صدر عن مؤسسة الانتشار العربي كتاب قيّم للإعلامية والمدرّسة في جامعة سدني شادية الحاج يحمل عنوان «اثمن من العصافير» .. وانا اعرف شادية كزميلة اعلامية منذ سنوات طويلة في استراليا.. ولكنني كنت اجهل طريقها العريق في المشهد الأدبي في لبنان الى ان قرأت كتابها الثمين .. ويكفي ذكر مساهماتها في التراث العربي في تأسيسها المهرجان السنوي الناجح «الميراث في البال».
وفي تقدمة الكتاب تقول الشاعرة نهاد الحايك ان شادية تدخل الى استديوهات الاذاعة بصحبة رفيق عمرها الشاعر والفنان والكاتب المسرحي والسينمائي الراحل اندريه جدعون.. كتوأمين يتحرّكان ويصمتان ويتحدثان وكأنهما لم يغادرا خشبة المسرح.. كانا دليلاً ساطعاً على ان الحياة مسرح لكنهما لم يمثلا بل يعيشان على هذا المسرح بصدق وامانة.. فإن مساهمتها في وسائل الاعلام فيها من الجديّة والعمق والابتكار والرصانة والسلاسة مما يجعلها راسخة في ذاكرة الجمهور.
سجّلت شادية في التلفزيون حضوراً مؤثراً وفاعلاً مثل برنامج «بين العلم والخرافة».
وفي المسرح الرحباني الفيروزي شاركت تمثيلاً في اوبرالي «بترا» التي عرضت في الاردن ولبنان وسوريا .. وفي الصحافة لها كتابات مميزة بالنظرة الثاقبة والاسلوب المحكم في النهار العربي والاسترالي. فلها سجل حافل ومشرق في لبنان قبل ان ترحل الى استراليا حيث حملت معها جراحات الوطن ورسالة ثقافية وتربوية منيرة .. وفي تجربتها في تعليم اللغة العربية والادب العربي للطلبة في جامعة سدني سمّت نفسها في الكتاب «شذى» وقامت بدور رائد في عملها كمحاضرة في جامعة سدني حيث منحت تقديراً خاصاً وجائزة مميزة من ادارة الجامعة بإقدام الطلبة غير العرب الدراسة في صفها. ويضم كتابها فساحات من مختلف الانشطة في عشر نثري .. اضافة الى مقتطفات من شعر اندريه جدعون خلال سنوات الحرب في لبنان ما بين 1978 و1984 . وبلغت شادية الذروة في الكتاب حينما شدت « العتمة طير منبوذ في عينيك.. واحرفي لهوة السماء … حزنك مشيئة الفصول.. ومائي عسكر الجنّ.. في ساحات الوهم.. احب ان اطير عند فناء الارض.
فإن اللغة التي حملها الكتاب هي التي حملها «الحجاويون» من الكبير لويس الحاج، الى اول رواد الشعر الحديث انسي الحاج. والمبدع عدلي الحاج، والكاتب جاد الحاج.
ترى هو في السلالة ان تكون شاعراً، كاتباً واديباً؟
ان تقرأ شادية الحاج، يعني ان تحيا على نبض زمن خفت فيه نبض الحياة.