كتب عباس علي مراد
لقد عرفت كمال بركس كاتباً ومحللاً في الشؤون الإقتصادية والمالية والأعمال، حيث يصول ويجول في عالم المال والأعمال والأرقام والإحصائيات.
لكن كمال براكس في نصوصه التي عنونها ب(عذاب البقاء… وعقاب الفناء) المحبوكة والمسبوكة من إحساسيه ومعاناته ومعاينته ومعايشته لمحيطه والبيئة التي ينتمي إليها، لا يريد أن يحرم القراء من الجانب ألآخر من إهتماماته، والبعد الإنساني والأخلاقي والديني التي ترفد شخصيته.
يخوض براكس تجربة جديدة في موضعاتها بعيداً عن جفاف الأرقام، هذه المواضيع التي تتنوع عناوينها بين الوطني، القومي، الانساني، الأجتماعي، الفلسفي والنفسي معرجا على التفاؤل والتشاؤم، ويعطي المقاومة حقها الشرعي في مقاومة المحتلين في كل زمان ومكان، لرفع الغبن والظلم الذي يرافق الاحتلال، ويقول بهذا الخصوص ص111:(إن الظلم سواد أوقعه حاكم وطني على مواطنه، أوحاكم أجنبي على شعب مستعبد يبقى منكراً ومقاومته واجبة).
يرصد الكاتب ظاهرة الفساد ويفرد عنوان خاص بهذه الظاهرة ( المادة والفساد مستشريان في البلاد والعباد) ص33. ويظهر اهمية الدين بعد ان ضاعت الأسس القديمة للإستقرار الشخصي، ولم نجد أسساً جديدة تحل مكانها..(12 – 13). ويرى بأنه لا يوجد شيء آخر جعلنا ننظر الى الحياة بتزان ونزاهة …مثل الدين لأنه لا يوجد غيره عادل وشامل وكامل. وفي مكان آخر يخصص عنوانان للموضوع ص17 (ما بين الايمان والإلحاد) (العقائد الدينية والعالم الأرضي) ص 29.
يمقت براكس بشدة الفقر والجهل والتعصب ويركز على إرادة تقرير المصير حتى تتأمن الحرية والطمأنينة للشعوب (ص23).
ينتقد الكاتب شريعة القوة السائدة، ويرى أن العدالة بين الشعوب ما زالت أمنية سرابية..(ص25)، وليظهر الكاتب توجهه وحثه الانسان على مجاهدة النفس والميول والاهواء يستعين بالمهاتما غندي هذه الشخصية الانسانية التي خلدها التاريخ لما بذلته بهذ الاتجاه.(ص35)، ونراه يحذر من التشاؤم ويركز على التفاؤل (المتشائم وانحداره والمتفائل وانتصاره) ص47، ويركز في ص 56 على أهمية الصداقة والصديق المخلص في الحياة(ص56). وفي ص 72 يحذر بشدة من أخطار التعبد للمال لانه وبالاً على الناس والمجتمعات ويرى ان المال وسيلة وليس غاية.
ويفرد براكس عنوان خاص عن العائلة والتربية والتأثيرات الداخلية والخارجية (ص73)، ويحذر من الإفراط في تضخيم دور الرجل، والتقليل من دور المرأة، ويحث على المقاربة العلمية للتربية والنظام الأسري.
وعن البنوك وأصحابها وهو كما قلنا الخبير بعالم المال والارقام، يصف براكس كيف يستأثر هؤلاء بأكبر نسبة من الثروات، مع أن عددهم لا يتجاوز الألوف، ويضيف أن جمهور الشعب من العمال، فلا يملكون شيئاً من هذه المصالح…لا ينالهم شيء من هذه الثروة..(ص80).
ويتحدث براكس عن تقدم العلوم الطبيعية والتكنولوجيا وأثرها في التغييرات الأجتماعية (ص97).
أخيراً، وصل براكس في كتابه الى الأرتقاء فوق المصاعب والمتاعب، وبدل من أن يقف موقف المتفرج، فإنه أشعل شمعة الامل بدل ان يلعن العتمة، وقال كلمته ومشى في طريقه الانسانية المليئة بالغيرة والحرص على بني البشر ومصالحهم الدينية والدنيوية والأجتماعية والأقتصادية وغيرها.. بعيداً عن الهوى لأنه وفق ما قال فإن الله يحاسب الجميع لا وفق تسمياتهم أو مذاهبهم بل وفق أعمالهم بصرف النظرعن مذاهبهم (ص120).
للكاتب نقول مبروك هذا الكتاب على أمل ان نرى المزيد من أعماله في المستقبل.