلى اي مدى يقود المجتمع نفسه الى الدمار؟.