بقلم رئيس تحرير النجوم / وديع شامخ
عام سابع نطلُّ به عليكم أحبتي مع الجواهري الكبير وهو يقودنا بصحبة مبدع عراقي لكلّ دورة ، فشاء الجمال، هذا العام ، أن يقترن الجنون بالشعر والحياة بالحب ، فصار العرس عراقيا بين الجراهري ولميعة أنثى الجمال والحياة والابداع الشعري .
فإذا ما وصف الشاعر يحيى السماوي الجواهري بالنهر العراقي الثالث بعد دجلة والفرات ،فلميعة شاعرة كبيرة تمثل أيقونة عراقية ونخلة باسقة في زمن تشظي الهويات وسيادتها على الهوية الوطنية ، لذا جاء اختيارنا لها جوهرة المهرجان السابع .
لميعة الانثى التي فرضت حضورا مثيرا على منصة الشعر لانها وريثة شرعية لعشتار ولصيقة بجذورها العراقية السومرية ، وهي إبنة الماء من ميسان الى دجلة .
عطر أنوثتها يمتزج مع سحر شِعرها ببذخ نادر في النص وعلى المنصة أيضا .
لا يمكن الفصل بين أنوثة عمارة وبين سحر بيانها ، قبل إطلالتها على منصة الشعر يسبقها بخور عطرها ، لا تتعطر بغيره …لا تغويها العطور الباذخة ….هي تغويك بالشعر ، منتظراً حضور آلهة الأنهار العذبة …عمدت الماء وتعمدت به.
لميعة لا تحضر كشاعرة أولا …ولا تحضر كمعشوقة طلبت أن تكون العاشقة ….إنما تحضرك أنوثة الشعر في بيانها وتدعك تكتشف ذلك بالاندماج مع شعرها واحساسك بها ……فتطل وتحتل المنصة وإذا بك تنبهر أمام مشهد حضورها ، تختار لميعة لوحة حضورها باتقان ….لا تعنيها التقليعات الحديثة ولا شهرة أصابع مصممي الأزياء.
لميعة خميرة عشتارية ترتل الشعر برنة تأخذك الى انبهار آخر وانغماس فريد ، فتدرك متأخرا أنك كنت في حضور أنوثة الشعر والابداع .
الشاعرة لم تكتفِ بالجمال والانوثة والسحر بل كانت شوكة لا تلين عريكتها في مسيرة شعبها ضد الظلم ، فقد غنت للشعب في انتفاضة الجسر ، وكادت ان تموت بعد انقلاب البعث الفاشي في 8شباط عام 63، ولكنها نجت منه هاربة ، وعندما توالت الاعوام وحتى عام 1968 سألت الذين طاردوها ماذا كنتم تريدون من المربية الشاعرة والانسانة لميعة عباس عمارة وتلك صفعة وجهتها للوجوه الخشنة.
لميعة عباس عمارة تكتب عن الوطن المتعب وتشارك في المظاهرات الصاخبة فهي جزء من الهم العراقي والفرح العراقي متأبطة الخير دوما فتراها تقول عندما تسال عن موقعها:
انا لم ابدع شيئا
ما انا الا صعلوك يتأبط خيرا
من يخشى صعلوكا لايتأبط شرا
ولعل شهرتها لم تقتصر على حضورها العراقي والعربي ، فقد ذكرها
البروفسور (جاك بيرك) في كتابه الذي صدر في فرنسا عن الشاعرات العربيات مع نازك الملائكة وفدوى طوقان.. قائلا “لميعة عباس عماره شاعرة الرقة والجمال والانوثة التي لاتنتهي، ولاتخلو قصائدها من لذعة”
ملكة سومرية تربعت على عرش القلوب وكان لها ما ارادت وهي في المنأى القصي ، حاضرة وتملأ الدنيا وتشغل الناس جمالا وشعرا وتاريخا عبقا .
ترأس حاليا تحرير مجلة ( مندائي) التي تصدر في امريكا.
تحية لنخلتنا الباسقة ، لميعة الشعر والحياة ، نتمنى لها العودة الى عراق يليق بالمبدعين ويكرمهم احياء قبل رحليهم الى الخلود الأبدي .
*- كلمتي في مهرجان الجواهري السابع دورة لميعة عباس عمارة
2018