زهير السباعي
سمعنا من كبار المسؤلين في الادارة الاميركية الكثير عن ضرورة خروج ايران وملحقاتها من سورية بعد شعور الادارة الامريكية وحلفاؤها بالخطر الشديد حيال تنامي النفوذ الايراني في سورية
والذي بات يشكل تهديداً لدول الجوار خصوصاَ الاردن والسعودية اللتين تقعا ضمن المخطط الفارسي المسمى بالهلال الشيعي في الشرق الاوسط وازداد هذا الخطر بعد تزويد ايران لحزب الله اللبناني بالاسلحة المتطورة وصواريخ وتقنيات عالية الجودة وحديثة وباتت تشكل خطراً جدياً على الامن والسلم العالمي، مما دفع بالمندوبة الامريكية نيكي هيلي القول بأن قوات بلادها ستبقى في سورية حتى إخراج ايران والجماعات المسلحة المرتبطة بها من سورية بعد تجاوزها للخطوط الحمر التي رسمتها وحددتها واشنطن لها، هذا التصريح لهيلي يردده الكثيرون في الادارة الامريكية وبشكل مستمر ومع ذلك تستمر ايران بالمضي قدماً في تزويد النظام السوري وقواتها العسكرية وحزب الله اللبناني والميليشيات الاخرى المتواجدة في سورية بالسلاح والعتاد والمال كونها تسعى الى تأمين طريق طهران بغداد دمشق عمان مكة بيروت باتجاه البحر الابيض المتوسط لتثبيت نفوذها في المنطقة ودعم قاعدتها العسكرية في التيفور التابعة لفيلق القدس الايراني محولة سورية الى جنوب لبنان آخر، وهذا مايقلق وتخشاه الاردن وتركيا ودول الخليج العربي التي تريد حصر النفوذ الايراني داخل الحدود الايرانية وعدم السماح لها بالتمدد في المنطقة كالاخطبوط كما اعلن الخميني بعد انتصار ثورته عام 1979 بدعم من امريكا واوروبا بأنه سيصدر ثورته ومبادئها الى دول الجوار، لايخفى على أحد بوجود اتفاق سري بين روسيا وامريكا واسرائيل لإخراج ايران من سورية وهذا ماصرح به لافروف حيث اكد بإزالة جميع مخاوف اسرائيل في الجولان وان انظمة الصواريخ اس 300 سيديرها عسكريون روس وكأن النظام السوري بات عاجزاً عن حماية حدود وأمن اسرائيل طيلة نصف قرن الماضية، يأتي تصريح جديد لنيكي هيلي بأن امريكا لن ترغم رأس النظام على التنحي او الرحيل لكنها مقتنعة بأنه سيترك منصبه بنفسه، ياسيدة هيلي كانك لاتعرفي طبيعة الحكام العرب، أعطنا مثالاً واحداً لحاكم عربي ترك منصبه بمحض إرادته؟ اذا البواب مابيترك منصبه بدك الرئيس يترك؟ ربما تريد هيلي ابعاد النظام عن ايران بتلويحها للجزرة والابقاء على العصا التي تلوح بها امريكا في حال استخدامه للسلاح الكيماوي، الضربة الامريكية لن تستهدف النظام بل ستوجهها لايران وملحقاتها في سورية لتغيير سلوكها، السؤال المطروح هل كان بإستطاعة ايران أن ترسل جندياً واحداً الى سورية لولا الضوء الأخضر الامريكي الروسي الاسرائيلي؟ من الذي سمح لايران بالتمدد في لبنان وتشكيلها لحزب الله اللبناني ومده بالخبرات والسلاح والمال؟ من الذي سلم العراق لايران التي استولت على ثروته ومقدراته وأنشات مايسمى بقوات الحشد الشعبي الرديفة لقوات الحرس الثوري الايراني؟ من الذي سمح لايران بتزويد الحوثيين في اليمن بالسلاح والعتاد والمال ليهددو أمن وسلام السعودية ؟ من الذي يسمح لقاسم سليماني بالتجول في سورية ولبنان والعراق ليقرر من سيفوز بالانتخابات العراقية ؟ والحبل ع الجرار، هل بلعت ايران الطعم الامريكي في سورية كما بلعه صدام في الكويت؟ لقد تم استنزاف ايران وثروتها الطائلة في سورية ومعظم الشعب الايراني يعيش تحت خط الفقر وعملتها الوطنية هبطت الى الحضيض الم يكن بوسع ايران صرف هذه الثروة في تنمية مشاريع اقتصادية لرفع الحالة المعيشية لمواطنيها؟ ماتصرح به الادارة الامريكية بأننا لن نخرج من سورية قبل ان تخرج ايران هو كلام ساذج ، كأن ايران دخلت سورية رغم أنف امريكا، فالمخطط الامريكي الذي بشرت به كونداليزا رايس القرن الماضي فوضى خلاقة نحو شرق أوسط جديد لابد من تحققه وربط بقاء امريكا او خروجها من سورية بالوجود الايراني ليس له علاقة او صلة بذلك، فالجميع يعلم ان كل مايجري على الساحة السورية من حروب واقتتال داخلي ومعاهدات واتفاقيات وتقاسم للمصالح وقتل وتدمير وتهجير ممنهج إنما يتم بموافقة وتوجيه من الادارة الامريكية التي تتحكم بدفة الصراع وتديره عبر وكلائها الاقليميين المحيطين بسورية والمتدخلين الخارجيين كروسيا وايران ومصر ودول الخليج واوروبا وقد حصلت امريكا على ماتريد في سورية دون ان تخسر جندياً واحداً لذلك قررت إنهاء الحرب في سورية بعد ان قبضت الثمن وهذا مايفسر لنا تصريحات نيكي الاخيرة، إضف الى ذلك البيان المشترك لمجموعة الدول السبع حول سورية الصادر عن حكومات مصر فرنسا المانيا الاردن السعودية انجلترا وامريكا الداعي الى الاسراع في تشكيل اللجنة الدستورية لدفع جهود الامم المتحدة للوصول الى الحل السياسي في سورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 بعد تعطيل مسار استانة لمسار جنيف صح النوم
مع اقتراب دخول الثورة السورية لعامها الثامن فجأةً يصحو ضمير حكومات هذه الدول بالدعوة لبذل جهود دبلوماسية مقترنة بإرادة دولية لإنهاء مأساة ومعانات الشعب السوري الذي كان ضحية لمؤامرة دولية عليه وعلى ثورته، فالشعب السوري قام بثورة حقيقية من أجل التغيير التام والكامل في البلاد فالثورة هي التغيير الكامل لجميع المؤسسات والسلطات الحكومية في النظام السابق لتحقيق طموحات التغيير لنظام سياسي نزيه وعادل يوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع وبعبارة أخرى الانتفاض ضد الحكم الظالم وهذا مايحصل في سورية فهي ليست حرب أهلية او طائفية او اقتتال داخلي كما يصورها البعض إنها ثورة شعبية وشرعية، اليوم يدور الحديث عن تشكيل لجنة دستورية سورية تمثل فيها الأطراف بنسب الثلث معارضة، نظام، مستقلين وهي ثمرة جدباء لتضحيات ملايين السوريين بين شهيد ومهجر ومعتقل لمجرد أنه أراد تغيير نظام حكمه السياسي الذي من المفترض أنه مصدر السلطة في نظام عقده الاجتماعي كحاكم ومحكوم، الشعب السوري لم يضحي بكل مايملك من أجل تغيير عدة فقرات في الدستور ليلائم الحاكم بتواطؤ دولي وأممي، لقد شرع دي ميستورا بانتقاء 15 شخصاً من ثلاث قوائم قدمتها الدول الضامنة لمسار استانة ومن المتوقع ان تتكفل الدولتان روسيا وايران بأن يلعب الثلث الممثل للنظام السوري دور المعطل في هذه اللجنة ليمارس الجهالة الدستورية على أي مبادئ تحمل في طياتها تغييرًا جوهريًّا يمس سلطة النظام الفعلية وهي مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية التي قد تقترحها المعارضة وشريحة المستقلين تحت ذريعة اللحمة الوطنية والإرادة السورية
أخيراً اللعبة الدولية ضد الثورة السورية بإعتقادهم قد نجحت وتم إعادة تدوير النظام وعلى جميع القوات الاجنبية الخروج من المستنقع السوري ورماله المتحركة فالحروب بالوكالة أثمرت والكعكة السورية بنفطها وغازها ستكون من نصيب امريكا وإعادة الإعمار سيكون من نصيب الدول التي شاركت في قتل الشعب السوري وتشريده ولكنهم نسو بأن من انتفض ضد اعتى نظام بوليسي قمعي رافعاً شعار الموت ولا المذلة مازال على قيد الحياة ومستمراً في ثورته حتى تحقيق اهدافها فالثورات لايمكن القضاء عليها حين تقترن بإرادة شعبية والقدر سوف يستجيب لهذه الارادة عاجلاً أم آجلاً.