التاريخ يستهويني .. والانسان هو الكائن الوحيد الذي له تاريخ وصاحب التاريخ.. فله ذاكرة وحضارة وتراث.. وانا اكتب الآن من ارض الحضارة القديمة .. ارض الكنانة ام الدنيا مصر.. فأنا اقوم بزيارة موطني الاصيل مصر كل عام.. وفي كل زيارة اذهب الى الحي الشعبي الحسين .. حيث ارى عبق التاريخ.. والذكريات الجميلة العريقة الأصيلة.. والذي يشدّني زيارة مقهى الفيشاوي الشهير.
هذا المقهى يرجع تاريخه الى عام 1797.. واخذ شهرته وبريقه بفضل الأديب المصري العالمي الحائز على جائزة نوبل للآداب نجيب محفوظ.. فهنا انا اجلس على كرسي الذي كان يجلس عليه الأديب محفوظ .. حيث خطّ المسودات لرواياته العريقة.. وارى الآن قصر الشوق وبين القصرين والسكرية.
يرتاد المقهى المصريون والسوّاح العرب والأجانب الذي يبهرهم جو المقهى الشرقي الخالص .. فهو المكان الذي يعمّه الفنانون والكتّاب والعظماء في التاريخ.. مثل جمال الدين الافغاني، والشيخ محمد عبدو.. ورؤساء الدول العظماء في التاريخ المصري القديم والحديث.
انني استمع الآن الى اغاني موسيقار العرب محمد عبد الوهاب.. والهرم الرابع ام كلثوم في اغنية غداً القاك.. وكان يرتاد المقهي مطرب العرب عبد الحليم حافظ والموسيقار الخالد فريد الأطرش وغيرهم الكثير من المشاهير.
وتذكرت الشاعر الملهم احمد رامي الذي كان يعشق ام كلثوم كموهبة فنية فائقة العظمة، ويحبها شخصياً .. ولم تكن تبادله الحب.. رغم انه ألّف لها 137 اغنية وقصيدة ولم يتقاض منها اجراً .. وذات مرة قالت له ام كلثوم انت انسان مجنون لعدم تقاضيك ثمرة اتعابك.. فقال لها انا مجنون بحبك والمجانين لا يتقاضون ثمناً عن حبهم.
فقد كانت ام كلثوم تحب رامي الشاعر وليس الرجل .. وقالت له ذات مرة : «يا ريتني ما عرفتك يا شيخ».. حزن رامي وانفجر بها وقال : «مَن انتِ حتى تستبيحي كرامتي» .
وصلت اغنية ام كلثوم «غداً القاك» الى مقطع «هذه الدنيا كتاب انتَ فيه الفكر» والتي لحنها موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب.. ان عبد الوهاب صاحب مدرسة تأثر بها الفنانون واصبح الملحّن المبدع لأم كلثوم .. فهو احدث نهضة موسيقية عظيمة في الشرق العربي.. حتى انه لحّن اناشيد وطنية لعدد من البلدان العربية.
ويطول الحديث عن اعمال الموسيقار عبد الوهاب. ففي حادثة فريدة كان فيها الفنان ابو السعود الأبياري مع صديقه الحميم المخرج حسن الإمام.. الذي قال للأبياري ان منزله محجوز عليه لأنه لم يدفع الإيجار.. حضر ساعي البريد (بوسطجي) يحمل خطابات كثيرة ويشكو من حملها الثقيل .
فقال الأبياري : «وجدتها وجدتها» سأكتب اغنية لعبد الوهاب نقبض ثمنها منه.. وبالفعل ذهب الأبياري والإمام الى عبد الوهاب الذي كان يصوّر فيلم «الحب الأول» .. وكتب اغنية :
«البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي.. وعيوني لما بكوا دابت مناديلي..»
اسرع الى عبد الوهاب وقدم له الأغنية فقرأ الأبياري على مسمع منه واقتنع عبد الوهاب بها بل واشاد ودفع عبد الوهاب للأبياري 200 جنيه ثمناً لها.
ومن ذكريات الفن الأصيل لعبد الوهاب اوصى الموسيقار الكبير رياض السنباطي في وصيته يقول:
«ان رائد الموسيقى العربية هو عبد الوهاب بمثابة الشجرة.. ونحن جميعنا ملحنين كشجيرات تحت ظل الشجرة عبد الوهاب».
ان عظمة عبد الوهاب لا يجود بها الزمن الا نادراً فهو التراث الموسيقي العربي.
هنا التراث ، هنا التاريخ في مقهى الفيشاوي.. فهذه الصفحة مفتوحة من التراث المصري العريق.
التاريخ يستهويني .. والانسان هو الكائن الوحيد الذي له تاريخ وصاحب التاريخ.. فله ذاكرة وحضارة وتراث.. وانا اكتب الآن من ارض الحضارة القديمة .. ارض الكنانة ام الدنيا مصر.. فأنا اقوم بزيارة موطني الاصيل مصر كل عام.. وفي كل زيارة اذهب الى الحي الشعبي الحسين .. حيث ارى عبق التاريخ.. والذكريات الجميلة العريقة الأصيلة.. والذي يشدّني زيارة مقهى الفيشاوي الشهير.
هذا المقهى يرجع تاريخه الى عام 1797.. واخذ شهرته وبريقه بفضل الأديب المصري العالمي الحائز على جائزة نوبل للآداب نجيب محفوظ.. فهنا انا اجلس على كرسي الذي كان يجلس عليه الأديب محفوظ .. حيث خطّ المسودات لرواياته العريقة.. وارى الآن قصر الشوق وبين القصرين والسكرية.
يرتاد المقهى المصريون والسوّاح العرب والأجانب الذي يبهرهم جو المقهى الشرقي الخالص .. فهو المكان الذي يعمّه الفنانون والكتّاب والعظماء في التاريخ.. مثل جمال الدين الافغاني، والشيخ محمد عبدو.. ورؤساء الدول العظماء في التاريخ المصري القديم والحديث.
انني استمع الآن الى اغاني موسيقار العرب محمد عبد الوهاب.. والهرم الرابع ام كلثوم في اغنية غداً القاك.. وكان يرتاد المقهي مطرب العرب عبد الحليم حافظ والموسيقار الخالد فريد الأطرش وغيرهم الكثير من المشاهير.
وتذكرت الشاعر الملهم احمد رامي الذي كان يعشق ام كلثوم كموهبة فنية فائقة العظمة، ويحبها شخصياً .. ولم تكن تبادله الحب.. رغم انه ألّف لها 137 اغنية وقصيدة ولم يتقاض منها اجراً .. وذات مرة قالت له ام كلثوم انت انسان مجنون لعدم تقاضيك ثمرة اتعابك.. فقال لها انا مجنون بحبك والمجانين لا يتقاضون ثمناً عن حبهم.
فقد كانت ام كلثوم تحب رامي الشاعر وليس الرجل .. وقالت له ذات مرة : «يا ريتني ما عرفتك يا شيخ».. حزن رامي وانفجر بها وقال : «مَن انتِ حتى تستبيحي كرامتي» .
وصلت اغنية ام كلثوم «غداً القاك» الى مقطع «هذه الدنيا كتاب انتَ فيه الفكر» والتي لحنها موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب.. ان عبد الوهاب صاحب مدرسة تأثر بها الفنانون واصبح الملحّن المبدع لأم كلثوم .. فهو احدث نهضة موسيقية عظيمة في الشرق العربي.. حتى انه لحّن اناشيد وطنية لعدد من البلدان العربية.
ويطول الحديث عن اعمال الموسيقار عبد الوهاب. ففي حادثة فريدة كان فيها الفنان ابو السعود الأبياري مع صديقه الحميم المخرج حسن الإمام.. الذي قال للأبياري ان منزله محجوز عليه لأنه لم يدفع الإيجار.. حضر ساعي البريد (بوسطجي) يحمل خطابات كثيرة ويشكو من حملها الثقيل .
فقال الأبياري : «وجدتها وجدتها» سأكتب اغنية لعبد الوهاب نقبض ثمنها منه.. وبالفعل ذهب الأبياري والإمام الى عبد الوهاب الذي كان يصوّر فيلم «الحب الأول» .. وكتب اغنية :
«البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي.. وعيوني لما بكوا دابت مناديلي..»
اسرع الى عبد الوهاب وقدم له الأغنية فقرأ الأبياري على مسمع منه واقتنع عبد الوهاب بها بل واشاد ودفع عبد الوهاب للأبياري 200 جنيه ثمناً لها.
ومن ذكريات الفن الأصيل لعبد الوهاب اوصى الموسيقار الكبير رياض السنباطي في وصيته يقول:
«ان رائد الموسيقى العربية هو عبد الوهاب بمثابة الشجرة.. ونحن جميعنا ملحنين كشجيرات تحت ظل الشجرة عبد الوهاب».
ان عظمة عبد الوهاب لا يجود بها الزمن الا نادراً فهو التراث الموسيقي العربي.
هنا التراث ، هنا التاريخ في مقهى الفيشاوي.. فهذه الصفحة مفتوحة من التراث المصري العريق.
تعقيب من محرر الشؤون الاسترالية هاني الترك OAM :
ان المقالة التي كتبتيها هنا ايتها الزميلة سميرة تذكرني بمقالة عن عبد الوهاب كنت كتبتها عام 1995 في صحيفة «النهار» اعيد نشرها وهذا نصها:
كتب الرئيس اللبناني صائب سلام يوم رحيل الموسيقار العملاق محمد عبد الوهاب قائلاً ان عبد الوهاب هو الذي رفع راية الموسيقى العربية الراقية الى اعلى ذروتها بالحانه واغانيه ولم يجد التاريخ العربي مثله في عصرنا الحديث.. فقد اصبح فن عبد الوهاب تراثاً من ابرز ما تعتز به الأمة العربية. فهو قد اشعر العرب برباطهم الوجودي الذي كانوا يفتقدونه في الجالات والحقول الاخرى.. فالامة التي لا تراث لها لا مستقبل لها».
منذ طفولتي وانا استمع للموسيقار الخالد عبد الوهاب.. وكان ابي من قبلي مفتوناً به، فقد نشأت وصحوت في هذه الدنيا على سحر صوته وجمال اغانيه والحانه للمطربين الآخرين.. ولم يفارقني هذا السحر والجمال طيلة حياتي وحتى هذه اللحظة بل اصبح جزءاً من حياتي. فقد وهب الله عبد الوهاب ثلاث مواهب فارقةهي جمال الصوت وروعة الأداء وملكة التلحين الفائقة.. فتراني استمتع بأغانيه دائماً حتى بعد مرور اعوام على هجرتي الى استراليا.. والحق ان موسيقى واغاني هذه الايام لا تروق لي ولا تطربني، كما قال عنها عبد الوهاب نفسه قبل رحيله عن هذه الدنيا « اننا نعيش عصر التنطيط وهز البطن حيث يعتمد المردّد – الذي يسمى نفسه مطرباً – على الآلة الموسيقية وارتفاع صوتها الذي يحجب صوته وينهض المستمعين من الطاولة للنط والقفز و هز البطن».
في سنة 1981 وفي جلسة وديّة كان في بيتي الصديقان الراحل بطرس عنداري واسعد الخوري.. واخذنا نستمع الى روائع عبد الوهاب.. حيث قلت لهما – انه رغم روعة عبد الوهاب وعبقريته الفذة وتمكنه من قواعد الموسيقى ووجود الشعراء والأدباء حوله فقد ارتكب خطأ في اجمل واصعب قصيدة لحنت في الموسيقى العربية وهي «الجندول».
فحين وصل عبد الوهاب الى المقطع الذي يقول: «يوم قابلته اول مرة». لفظ كلمة قابلته بفتح التاء بدلاً من ضمها.. واستمع كل من بطرس واسعد الى الاسطوانة وكانت مفاجأة لهما.. ولا زالت تلك الاسطوانة الصادرة عن شركة «صوت الفن» التي كان يمتلكها عبد الوهاب وعبد الحليم في حوزتي . ولم يصدق بطرس واسعد ان عبد الوهاب ارتكب الخطأ الفادح في القصيدة.
وقع نظري على كتاب عن عبد الوهاب صادر سنة 1992 بعنوان «محمد عبد الوهاب: تاريخ في حياة امة» لمؤلفه سعد سامي رمضان. واستعرت الكتاب وبدأت بقراءته ووصلت الى الصفحة 99 الخاصة بأغنية التحفة الفنية «الجندول» تراني انقلها للقراء لأنها تصب في صميم موضوعنا:
في ذات يوم كان عبد الوهاب يجلس عند صديقه الوزير مكرم عبيد الباشا فقرأ في جريدة الاهرام قصيدة بعنوان «الجندول». ولم يهتم عبد الوهاب بمعرفة من هو ناظمها.. فقد اعجبته الكلمات وبدأ يلحنها معتقداً انها للشاعر محمود حسن اسماعيل.. وبعد ان تم تلحين جزء كبير منها اتصل به هاتفياً وقال له:
< لقد قرأت لك قصيدة فاعجبتني ولحنتها.
انني سعيد بذلك ولكن ما هي القصيدة التي اخترتها من قصائدي؟
< الجندول
هذه القصيدة ليست لي بل هي للشاعر علي محمود طه .
وطبعاً وافق علي محمود طه ان يغني عبد الوهاب «الجندول» وكان فرحه عظيماً.
وفيما كان عبد الوهاب يسجل «الجندول» بصوته في الاذاعة المصرية، دخل الشاعر علي محمود طه الى غرفة مواجهة للاستديو، متأبطاً ذراع الدكتور طه حسين لمراقبة التسجيل.
وحين وصل عبد الوهاب الى القول: «يوم ان قابلته اول مرة، لفظ كلمة قابلته بفتح التاء بدلاً من ضمها.. انتفض الدكتور في مقعده كمن لسعته افعى ثم قال للشاعر علي محمود طه، إيه دي عبد الوهاب بيغلط. ولاحظ عبد الوهاب ماذا جرى امامه وشعر بالخطأ الذي ارتكبه، فكرر فوراً العبارة مرتين بالتحريك الصحيح.. ولا زال الخطأ مثبتاً في تسجيل قصيدة الجندول لأن التسجيلات في الاربعينات كان لا يمكن اجراء اي مونتاج عليها كما هي الحال اليوم.
ولأن قصيدة الجندول هي من ارقى واحلى عطاءات عبد الوهاب.. اليكم هذه الحادثة الخاصة بها: كان مصطفى النحاس باشا رئيس حزب الوفد المصري صديقاً لعبد الوهاب وكان يتابع اعماله الغنائية والموسيقية.، وبعد ان سمع قسماً من «الجندول» لأول مرة اتصل هاتفياً بعبد الوهاب وقال له بانفعال.
– ما هذا الكلام البايخ الفارغ: «اين من عينيّ هاتيك المجالي».. لا.. لا .. يا عبد الرهاب.
وطلب عبد الوهاب من مصطفى النحاس باشا ان يسمعها مجدداً .. وسمعها النحاس وبعد ستة اشهر قال لعبد الوهاب:
– هذا شيء مهم جداً.. هذا شيء خطير.. لا يوجد افضل من ذلك. ان اغانيك يا محمد لازم نستمع اليها مرتين واكثر من اجل فهمها وحتى نحبها.
الحب الغربي والحب العربي
قال الأديب الانكليزي اوسكار وايلد ملخصاً نظرة العالم الغربي الى المرأة:
انت لا تعرف إمرأة جيداً قبل ان تعرف جسدها.
وقال الشاعر العربي حسين السيد ملخصاً نظرة المجتمع العربي للمرأة في اغنية عبد الوهاب «عاشق الروح: وعشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فاني» ان الفلسفة العربية الروحانية تتفوّق على الفلسفة الغربية المادية في هذا الامضمار.