فتح الزميلان سيلفا مزهر وفارس حسن في برنامج «Good Morning Australia صباح الخير استراليا» مقولة قد تكون مثيرة للجدل بأن العصا لمن عصى.. وقالت سيلفا بأن تعليم التلميذ في الصغر من خلال معاقبته بالضرب البدني وسيلة تعليمية كانت متبعة في الماضي .. .. مما يتطلب في العصر الحالي تأهيل المدرّس قبل تأهيل الطالب.
فُتح الحوار لأخذ رأي المستمعين الذين اجمع معظمهم على ان العنف اصبح وسيلة قديمة في تعليم الطفل.
اما بالنسبة لي ، فلديّ وجهة نظر اخرى قد تختلف او تتفق في بعض الاحيان مع هذا الاسلوب من العقاب.
في بادئ الأمر كانت العصا في يد المدرّس ثم انتقلت الى يد الإدارة المدرسية واصبح المدرّس هو الممنوع من استعمالها.
ثم بعد ذلك اختفت تماماً واصبحت نسياً منسيا.. وبدأت تزول وتضمحل حتى بدت في النهاية الى عبارة «من أمّن العقوبة اساء الأدب».. وبعد ذلك بدأت صورة المدرّس تهتز تدريجياً الى ان اصبح مهرّجاً يحاول جاهداً ان يخرس اصوات التلاميذ ليلفت انتباههم من الدرس ولكن لا حياة لمن تنادي.
والمفاجأة الكبرى او نستطيع ان نطلق عليها الطامة الكبرى ان العصا عادت من جديد .. ولكن هذه المرة الى يد الطالب بدأنا نسمع عن قصص ضرب المدرّس ويأتي ولي الأمر ليكمّل الأمر.. ويستعمل وسيلة اشدّ قسوة وضراوة وهي لهجة التهديد.
قديماً كان التلميذ يتغيّب عن المدرسة خوفاً من العقاب ولكن انقلبت الآية الآن واصبح المدرّس يغيب عن المدرسة خوفاً من التهديد.. او يتعرض للضرب او القتل على يد التلميذ او ولي الامر.
لذلك انقلب الوضع واصبح علينا ان ننتزع العصا من يد التلميذ حتى لا ندفع الثمن التي نتحدث عنه فقد انحدرت القيم مع مرور الزمن بسبب مجانية التعليم .. وتحوّل الأمر الى بلطجة حقيقية.. ويجب ان يتحمّل ولي الأمر تعليم اولاده احترام وقيمة المدرّس.
اني اترحّم على الزمن الماضي الذي قال فيه امير الشعراء احمد شوقي:
«قُـم لِـلـمُـعَـلِّمِ وَفِّه التَبجيلا, كـادَ الـمُـعَـلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا»
لهذا ارجو ان يُطبّق الثواب والعقاب في التعليم .. فإن العقاب هام ولكن لا يعني ذلك عدم اغداق المحبة وتشجيع التلميذ على التعليم وذلك عملاً بالمقولة:
«العلم في الصغر، كالنقش في الحجر»
على ان تُستكمل بمقولة :
«المحبة في الصغر هي الحسن في الكبر».
فإن الثواب بقيام التلميذ بواجباته المدرسية والمنزلية وخلق روح الابداع فيه والاستقلالية وحب المعرفة. مع ابقاء مفهوم «العصا لمن عصى» .. بعدم عقاب الطفل بالإيذاء الجسدي لأنه يؤدي الى الشعور بعدم الثقة بالنفس .. وربما الى الاكتئاب والحزن .. ولكن بحرمان التلميذ من وسائل الترفيه واللعب واللهو .
اي ان الحل الأمثل العصري هو تطبيق نظرية الثواب والعقاب من اجل علاقة سليمة بين المدرّس والتلميذ تضفي على عملية التعليم علاقة تربوية صحيحة تخلق من التلميذ انساناً فعّالاً في المجتمع.
تعليق محرّر الشؤون الاسترالية هاني الترك OAM
بالفعل يجب عدم ضرب التلميذ لأن ذلك يؤدي الى الإيذاء الجسدي والإعاقة النفسية والجسدية والاكتئاب والحزن والخوف والذعر من الناس وفقدان الثقة بالنفس وربما الى الامراض والعقد النفسية.. ولذلك تحظره الدول المتقدمة.
فقد تبيّن بعد البحث ان تعليم التلميذ يعتمد على الدفء والحنان والعطف الذي يحاط به التلميذ في الاسرة ثم في المدرسة من اجل نمو الطفل الصحي والنفسي والاجتماعي السليم.. فإن مكافأة التلميذ تخلق روح الابداع لديه وتشجعه على الاستقلالية وحب المعرفة.. فإن الشعور الاساسي للنمو السليم هو شعور التلميذ بالكفاءة بشخصيته.
ولكن المجتمع العربي مجتمع تسلطي.. فالأباء يرزحون تحت عبء التسلطية كقيمة في الثقافة العربية وتشمل الحياة الاجتماعية والسياسية ووسائل الاعلام من الجوانب الاخرى الحياتية.. مما يترتب عليه الاتجاهات السلبية في نمو شخصية التلميذ العربي فيما بعد بالانصياع لتوقعات الكبار ومن بينهم المدرّس .. لذلك فإن نظرية الثواب والعقاب هي الحل الأمثل .. فإن العصا والضرب تقضي على فردية الطفل وتحطم شخصية مواطن الغد.