بقلم رئيس التحرير / انطوان القزي
إنه تشخيص طبي ويعني انفصاماً في الشخصية الإنسانية.
لكن ال «شيزوفرينيا» لا تنحصر بالأشخاص بل هي تصيب المجتمعات والأوطان التي تعيش البرودة والحرارة على صفيح واحد.
فيوم الأحد الماضي تظاهر عدد من العنصريين البيض في ضاحية بنريث في سدني، ودعوا الى التأمل بالعلم الإسترالي مندّدين بكل ما هو غير ابيض في استراليا داعين الى وقف هجرة غير ذوي العيون الزرق والشعر الأشقر..، في ذات اليوم كانت الأسترالية الأبورجينية السمراء أشلي بارتي تحقق حلماً أسترالياً وتحتل صدارة التصنيف العالمي في كرة المضرب «التنس» بعد فوزها في برمنغهام على الالمانية جوليا غورغيس وهي ثاني استرالية تتربّع على هذا العرش بعد الاسترالية ايفون غولاغونغ سنك 1976 اَي بعد 43 سنة.
مشهد آخر من انفصام الشخصية ولكن هذه المرّة من إيطاليا، فقد تجمّع يوم الجمعة الماضي سكان جزيرة لامبيدوسا الإيطالية متدثّرين بأغطية على درج كنيسة الجزيرة يستقبلون 20 مهاجراً تونسياً حملتهم الشرطة الإيطالية من قارب صغير كانوا على متنه في عرض البحر وأنزلوهم الى الشاطىء رغم قرار وزير الداخلية ماتيو سالفيني بمنع دخول سفن اللاجئين الى المياه الإقليمية للبلاد.
هذا نموذج عن الانفصام بين السلطة و الشعب.
ننتقل الى لبنان حيث تعيش ال «شيزوفرينيا» في أحسن حالاتها خاصة على المستوى العنصري.. ففي حين تزوّج كثير من اللبنانيين من خادمات سيريلانكيات وفيلبينيات وإثيوبيات ومنحوهن مع اولادهن الجنسية اللبنانية، نشاهد صورة ملصق عند مدخل أحد المسابح الكبرى في بيروت، يشير بوضوح إلى أنه يحظر إدخال «أجهزة الراديو وآلات التصوير والخادمات.. لأن بعض «الخواجات» ممن يرتادون هذا المسبح يشمئزون من رؤية الخادمات يسبحن بالبكيني»!؟.
وهذه اليافطة مرفوعة أمام مسابح كثيرة على الشاطىء اللبناني.
هل تتصوّرون كم هو رائج انفصام الشخصية في هذا العالم..
وما ذكرناه هو غيض من فيض المشاهد اليومية التي يندى لها الجبين!.