بقلم وديع شامخ / رئيس تحرير مجلة ‘النجوم’
يرتبط العقل البشري في مدار ٍ جنسي محضٍ ..
هناك شهوة أولى تتقدم الجنس البشري لحفظ النوع فقط، و توصف بخبث النفس الإنسانية كمصدرٍ من مصادر الإشباع الحسي الجسدي .
ارتبطت الشهوة في معناها اللغوي بشدة الجوع حدّ الوجد الى حاجة لإشباع النهم الحسي الإنساني .
وكان موضوع الشهوات غير صالح للإثارة العامة بوصفه حقلا مسوّرا بالألغام والأحزمة الناسفة في مجتمعنا المزدوج الوجوه والمصاب بعقدة الشيزوفرينا !
ربما لاتكون شهواتي بريئة في تورطها بالجانب الآيروتيكي ، وأنها بريئة تماما في تجاوزها حدود النفق الذي وضع لها سجنا وقفصا من ذهب .
شهواتي تمدّ لسانها الباذخ لتذوق كل متاح في جسد الوجود وروحه ، تمدّ لسانها السليط لترسم أسئلة مقلقة للحواس .
لقد مضيت بشهواتي الى رسم صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد للسؤال الوجودي القديم ، للسؤال عن جدوى الوجود بسخرية مرة ومرارة تارة أخرى ..
لم تكن الأشياء والرغبات والانسان والاشجار والجمادات، النزوات والتفاصيل الدقيقة في رسم صورة الوجود ، بعيدة عن ريشة شهواتي ..
شهواتي حميمية ودافئة ، ظاهرها شهوة وباطنها سؤال .. جوهرها الغوص في الجانب السفلي للموجودات .
فاذا كانت الشهوات أصل الشرور فأنا حملت شهواتي الى ُطهر الأسئلة ونزوة البهجة والفرجة على الكائن والوجود معا .
الشهوات ليست غرائز بهيمية نمارسها ، بل هي أسئلة الوجود الكبرى لتفحص أجسادنا الطافحة بسر الوجود الكلي وصاحبه.. الله ..
كل شهوة موطن لجمال ، فإذا ما كانت الشهوات تحيلنا الى خبائث النفس وعهرها ! فانني أراها طاهرة كروح بيضاء وقوة فاعلة لتفسير الجمال الانساني وإستيعاب المقاصد الروحية .
شهواتي أدلتي على وجودي ككائن يفحص جسده وروحه ونفسه ..
لا اتحرج منها بعفة الانثى المستلبة ولا اباركها ببخور فحولة منتصرة ..
أعلن شهواتي أسئلة خنثى لا جنس لها ..
رغبات تتخطى الحس وأسئلة تمرر بخارها الى مطر .. تحاول التشبث بجذورها الجمالية البريئة .. إذ لا دين لها ولا مذهب ، سوى انها شهوات إنسانية خالدة .
شهواتي علامات وفنارات على جسد وروح الكائن للشهادة على فطنة غير مفتلعة وصحوة كاملة في ضباب السواحل وغبار المدن .
الجسد حديقة المعنى وبستان الأسئلة ..و شهواتي الأريج .
شهواتي لغة تعتّقت في دنان الحب والسؤال معا .. شهواتي حائط مديد لمباهج العاشقين ،سبورة للعقوق .
شهواتي لامنازل لها ، لها أن تكون التاج والطريق معا .
شهوات ترتدي الجينز والتي شيرت وحذاءً رياضياً للنط على أسوار واسرار الحكمة النائمة في الصوامع .
شهواتي طفل يبري الوجوه ببراءته ، ويطوي التجاعيد بإشراقته .
لست باحثا عن مجد أحمر أو شهرة تتجاوز الذوق والقيم الأخلاقية والأعراف الإجتماعية ، بل أسعى لكل ما هو مزيف منها إزاء صرخة الأنسان الجمالية والأنسانية .
كما لم يكن من هدف وراء الخوض في موضع الآيروتكيا إضافة كتاب على حائط الفضائح الإباحية بإسم الأدب الجريء .
جرأتي شعرية جمالية وأسلوبية ، ومغامرتي بحث لا يكف عن الحفر في غابة الشعر للذهاب بها الى أقصى الدهشة والتتوع والجنون.