سكوت موريسون، الرجل العادي الذي يعيش في إحدى ضواحي سيدني أنجز عملاً خارقاً، أصبح اليوم بنظر العديد من الاستراليين «بطل المعجزات».
بعد فوزه في انتخابات خاسرة، انتقل موريسون من رئيس وزراء عرضي إلى بطل بارع لديه قدرات متعددة.
لديه الآن حزب وتحالف و77 نائباً هم شديدو الامتنان لما تمكن من إنجازه منفرداً.
الحق يقال ان الانتصار الذي حققه الائتلاف يحمل اسمه وتوقيعه وطُبع بطابعه الشخصي المميز.
كان اللاعب الوحيد الذي قاد منفرداً حملة الانتخابات. واجه حزب العمال وحزب الخضر والمستقلين وطعنات مالكولم تيرنبل وهجمات وإشاعات الإعلام اليساري واستطلاعات الرأي، وانتصر على الجميع.
لم يحدث ذلك في تاريخ استراليا السياسي ان تُختصر السياسة والطروحات العقائدية والبرامج الانتخابية وتجتمع كلها في شخص واحد.
والأمر اللافت الصادم بالنسبة للبعض، أن موريسون لم يحقق انتصاراً منتقصاً، بل حصل على الأغلبية التي ستكرسه زعيماً على الائتلاف دون منازع، وقيادياً استراليا يُحسب له ألف حساب من الآن وصاعداً.
ان ما حدث في استراليا في 18 أيار هو تحول لافت، ليس في العمل السياسي فحسب، بل سوف تؤرخ النتائج ان الشعب حاسب، واختار وقرر… الشعب قال كلمته الحاسمة وضرب كل المعايير والاعتبارات السائدة.
على حزب العمال اليوم، وفي ظل قيادة جديدة، ان يعيد النظر في طروحاته السياسية وتطلعاته المستقبلية، بعد أن ابتعد عن قاعدته الشعبية واكتفى بطروحات بيروقراطية عقائدية لا تمس الواقع بأية صلة.
18 أيار هو بداية تحول في الولاء للأحزاب، بعد أن طرح موريسون نفسه زعيماً خارقاً للالتزامات الحزبية المسبقة.
لن تجرؤ بعد اليوم أية معارضة عمالية أو أحرارية ولعقود من الزمان، على تبني أجندة تغيير شاملة وجريئة، كما فعل حزب العمال في هذه الانتخابات.
لقد أخطأ بيل شورتن كما فعل قبله جون هيوستن عندما اقترح الأخير سياسات مختلفة تماما عن الاقتصاد الاسترالي. فاحترقت كل أوراقه واستبعد حزب العمال عن الحكم لثلاثة سنوات قادمة.
ربما ظن قادة حزب العمال أنهم قادرون على تحقيق انتصار آخر بعد قرار مشروع قانون زواج المثليين، وان أغلبية مؤيدي الاستفتاء العام (المشكوك بصحته) سوف تدعم برنامج العمال الإصلاحي.؟
الحقيقة الصادمة، ان الشعب ساءل مرة جديدة حزب العمال وعاقبه لالتزامه بأجندة بعيدة كل البعد عن تطلعات وآمال وهموم الناس.
لقد عاقب الناخبون حزب العمال، بعد أن تجاوز كل حدود المنطق، وأراد أن يكون وصياً على العائلات وأن يقرر، حتى الميول الجنسية لدى الناس…!!
لهذا عاقب المواطنون حزب العمال بقساوة.
وضع العمال التبدلات المناخية المزعومة قبل لقمة العيش، كما وضع مصلحة «الأجندة الدولية» قبل مصلحة العمال… فعاقب الناخبون حزب العمال، وأيدوا موريسون دون تردد.
مرة أخرى أكد الشعب في استراليا أنه يفضل التطور التدريجي على الإصلاحات الجزرية، ووالنمو الهاديء على الانقلابات المبطنة. لقد تمسكت استراليا بما تبقى من الثوابت الإيمانية والأخلاقية والحريات الإنسانية والدينية علي أمل أن يعيد موريسون كل ما خسرته من هذه الثوابت. بعد أن مال حزب العمال نحو الخضر. متخلياً عن ثوابته التاريخية، على أنه حزب الطبقة العاملة المحافظة والقادرة على بناء بلد مزدهر، متنامي يسير نحو المستقبل، لأنه يمتلك فرصاً عديدة.
بانتظار ان يستفيق حزب العمال من صدمته، سوف يصدم قادته مرة أخرى كون التبدلات الاجتماعية التي أساؤوا قراءتها لا تميل إلى صالحهم، كونهم يواجهون الآن بطلاً، قادراً على توحيد حزبه وقيادته نحو انتصارات عديدة قد تبُقي حزب العمال في المعارضة لسنوات قادمة.


