عبرت الأمم المتحدة عن “قلقها العميق” إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، في وقت توعدت إسرائيل الفلسطينيين في القطاع باللجوء إلى خيارات عسكرية، من بينها إعادة احتلاله.
ودعا المنسق الإنساني في الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية المحتلة جيمي ماكغولدريك إلى “اتخاذ تدابير عاجلة لمنع حدوث مزيد من التدهور في الوضع الإنساني في قطاع غزة بعد تشديد القيود على التنقّل” من قِبل إسرائيل الأسبوع الماضي.
وفي وقت ارتفع منسوب القلق لدى مليوني فلسطيني في القطاع من احتمال أن تشن إسرائيل حرباً رابعة عليهم، قال ماكغولدريك لدى زيارته القطاع أول من أمس، إن “الوضع في غزة بات محفوفاً بمخاطر بالغة، ويساورني قلق إزاء فرض قيود إضافية على معبر كرم أبو سالم، الذي يشكّل عصب الحياة لسكان غزة”. وأضاف أن “هذه القيود تهدّد، في حال استمرارها بحدوث تدهور كبير في وضع تنتابه الهشاشة وظروف إنسانية يلفّها البؤس في الأصل، لا سيما في القطاع الصحي”. وأشار إلى أن “القيود الجديدة التي فرضتها السلطات الإسرائيلية في التاسع من الشهر الجاري، وشدّدتها في 16 الجاري، تحظر دخول البضائع، باستثناء المواد الغذائية، وتحظر خروج البضائع كافة، كما تقلّص منطقة صيد الأسماك على امتداد ساحل غزة إلى ثلاثة أميال بحرية”.
ولفت ماكغولدريك إلى أنه “مع انقطاع الكهرباء لفترات تصل إلى 20 ساعة في اليوم، فإن ما يربو على 220 منشأة صحية ومنشآت المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية تعتمد على وقود الطوارئ الذي تموّله الجهات المانحة لتشغيل المولدات الاحتياطية اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية”. وأكد أن “الحاجة تستدعي تمويل قدره 4.5 مليون دولار بصورة عاجلة لتأمين وقود الطوارئ، الذي ينفَد في آب (أغسطس)”.
ورأى أن “هذه المستجدات تأتي في سياق تصعيد يبعث على القلق في الأعمال القتالية على مدى الأيام القليلة الماضية، ونحو 15000 فلسطيني أصيبوا بجروح منذ يوم 30 آذار (مارس) خلال التظاهرات، ونظام صحي على حافة الانهيار، وأزمة إنسانية خلقها حصار إسرائيلي على مدى 11 عاماً، وبات يثير القلق إزاء العقوبات الجماعية والانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني”. وقال: “إننا على بُعد خطوات معدودة من وقوع تدهور كارثي لا تطاول آثاره الممتدة المحتملة الفلسطينيين في القطاع وحدهم، بل المنطقة بأسرها، وينبغي على كل جهة تملك القدرة على تحسين الوضع أن تعود خطوة إلى الوراء، وأن تحول دون اندلاع المزيد من التصعيد والتخفيف من المعاناة التي يتكبّدها عامة الفلسطينيين في القطاع”.
وافادت صحيفة “هآرتس” العبرية أمس، بأن “الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريوات مختلفة في ما يتعلق بالتصعيد العسكري في القطاع، بدءاً من عملية عسكرية تستمر أياماً تستهدف خلالها مواقع إستراتيجية لحركة حماس، وانتهاءً باحتلال شامل للقطاع، ما تسعى القيادة العسكرية الإسرائيلي إلى تجنبه”. وأشارت إلى أن “الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عارضت في السابق المساس بالمساعدات التي تدخل القطاع، بما يشمل منع إدخال مواد غذائية وتقليص مساحة الصيد، بناء على تقديرات أمنية خلصت إلى أن مزيداً من التدهور المعيشي لأهالي القطاع سيكون عاملاً أساسياً بالتصعيد وسيعزز فرص المواجهة”.
ولفتت الصحيفة الى أن “ميل القيادة السياسية إلى شن عملية عسكرية واسعة في القطاع الذي تشكل نتيجة الضغوط الجماهيرية الإسرائيلية، دفع المؤسسة الأمنية إلى تغيير إستراتيجيتها والمطالبة بالاستفادة القصوى من الحصار، والتضييق على سكان القطاع، وإغلاق المعابر والحواجز وتقليص مساحة الصيد، في محاولة للحد من الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي يتم إطلاقها من القطاع” في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحيطة به.
وبعثت القيادة السياسية برسالة إلى الجيش مفادها انه “إذا لم يتم إيقاف الطائرات والبالونات الحارقة، فلن يكون هناك خيار سوى البدء في عملية عسكرية”.
ووفق القناة العاشرة العبرية، فإن الجمعة القادم “آخر موعد لوضع حد للطائرات المشتعلة”، التي يطلقها شبان فلسطينيون، وإلا “فإن الجيش سيشن حملة عسكرية”.