لوس أنجيليس: محمد رُضا

في عام 2006، عندما كانت الأسترالية مارغوت روبي في السادسة عشرة من عمرها، وزّعت وقتها بين ثلاثة أعمال، لكي تساعد في إعالة نفسها وعائلتها. لكنّها وجدت ما توفره لمتابعة دروسها الدرامية أملاً منها بالفوز والعمل في السينما.

وُلدت في الثاني من يوليو (تموز) من العام 1990، في مزرعة بمقاطعة كوينزلاند. تلك الأشغال الثلاثة، ومن بينها عملها كنادلة في أحد المقاهي، لم تكن الأولى، فهي تذكر أنّها كانت في الـ12 من العمر، عندما عملت في مطعم لأبيها. هذا قبل أن ينفصل والدها عن والدتها، لتبقى وأشقاؤها (شقيقان وأخت واحدة) مع أمها. في سنة 2007، شقّت طريقها فعلاً إلى عالم النور. ظهرت في فيلمين أستراليين، كما على التلفزيون المحلي في أفلام إعلانات، ومع نهاية ذلك العام أصبحت وجهاً مألوفاً في »سوب أوبرا« في مسلسل »جيرة« (Neighbourhood).

عندما تتذكر مارغوت روبي تلك الفترة لا تبتسم. هناك حنين ما يتبدّى على وجهها لبضع ثوانٍ قبل أن تلغيه تلقائياً وهي تقول: »كانت فترة رائعة لبداية أي ممثل. لكنّني بعد ثلاث سنوات أدركت أنّني أريد أن أترك هذا المسلسل لأنّه أصبح روتينياً بالنسبة إليَّ. شعرت بأنّني لا أملك ما أخسره إذا تركته إلا إذا لم أجد عملاً على الإطلاق. كانت مخاطرة، لكنّني استحوذت على القرار وتركت البرنامج وفكّرت أن خطوتي التالية يجب أن تكون انتقالي إلى هوليوود«.

في الوقت المناسب

هوليوود تبدو بالنسبة إلى الممثلين الأستراليين، كما لو كانت عاصمة الأحلام. شأنهم في ذلك شأن مئات المواهب في كل مهنة وعلى مدار السنوات. ورّدت أستراليا بنجاح مواهب في التمثيل تشكّل حالياً نسبة مرتفعة من الوجوه: هيو جاكمان، وتوني كوليت، وكايت بلانشيت، وويليام همسوورث وشقيقه كريس، وناوومي ووتس، وغاي بيرس، وميل غيبسون، وإريك بانا، وآخرين. تمضي وهي تتحدث إلينا: »من حسن حظي أنّني وجدت لنفسي مكاناً إلى حيث انتقلت وبسرعة. كانت معي بطاقة عودة من حيث أتيت من باب الاستعداد إذا ما لم أحقّق نجاحاً ما«.

كان من الطبيعي، بسبب خلفيتها التلفزيونية، أن تقصد العمل في مسلسل أميركي يُبثّ على الشّاشة الصّغيرة. وهي وجدت ضالتها في مسلسل عنوانه »بان آم« أمام كرستينا ريتشي (أين هي الآن؟). »بان آم« لم يلق نجاحاً جماهيرياً وعمره انتهى بعد موسم واحد على شاشة محطة »ABC«.

لكنّ الحظ خدمها من جديد. ما إن توقّف المسلسل حتى ارتبطت بعقد لتمثيل فيلم بريطاني اسمه »حان الأوان« (About Time). دور صغير -لكن لا بأس به كبداية. على الأقل كونها لفتت الأنظار إليها.

> فجأة هي في بطولة »فوكاس« (Focus)بعد عامين. كيف ذلك؟

– »أعتقد أنّ الدور عُرض على نصف دزينة من الممثلات قبل أن يصل إليَّ وأقبل به. أعتقد أنّه عُرض على ميشيل ويليامز وجسيكا بايل وكريستين دانست ثم وقع الاختيار على كريستين ستيوارت وكلهن رفضنه ثمّ عُرض عليَّ وقبلته. بالنسبة إليّ وصل الدور في الوقت الصحيح. كنت قد بدأت أشك بأنّني سأحقق شيئاً يذكر، وبدأتُ أفكر بالعودة إلى أستراليا. لكنّني قاومت لأنّني لم أكن أريد العودة مخفقة لأطرق أبواب العمل من جديد هناك«.

ليس فقط أنّ البطولة النسائية حطّت على مارغوت روبي فجأة والتي جاءت في الوقت المناسب فعلاً، بل إن البطولة الرجالية تناوبت منتقلة بين بضعة أسماء، فأُعلن عن اشتراك رايان غوسلينغ في الدور الأول، ثم قيل إنّ براد بيت وافق عليه، لكنّ الحقيقة أنّه لم يفعل بعدما قرأ السيناريو ولم يثره. أيضاً بن أفليك اعتذر بسبب تضارب مواعيده. الدور انتهى إلى ويل سميث وكانت المفاجأة: حقق الفيلم نجاحاً واسعاً، وإن لم يكن كاسحاً، لكنّ النّقد أشاد بالكيمياء التي جمعت بين بطليه.

بعد هذا الفيلم شاركت روبي في أربعة أو خمسة أفلام، وفي العام الماضي أوصلها فيلمها »أنا، تونيا« إلى ترشيحات »الأوسكار« و»الغولدن غلوبس« كما »البافتا« البريطانية.

> لا نستطيع القول إنّ تونيا هاردينغ كانت تشبهكِ في ملامحها على الأقل. كيف تعاملتِ مع هذه الحقيقة؟

– تونيا امرأة تمرّست في التمارين الرياضية طويلاً. كانت رياضية القوام والبدن فعلاً. ساقاها كانتا صلبتين وعضلاتها شملت كتفيها وساعديها وساقيها وهذه أمور لم يكن من الممكن تجاوزها والتحوّل إلى صورة كاملة من الأصل حتى ولو أمضيت وقتاً أطول في التمارين الرياضية.

إصابة

للغاية، قابلت مارغوت، تونيا. جلست معها وسألتها ما الذي فعلته لكي تكتسب هذا القوام الرياضي.

»قالت لي إنّها مارست أنواعا كثيرة من الألعاب والتمارين الرياضية منذ أن كانت صغيرة. أخبرتني أنّني لن أستطيع تحقيق ذلك لا أنا ولا أي ممثلة أخرى لأنّ المسألة لم تبدأ، بالنسبة إليها، عندما قرّرت أن تصبح بطلة تزلج، بل منذ أن كانت صغيرة«.

> ولحين، قبل أن يبدأ التصوير، انشغل المتابعون بحقيقة أنّ هناك مشروع فيلم عن تونيا هاردينغ بحيث طغى ذلك، وإلى حدٍّ، على حقيقة أنّ هناك ممثلة ستؤدي هذا الدور اسمها مارغوت روبي. كيف كان شعورك؟

– »في الحقيقة لم أكترث كثيراً، وأعتقد أنّ الاهتمام بمشروع فيلم عن تونيا كان في محلّه بعد الحياة التي خاضتها في الملاعب وخارج القانون أيضاً. المشكلة لم تكن هناك لأنّي كنت أعلم أنني سأستحوذ على هذا الاهتمام تدريجياً، ومع بداية العمل على الفيلم. المشكلة كانت أنّ البعض ارتاب في أنّني سأنجح في تمثيل دور يجسّد شخصية حقيقية، لا تجمعني بها سوى أنّني شقراء مثلها«.

> على الرّغم مما تذكرينه عن التمارين وصعوبتها فإنك قدّمت مشاهد التزلج جيداً، بل دفعت ثمناً من أجلها عندما سقطتِ وأُصبتِ برضوض… كم كانت إصابتك جدية عندما سقطتِ في أحد مشاهد التزلج؟

– كانت إصابة طفيفة، لم تدم طويلاً، لكنّها كانت تنبيهاً على أي حال. خرجت من هذه التجربة باحترام كبير لرياضيي التزلج. لكنّي في الواقع، لم أقم بما كانت تونيا تقوم به ببراعة متناهية. تونيا وسواها من بطلات التزحلق يقمنّ بالدوران كاللولب في أماكنهن. لا بد أنّك شاهدت ما أعنيه (يسمّون الحركة »Tripple Axel« المحرر). هذا ليس سهلاً على الإطلاق. ليست المسألة بسيطة كما قد تبدو، خصوصاً إذا ما جرى الدوران في الهواء. هذا مستحيل بالنسبة إليَّ.

> عند مراجعتي لتاريخ حياتك وجدت أنّك درستِ الدراما في سن الـ16. ما الذي حفّزك فعلاً على ذلك؟

– كنت أحب التمثيل. هذا هو الدّافع الوحيد الذي عني لي كل شيء. ربما في العقل الباطن كانت هناك الرغبة في بعض الشهرة وبعض المال كوني جئت من أسرة بسيطة، لكنّني بالفعل كنت أحب التمثيل.

> هل تذكرين أول فيلم شاهدتيه في صالة السينما؟

?-لا تتوقع فيلماً مثل »2001: أوديسا الفضاء« (تضحك)… كان الفيلم »جورج رجل الغابة« (George of the Jungle).

إعجاب

> هل لديكِ ممثلة من زمن سابق، وهل هي بمثابة أيقونة أو نموذج تقتدين بها؟

– في هذه الفترة هناك الكثيرات من الممثلات القديرات. هل يوجد ممثلة رديئة هذه الأيام؟ لا أدري. تجسيد الشّخصيات في سينما اليوم أصبح في اعتقادي أكثر سهولة. عندما رُشّحت في العام الماضي لـ»الغولدن غلوبس« و»الأوسكار«، كنت وسط مجموعة رائعة من المواهب. سالي هوكينز وساويرز رونان وميريل ستريب وفرانسيس مكدورماند التي اعتقدت أنّها نالت الأوسكار عن جدارة.

> هل أنتِ معجبة بممثلات من الخمسينات أو الستينات؟

– فاي دوناوي وغريس كيلي وكيم نوفاك وكلّهن تابعتهن بعد غروب نجوميتهن. هناك الكثيرات مثلهنّ ولا أستطيع أن أدّعي أنّني كنت مثابرة على مشاهدة كل أفلامهن.

تجد مارغوت نفسها اليوم، مشغولة بالمشاريع التي ستُنفّذها، بعضها كممثلة وبعضها الآخر كمنتجة أيضاً. دافعها للإنتاج لا يختلف عن دوافع أترابها من الممثلين: اختيار الأدوار التي تريد القيام بها عوضاً عن انتظارها.

»الاختيار جزء مهم في حياة الممثل سواء تحوّل إلى الإنتاج أو بقي ممثلاً فقط. أعتقد أنّ تحوّل ممثلي اليوم إلى الإنتاج هو لضمان نوعية الاختيار ونوعية الفيلم الذي سيكون الممثل مسؤولاً عنه«.

معظم المشاريع المستقبلية لا تزال سيناريوهات على الورق، لكن ما أنجزته مؤخراً بات حقيقة. هي في دور ضحية شارل ماسون وزوجة المخرج رومان بولانسكي الممثلة شارون تيت في فيلم كوينتن تارانتينو »ذات مرة في هوليوود« (Once Upon a Time in Hollywood)، وفي دور الملكة إليزابيث في »ماري، ملكة الاسكتلنديين«. أمّا دور الملكة ماري فتقوم به ساوريز رونان.

> هل تفضلين الأدوار الواقعية؟

– لا أعتقد أنّها مسألة تفضيل، لكنّها مرة أخرى مسألة اختيار. وإذ أقول ذلك فإن ما يتميز به الدور القائم على شخصية واقعية هي درجة التحدي الذي يشعر به الممثل حيال الشخصية التي يؤدي دورها. يريد، كما أعتقد، أن يجّسد الدور جيداً وبصورة مقبولة سواء كان لشخصية لا تزال على قيد الحياة مثل تونيا هاردينغ أو متوفاة مثل شارون تيت أو حتى تاريخية مثل الملكة إليزابيث.

أيضاً بين ما هو مطروح عودتُها إلى التلفزيون في مسلسل محدود الحلقات لا يحمل عنواناً بعد، لكنّها تؤكّد أنّ مشاركتها أمر وارد، لكنها ليست أمراً محتماً. هذه المرّة إذا ما عادت مارغوت روبي إلى التلفزيون فإنّ عودتها ستكون اختياراً وليس واجباً.