دينا سليم – أستراليا
تاريخيا،
من وصل سابقا إلى أستراليا كان منفيا من بلاده لأسباب سياسية وذلك في الهجرات الأولى، خاصة من بريطانيا العظمى.
امتلأت القارة من طالبي الحرية، نمت وكبرت وازدهرت، واستغل المنفيون العقاب إيجابيا. وعملوا على تحويل القارة البدائية إلى حضارة، سكنها في حينه عدة قبائل من السكان الأصليين (الأؤبرجين).
دارت الأيام وفتحت أستراليا أبوابها للجوء الشرعي، يلجأ إليها كل من اضطرته الظروف ومن تعرض لضغوطات من داخل بلاده.
وصل لاجئون متحدثي اللغة العربية من الشرق الأوسط، أكثرهم قبل سقوط النظام في العراق، انقلبت الموازين بعد ذلك في بلادهم فلجأ آخرون بعد سقوط النظام حتى تساوى المظلوم والظالم في شيء اسمه البحث عن القانون والأمن والأمان.
ولجأ بعد ذلك آخرين من دول عربية أخرى، المشكل هو أن هؤلاء الذين نشأوا على الخوف والرعب من اسم ما، استطاعت الديكتاتوريات العربية تحميله على أعناق مواطنيها، وهذا ذنب لم يقترفونه، هم حملوا هذا الرعب معهم إلى أستراليا التي تنادي بالحريات الفردية.
يخافون رعبا من الاسم ( إسرائيل ) وكلما حانت الفرصة للقاء فلسطينيين هاجروا من الداخل يرتابون ويرتعدون ويشككون.
حصل وبحثت عن اسم يشارك في مداخلة عن مظاهر عيد الأضحى في القارة الأسترالية، أساند بذلك صديقتي وزميلتي مقدمة برنامج حيوي يبث من اذاعة اسرائيلية عربية تدعى (مكان) وتخرج من الداخل الفلسطيني، من القدس وحيفا، رفض كثيرون المشاركة، تعبت في البحث حتى وجدت اسما عراقيا شجاعا، رحب بالفكرة وأدلى بشهادته وأعرب عن فرحته، وكان قد زار البلاد عدة مرات، هذا ما قاله عبر الهواء.
لكن، قال لي أحدهم: «هل توجد اذاعة عربية هناك وهل يسمحون اليهود بذلك؟ نحن الأكراد نعد بالملايين ولم يسمحوا لنا بإقامة إذاعة لا في سوريا ولا في العراق»!
على الرغم من التزمت الذي يبدر عن بعض النواب الإسرائيليين وخاصة النائبات اليهوديات متعصبات القومية، كم هن بشعات وخاويات، بقيادة نتنياهو الذي يحاول زرع نار الفتنة، وأظن أن العدوى أصابته فالتصق بكرسي الرئاسة كثيرا، إلا أنهم لن يستطيعوا قمع الوجود العربي في الداخل، ولن يفلحوا بذلك، لكن هل عرب الداخل يعون الكره الذي يحمله العربي الذي عاش في الدول العربية؟ سؤال مفاجئ حقا. لا أظن ذلك، ولا تتفاجوأ، أظن أنكم أكثر سماحة وطيبة من هؤلاء الذين عاشوا على الخوف!
ربما يكون خوفا أو رهبة أو تشكيكا، لكن هم يقعون الآن تحت ذات التشكيك والرعب عندما يظهر شخص فاتل عضلاته يريد الزعامة ويقوم بالتحريض والتخويف والتخوين، يقوم بتخويفهم من العودة إلى أوطانهم الأم، حتى في زيارة، يعني بالمشربح ( أو يتمشوا كيف بدي وأنا قبلكم هنا في أستراليا، أو بفسد عليكم إلى الرئيس وهيك بصير عندكم نقطة سوداء لن تتخلصوا منها ولن تستطيعوا دخول البلد)!
يعني الزعيم في (باب الحارة) يظهر فجأة أمام الناس المنكوبين الذين تركوا كل شيء وهربوا من ضرب الصواريخ التي نزلت على رؤوسهم، حتى يتزعم، وين كان رئيسك عندما تهجر هؤلاء الناس؟ وهل رئيسك فاضي الأشغال حتى يستلم منك التقارير التافهة، أم أنت (أو أنتم) أول الخائفين منه وتحملّون الناس مخاوفكم، تهددون وترعبون طالبي الحياة بسلام، ناس ما بدها مشاكل، أصبحت تلتزم الصمت وتقوقعت داخل بيوتها ينشدون السُترة من العبد، يزورون الكنائس الأجنبية المنفتحة عقليا، ليس للعبادة بل لمحاولة إيجاد شيئا يعوضهم عن أيام القلق، حتى أن أكثريتهم يرفضون زيارة الكنائس العربية! أما المسلمون منهم فمنقسمون بين الجامع والخلوة، (وقطّبها يا زمن)!
لا تصدقوهم فهم لاعنيكم، ولا تصدقوا كل من يلعب على عقولكم فأنتم تستاهلون العيش بسلام طالما أصبحتم هنا في دار الأمان، وتذكروا أن الظلم لا يدوم ولكل ظالم يوما، ولكل قصة نهاية وأنه لا يوجد شجرة وصلت حد السماء، ولا تخسروا ما يقدم لكم هنا من حياة أمان وسلام وطرق من أجل العمل والانسجام.