انطون سابيلا- سدني

انطون سابيلا- سدني

ليس جديداً القول أنني عملت في الاعلام العربي الاسترالي على مدى أربعين عاماً وفي مهمات ومجالات مختلفة. كان اول عمل لي في برنامج الشرق الاوسط الاسبوعي باللغة الانجليزية الذي كانت تبثه إذاعة 2SER-FM التابعة لجامعة سيدني التكنولوجية.  ثم ساهمت في القسم العربي باذاعة اس.بي .اس الحكومية كمحرر ومذيع للبرامج الاخبارية والثقافية.

وخلال عملي الحكومي عملت ايضاً كرئيس تحرير لصحيفة “صوت المغترب” بعد بيعها لرجل اعمال وهي من أوائل الصحف المهجرية التي اسسها الزملاء والاصدقاء الاشقاء جان وميشيل سمعان.  ثم عملت كمحرر للشؤون الاسترالية ومحلل سياسي في صحيفة “النهار” الاسبوعية التي كان مؤسسها ورئيس تحريرها عميد الصحافيين العرب في استراليا الراحل بطرس عنداري.

وشاركت ايضا في تحرير الشؤون الاسترالية وكتابة التحليلات السياسية العربية والدولية في صحيفة “التلغراف” اليومية وهي أكثر الصحف العربية انتشاراً في استراليا. كما عملت محرراً للشؤون الاسترالية في صحيفة “المستقبل” التي يراس تحريرها جوزيف خوري.

وفي المجال الاذاعي عملت ايضاً محرراً ومذيعا للبرامج الاخبارية مع الراحل نبيل طنوس في اذاعة 2000FM والذي يُعتبر عن وجه حق عميد المذيعين العرب في استراليا واكثرهم احترافاً وجراءة في معالجة قضايا الساعة. ومن الجدير ذكره أنه حتى الان ليس هناك من مذيع أو مذيعة عربية في استراليا يستطيعون ملىء الفراغ الذي تركه الراحل طنوس.

وعملت أيضاً في المجالات الاعلامية الناطقة باللغة الانكليزية من ناحية كتابة المقالات باللغة الانكليزية لصحف استرالية رئيسية مثل “الأستراليان” واجراء مقابلات حول شؤون الشرق الاوسط مع الشبكات الاذاعية والتلفزيونية الاسترالية.

بالإضافة لكل ذلك عملت لعشر سنوات كمدير لمنسقي الجاليات المهاجرة في وزارة التعليم الاسترالية ومستشار لهيئة تعزيز التجارة مع منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا.

كان الاعلام العربي في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي منقسماً إلى قسمين رئيسيين: القسم الذي يغطي مصاريفه من اشتراكات السفارات العربية في كانبيرا والاعلانات الحكومية وبعض الاعلانات التجارية مما جعله رهينة لسياسات الدول الداعمة ومنعته من الدفاع عن القضايا العربية والشرق الأوسطية التي تتعارض مع توجهات “المانحين.”

أما القسم الثاني فقد كان ايضاً يتقاضى اشتراكات من السفارات العربية لكنه كان جريئاً ومدافعاً عن القضايا العربية بشكل لا يدعو للشك مما جعل بعض السفارات تحرمه من الإشتراكات.

القسم الاول كان لا يتصدى للمواقف الحكومية الاسترالية المؤيدة لإسرائيل خوفاً من خسارة الاعلانات الحكومية بينما القسم الثاني كان يتصدى لها بقوة وبدون خوف أو وجل وكان يستمر في الحصول على الاعلانات لأن الحكومة لا تريد إغضاب الناخبين.

ومع أن اتجاهاتي كانت دائمة محايدة فقد كنت من بين الصحافيين الذين لا يترددون عن مهاجمة الحكومة ووزرائها وسياساتها إذا كان مخطئة. وقال لي وزير استرالي صديق ” أنت تعرف العقلية الغربية جيداً والسياسيين يحبونك لأنك في انتقادك لهم توضح لهم الخطأ الذي يسيرون فيه مما يجعلهم يصححون مواقفهم أو سياساتهم.” وأضاف معاتباُ آخرين ” من يمسحون الجوخ في الاعلام”، هل يعتقدون أننا نصدقهم؟ ابدا نحن لا نصدق كلمة واحدة ونعرف أن كلامهم يضرنا أكثر مما ينفعنا لأنه يحجب عنا الحقائق والمشاعر الحقيقية للناخبين.”

ومع ذلك هناك صحافيون، واخص بالذكر الزميلين انطوان القزي وانور حرب، رئيسا تحرير”التلغراف “والنهار” اللذين يدافعان عن قضايا الجالية العربية بكل إقدام وشجاعة مما يضعهما في مصاف الاعلاميين المحترفين.

وليس خافياً أن تراجع الاعلام العربي له علاقة بعالم الديجتال الذي سيغير الطرق التي سنتواصل ونتعامل من خلالها مع العالم المحلي والخارجي. واعتقد أن بعض الصحف العربية تعمل حالياً على معالجة هذه القضية المهمة. لكن الاذاعات العربية الاسترالية تتراجع لأن الناس تستمع وتتواصل الآن مع إذاعات الوطن عبر الانترنت إضافة إلى افتقار بعض الاذاعات العربية إلى المصداقية واعتمادها محللين “غير كفؤين وهامشيين”.

وهناك أيضاً صفحات على الفيسبوك وتويتر ومواقع على الانترنت تزود المهاجر العربي بكل المعلومات التي يحتاجها. كما ان بعض مذيعي ومذيعات البرامج العربية ما زالوا بحاجة لدورات تدريبية أهمها كيفية تحرير البرامج الاخبارية والدفاع عن قضية ما أو انتقادها، علمأ انهم يذيعون لجالية متعددة الفئات والاتجاهات والأذواق! .

قبل ايام قال خبير في عالم الديجتال “من لا يطور نفسه للتعامل مع هذا العالم سيجد نفسه وحيداً بعد عشر أعوام.” والتطوير لا يعني فقط ادخال الأجهزة الجديدة وانما ايضا تطوير واكتساب المعارف من جميع جوانبها لمواجهة عصر الديجتال وما بعده!