وديع شامخ – رئيس تحرير  مجلة “النجوم”

محمد رضا بهلوي  نهاية  العميل

في مذكرات  آخر سفير بريطاني في طهران  حول  الايام الاخير للشاه  محمد  رضا بهلوي ـ يشير  الى صناعة خرافة القوة للدكتاتور المتهاوي عبر صناعة  هوليودية   لبث  الروح  في الشاه المحتضر .

اتذكر كيف كان السفير الانكليزي   يصف قدرة  ماكنة الاعلام البهلوي  لانتاج صور مفبركة عن وجود الشاه بين  الجماهير ، عبر حيل ، اجزم انها نواة الفوتوشوب  الآن .

الشاه يسير بعربة مكشوفة والجماهير الغفيرة تحييه  من كل جانت وتلتحم به ، ولكن الواقع ان  الحقيقة تقول ، ان الشاه رضخ  لقوة  الاعلام وراح يتقمص دور الممثل ، فحشروه في استوديو  وممرات زجاجية لكي يؤدي دور الشاه البطل  ، انقاذا  لهشاشة صورته في الواقع  الايراني .

هكذا انتهى  درس امريكا مع  كلب حراستها  في الشرق ? الاوسخ-  لكن مع عظمة يابسة  في قبوله حيا ، لاجئاً  في مصر .

ذهب الشاه  وجاء الخميني.

بورقيبة  درس  العقل

في  فوراته   وخطبه  كان الرئيس   التونسي بورقيبه  يمتلك بعدا رؤيويا  لتاريخ شعبه ومستقبل محيطه العربي ، فهو  قد بكّر في الاعتراف  في اسرائيل  ـ وطالب بطريق السلام  والعيش  المشترك ، كما  أقر دستورا  مدنيا لتونس  يوفر للمرأة حريتها خارج الشرائع  الدينية ، بور قيبة  بلغ به الخرف  ، فجاء الدستور  ليحمي تونس ، فصار الوزير الأول بن علي  على دفة  الحكم ، واعتزل بورقيبة الحكم معززا مكرماً في قصر منيف  حتى وفاته .

ولكن الخراب  العربي  وفساد بن علي  جعل شرارة « بو عزيزي «  نارا في الهشيم  ، فسقط بن علي  وجيء بالحزب الاسلامي  بعد عقود من مجيء   الخميني  للسلطة .

صدام حسين  من اعلى القصور الى ادنى الحفرة

    ُنحر صدام حسين أضحية للعيد وبشارة  للعراقيين في عهد جديد ، صدام كان رجل امريكا  الوسيم مع قدرة تمثيلية  عالية في  تقمص دور الفارس العربي  والفاتح القومي  وبطل  التحرير وصاحب الالقاب  الأثيرة ، فهو  مردوخ  ذو الالقاب الخمسين ،و حامل راية نبوخذ نصر   ومغتصب تاريخ بابل ، وسليل الدوحة المحمدية ، وله  من النزوات ما  يشهد لها العراق  الآن.

ذهب صدام وجاء  السادة والمراجع  والاسلام  السياسي  في محاولة لاستعادة الخميني  أيضا .

القذافي  والخروج عن  النص

كان معمر القذافي فاكهة القمم  العربية ، بتسريحه شعره ، بملابسه  ، بمشاكساته ، في نزواته .

كان ممثلا حقا عن حقبة  خضراء لسيادة الدكتاتوريات العربية ، وله كتاب أخضر يوثق حماقاته الفكرية .

الوحيد الذي استشعر موته.

في القمة العربية  التي عقدت في ليبيا ، كان القذافي  أبيض جدا ، وفاحت منه رائحة أمريكا ، كعميل منتهي الصلاحية .

لقد قال القذافي  مخاطبا القادة العرب  عن مصير صدام حسين « الدور القادم  عليكم ، وخص نفسه تحديدا  ، وقال» اتكلم عن نفسي وعلاقتي بأمريكا «  فغدا سوف تسمح  أمريكا بشنقنا «

وتحققت نبؤته ، وكان درس امريكا باشطا وماضيا  لا يسمح  للهفوات .

القذافي كصاحبه صدام حسين  قد بالغا في الخروج  عن النص الامريكي .

رحل القذافي   بلا قبر ولاشهادة .

القناعة كنز

قادة وملوك  ،امراء وشيوخ وسلاطين  بلعوا  طعم القوة ، وامتثلوا لصاحب المقام ،  وعاظ السلاطين  نمّطوا الدرس ، فقهاء الدين  استلوا  مُذهّبات الفتاوى  ليقيموا الهدنة مع الفاتح القوي عقدا وفرضا شرعيا  .

أناس  تعرف قياسها وقدرها  ولاتسبح عكس التيار .

السباحة عكس التيار تحتاج الى  ذوات  استثنائية ورسالة كبرى تتمتع بالقبول  واقعيا وعمليا وجماليا  ، تضمن للحاضر الاستقرار وللمستقبل  الازدهار ، غير هذا فالقناعة كنز .

  اعتراف  أفريقي

فخامة الرئيس للأبد المشير الحاج الدكتور عيدي أمين، الحاصل على أوسمة VC وDSO وMCعيدي أمين وكما يدعى  « سيد كل وحوش الأرض وأسماك البحر، وقاهر الإمبراطورية البريطانية في أفريقيا عمومًا وأوغندا خصوصًا، أُطيح به نتيجة لتمرد عسكري».

يقول عيدي امين في مذكراته   -نقلا  عن صديق أثق به-  قرأ مذكرات عيدي امين « ذهبت الى امريكا لتثميل  اوغندا كبطل في الملاكمة ،  ععرض علي ان حاكما  لبلدي ، قبلت العرض ، وفي يوم من الايام اخذوني  الى قاعة لتلقي محاضرات ، فوجدت شابين  اسمرين يجلسان ، فقلت من هما « قالوا : هذا صدام حسين الحاكم العراقي القادم وهذا القذافي  الزعيم الليبي القادم «

وقد اثبتت الوثائق  التي نشرت بعد سقوط صدام بشكل جلي  انه « رجل امريكا « وهو اعترف  في محكمته  للقاضي « لولا امريكا  لا انت ولا أبوك  يأتي بي هنا « يعني ضمنا ما ذكره القذافي في سطوة امريكا على تلاميذها .كما اعترف قبله  امين سر قيادة  حزب البعث في العراق  علي صالح السعدي  بالقول « جئنا بقطار أمريكي»

الكابوي الأمريكي  وقطيع  الساسة

كفاكم وهما  دعاة  العروبة والقومية ومعاداة الاستعمار والامبريالية والصهيونية  ، وانتم  اصغر من جرثومة حقيرة في ميكرسكوبات الدول الكبرى .

لكل زمن دورة  وظروف ، اسباب ونتائج ، لكل زمن قناعات  واستراتيجيات  واجندات ، لكل زمن  قاعدة واستثناء .

الكابوي الامريكي   ماهر حدّ اللعنة  في تقاطع المصائر