أكد أكثر من مسؤول لبناني أن الكثير من النقاط التفصيلية الواردة في الخطة الروسية لإعادة النازحين السوريين من لبنان تحتاج إلى أجوبة من الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية التي طرحت موسكو تفاصيل هذه الخطة عليها.
كما أن الجانب الروسي أبلغ الجانب اللبناني في نهاية الاجتماعات التي عقدها في بيروت الخميس الماضي، أنه سيعود إليه بالأجوبة عن الأسئلة التي طرحتها بيروت عليه، لا سيما خلال الاجتماع المطول الذي عقده رئيس وفد موسكو ألكسندر لافرنتييف، الموفد الرئاسي إلى سورية والوفد المرافق له، مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ومعاونيه من وزراء ومستشارين، والذي تناول الخطوات العملية والتفصيلية للدراسة التي أعدتها وزارة الدفاع الروسية، أكثر من اللقاء الذي عقد بعدها في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس البرلمان نبيه بري والحريري وعدد من المسؤولين من الجانب اللبناني، واستغرق أقل من 20 دقيقة.
وأوضح عدد من المشاركين في الاجتماع مع الحريري أن اجتماع سوتشي الذي عقد أمس بين الدول الثلاث الأعضاء في مجموعة أستانة، أي روسيا وإيران وتركيا، إضافة إلى مسؤولين من النظام السوري وآخرين من المعارضة السورية، هو إحدى المحطات التي ستوضح الأجوبة عن الأسئلة التي طرحت على موسكو في شأن خطة العودة، في انتظار الأجوبة الأميركية والأوروبية. وأشار المسؤولون الذين شاركوا في مناقشة الخطة مع لافرنتييف وضباط وزارة الدفاع الروسية خلال الاحتماع مع الحريري إلى أن الوفد عاد إلى موسكو حملا ترحيب لبنان بالخطة مع مجموعة من الأسئلة سمعها في بيروت وفي العواصم التي زارها لعرضها، أي عمان ودمشق وأنقرة، بعد أن أكد أن الرئيس الروسي طرح الأمر على نظيره الأميركي دونالد ترامب في قمة هلسنكي في 16 الجاري، الذي رحب بها من الناحية المبدئية. وذكر مصدر كان في عداد الذين التقوا الجانب الروسي أن الأخير طرح الأمر على الجانب الأميركي أن عودة النازحين هي القاعدة الرئيسة للحل السياسي في سورية، وهو الأمر الذي كان شدد عليه الحريري للرئيس بوتين في لقاءين معه خلال السنة الماضية. وأوضح المصدر أن لافرنتييف كان واضحاً بأن موسكو هي التي ستعطي الضمانات للعودة الآمنة والطوعية وفقاً لمقاييس الأمم المتحدة، وأنها هي التي ستتولى تأمين هذه الضمانات عبر صلتها بالنظام السوري للتأكد من التزامه بها، بدءاً من عدم التعرض للعائدين مهما كان ولاؤهم السياسي للمعارضة والتزام حريتهم، وإيجاد ترتيب لمصير الشباب المتخلفين عن الخدمة العسكرية، واتخاذ كل التدابير التي تسمح باستعادة النازحين أملاكهم التي صودرت.
الإجراءات التفصيلية والتمويل
وقال المصدر إن انطلاق العودة لن يتم بين ليلة وضحاها لأنه يحتاج تحضيرا عمليا تفصيليا ورد في نص الخطة الروسية لمسار انتقال النازحين من دول الجوار وأوروبا إلى داخل سورية. وأضاف: “سلم الوفد الروسي ملفاً كاملاً لدراسة وزارة الدفاع الروسية التي ستتواصل مع البنتاغون الأميركي من أجل متابعتها. والدراسة تستند إلى مسح شامل وخرائط طوبوغرافية وأخرى جوية للمناطق التي تعتبر آمنة للعودة وللمعابر التي ستستخدم من الدول المجاورة، وخصوصاً لبنان، إضافة إلى برنامج متكامل للعودة من الدول الأوروبية بحراً وجواً، لكنها تتضمن أيضا مساراً يحتاج إلى دعم مالي ولوجستي كبير. فانتقال الأعداد الكبيرة للنازحين من لبنان وفق الدراسة (890) ألف نازح، على مدى يتراوح بين سنة ونصف السنة وسنتين، يعني تأمين كلفة النقل الهائلة، ثم الخدمات التي تؤمن للعائدين بتحضير مراكز استقبال لهم، والمواد الغذائية الضرورية لقوتهم في مناطق يذهبون إليها وبعضها ليس لديهم فيها شيء لطعامهم، ومن ثم إعداد مستشفيات نقالة وثابتة وتأمين المدارس لأولادهم. كما أن الدراسة – الخطة تشمل تأمين المعابر على طرفي الحدود لضمان انتقال النازحين من لبنان إلى سورية، فتحدد مراكز أمنية على جانبي الحدود. ولانتقالهم داخل الأراضي السورية أيضاً. وفيما تتولى الدول المعنية الأمن داخل أراضيها، فإن الشرطة العسكرية الروسية ستكون أساسية على الحدود السورية وفي الداخل السوري الذي سينقل إليه العائدون.
وذكر المصدر أن المناطق المحددة في المرحلة الأولى من الخطة (76 نقطة سكنية) فيها الحد الأدنى من البنى التحتية التي لم تدمر، أو التي أعيد بناؤها، فيما هناك مناطق أخرى في المرحلة الثانية هدمت الحرب هذه البنى وتحتاج لإعادة بنائها. وهذا ما دفع موسكو إلى بحث مسألة تمويل ذلك مع الولايات المتحدة وأوروبا. وتابع المصدر أن الخطوات العملية التي تستبقها الدراسة الروسية هي التي دفعت الحريري وفريقه إلى اعتبارها جدية وتضع خريطة طريق حقيقية للعودة، تؤدي إلى حل هذه المعضلة وعبئها الاقتصادي على لبنان.
ولفت المصدر إلى أن الأجوبة عن الأسئلة المفصلة التي طرحها الحريري على الجانب الروسي خلال اجتماعه معه، هي من ضمن المسائل التي سيعود بها الوفد الروسي بعد سوتشي وتشاوره مع الدول الأخرى ولا سيما واشنطن.