وديع شامخ – رئيس تحرير مجلة “النجوم”
بين نيرودا الشيوعي وحسين علي يونس الصعلوك العراقي
ربما يتساءل القارىء عن مشروعية الربط بين شاعر كبير كنيرودا في كتابه النثري « اعترف اني قد عشت
وبين كتاب الشاعر حسين علي يونس الشعري» هل عشنا حياتنا»
التساؤل مشروع لاختلاف جنسيّ الكتابين أولا ، والكثير من الضوابط التي لا تنتصر لهذه المقارنة الجامعة .
هل يعني هذا انني انسف مقالي بمعولي أيضا
………
ليس كما تريد ايها القارىء فلدي من الاسباب ما يجعلني مقتنعا بهذه المجاورة والتوأمة بين السرد والشعر .
فالاعتراف من شاعر كبير كنيرودا بانه قد عاش حياته لا يتناقض مع سؤال شاعر عراقي ، هل عشنا حقا ، وهو تناص يحمل معنى الاستفادة الذكية من الشاعر المعلم نيرودا .
نيردوا الشاعر والسياسي والمناضل ذو الميول الشيوعية المتشددة وهو الذي خبر الحياة وتفاصيلها، وكتابه يحمل في طياته سؤال الحياة ، وعندما كنا في عنفوان الشباب كانت هذه الكتب مادتنا لادامة زخم الحياة ،, اتذكر قراءاتي للمذكرات بترجمة الدكتور محمود الصبح ، فكانت سيرة ملهمة تعلمنا أمراً ما أو حكاية إنسان احترف الشعر محياة وصادف أن عاش بين الشعر والسياسة مسافراً توحد العالم بقاراته بين يدية ويسن أوراقه صادف من الناس البسطاء و السياسيين و الثوريين و الكتاب و الأدباء ما جعل من سيرته هذه موسوعة قائمة بذاتها حيث تحتوى هذه السيرة على تفاصيل ملهمات شعره و تفاصيل دواوينه و علاقاته بالفنانين و غيرهم من البسطاء والعظماء ايضا «.
حسين يونس شاعر عركته الحياة نأى بنفسه عن مطبات العمل في المؤسسات الرسمية في حقبة صدام حسين وناله شرر الحداد وكير الشعراء، لانه ادار مؤسسة نشر خاصه لنشر اشعاره في كتيبات رخصية الثمن وبطريقة الاستنساخ ، سُجن ثلاث مرات وفصل من المدرسة المتوسطة ، ولكنه استطاع ان يوصل صوته الشعري والانساني لكبار رجالات الثقافة البعثية آنذاك ومنهم سامي مهدي مثلا .
وهو صعلوك وسارق كتب وبائع يتشاطر في سوق الثقافة ايضا، وله خبرة في الفقر والشعر والحياة وتناقضاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية .
فمن حقه ايضا ان يتساءل عن الحياة بعلامة استفهام كبرى
وهو يعرف نيردوا ويعرف تفاصيل حياته .
انا ارجح تناصا جماليا بقصدية ماكرة.
ما معنى ان تعيش
صعلوكاً لا منتميا امام الديكتاتوريات
شعراء لم تتلوث ضمائرنا
لسنا مع السحت الحرام
شحة مدينية وقحطا ً حضارياً
ويعيش شيوعي متشدد الحياة الى اقصاها ويدون وفرته العامرة بفيض وقت ومزاج لذكريات مهمة تحت عنوان « أعترف اني قد عشت»
اي خميرة حيّة لحياة هذا الشاعر الكبير المهووس بالنضال والتفاصيل الدقيقة لكي يصل الى خاتمة الطمأنينة بضمير ابيض
الاعتراف فعل يثير الريبة في المفهوم الايديولجي السياسي لانه يبعث رائحة الخيانة، الاعتراف نسبة الى مناضل صنو البوح بالاسرار الكبرى .
لكن الشيوعي المتشدد نيرودا انتصر للشاعر فيه فاعترف ، وكان انسانا كبيرا وشاعرا مهما يعرف ان النثر والمذكرات لا يكتبها الجبناء وانصاف الشعراء ووعاظ السلاطين ، ومتلمقو نعمة الاولياء .
وحسين الصعلوك اراد بالشعر ان يسأل والشعر سؤال الوجود « هل عشنا حياتنا حقا
حياة حسين النبيل فيها من الدهشة والقلق والنبل ما يثير السؤال .
…………
تأويل بين كتابين
من إصدارات الدراويش للنشر والترجمة
هل عشنا حياتنا
للصديق الشاعر الجميل
حسين علي يونس
…………….
أعترف اني قد عشت « مذكرات «
بابلو نيرودا
ترجمة الدكتور محمود صبح