اسعى للحفاظ على نسبة متدنية للجرائم والتعاون مع المجتمع المدني والتعاطي بحزم مع المجرمين

حاوره بيار سمعان

في لقاء اجراه قائد مركز شرطة بانكستاون للمرة الاولى مع صحيفة عربية، رغب السوبر انتندنت مايكل اوتول توجيه دعوة للجاليات العربية المقيمة في المنطقة للانفتاح والتعاون مع الشرطة ومساعدتهم على خلق مجتمع آمن يستفيد منها سكان المنطقة ويساعد على ازدهارها وتحسين صورتها في الاعلام.

خلال الحوار بدا القائد مايكل اوتول عفوياً، صادقاً وصريحاً في اجاباته. طرحنا عليه الاسئلة التالية:

< هل بالامكان اعطاءنا صورة موجزة عن حياتك في سلك الشرطة؟

> دخلت السلك سنة 1990 التحقت بعدها بمركز ساذرلاند لمدة خمس سنوات، ثم انتقلت الى منطقة ناورا – وولونغونغ. جرى ترقيتي للمنصب الحالي في المناطق الداخلية من نيو ساوث ويلز على بعد 700 كلم من سدني حيث امضيت عامين اعمل مع المزارعين  والسكان الاصليين في المناطق النائية، ثم انتقلت الى منطقة بالماين/غليب ثم كرونيلا. ومنذ 5 اسابيع تسلمت منصبي الحالي في بانكستاون.

< ما هي القضايا التي تستحوذ انتباهك وجرى تحذيرك منها؟

> كان لديّ بعض المخاوف ان هذه المنطقة تزدهر فيها الجرائم والمشاغب. هذه الصورة النافرة يجب علينا جميعاً ان نتعاون على تغييرها. لكن بالواقع، من ينظر الى منطقة بانكستاون عن قرب لا يجد فيها الكثير من المشاكل، ولا يوجد فيها مستوى عالٍ من الجريمة التي كنت اتوقع ان اواجهها.

على العكس وجدت مجتمعاً وجاليات مرحبة، مجتمع يعمل بانسجام وبشكل قانوني بالواقع المحاذير التي كانت لدي والانطباعات المسبقة هي غير مبنية على حقائق ولا تتطابق مع الواقع.

< ماذا عن مركز شرطة بانكستاون؟

> انه كأي مركز قيادي آخر، لدينا امور وقضايا يجب ان نعالجها، لكن بالمقابل لدينا عناصر ملتزمون بعملهم والتعاون مع مؤسسات اخرى، حكومية او غير حكومية لاستتباب الامن والاستقرار والازدهار في المنطقة.

الاعتبارات الأهم لديّ هي في الحفاظ على نسبة متدنية في الجرائم، وهذا يتم باشراك افراد في المجتمع المدني والتعاطي مع المشتبه بهم لتعديل سلوكهم وتشجيعهم على الانخراط الايجابي والتعاون مع الشرطة.

لدينا 230 عنصراً يتوزعون على مجموعات متخصصة بالتحقيق بالجرائم، وحدة ادارة الجرائم، شرطة السير، اداريون، وعناصر يهتمون بالمسؤوليات اليومية العامة. ونحن بالطبع نتعاون مع مراكز اخرى ومؤسسات متخصصة لمعالجة بعض القضايا.

< ما هو نوع الجرائم المرتبطة بمنطقة بانكستاون؟

> اعتقد ان الجرائم المرتبطة بهذه المنطقة هي جرائم العنف واطلاق الرصاص العشوائي او المدبر. وهي جرائم تقع احياناً وليس مرتبطة فقط بمنطقة بانكستاون، لأنها تحدث ايضاً في مناطق اخرى.

لا اظن انه يوجد جرائم خاصة بهذه المنطقة. ولقد فوجئت انه لا يوجد نمط معين من الجرائم. كمسؤول، اسعى مع زملائي لتحديد انماط الجرائم التي تقع، فلم اجد نمطاً خاصاً ببانكستاون. بالطبع كما ذكرت هناك احداث اطلاق الرصاص وجرائم سرقة وسرقة سيارات وغيرها. هذه الجرائم ليس لها نمط معين يميزها، بل هي جرائم عشوائية يصعب وضعها في نمط معين من ناحية الاعداد والتنظيم والتنفيذ والنتائج. وهذا ما يجعل عمل الشرطة اكثر صعوبة.

يظهر احياناً مجموعات تنخرط في اعمال اجرامية، لكن يصعب بالواقع القول انه يوجد عصابات اجرامية منظمة في المنطقة. فالمظاهر الاجرامية، ان كانت من قبل مجموعات شبابية او سواهم، لا يمكن وضعها في خانة الجريمة المنظمة.

< وسائل الاعلام تتحدث احياناً عن الجريمة الشرق اوسطية، فهل لدينا فعلاً منظمات اجرامية ذات طابع شرق اوسطي او لها جذور طائفية معينة؟

> من وقت لأخر نرى مجموعة من الافراد يجتمعون وينخرطون معاً في اعمال اجرامية. هذا ما اظهرته الاحداث التاريخية. لكن القول انها خاصة بمنطقة بانكستاون، فهذا تبسيط للحقيقة.

لكن القول انه لا وجود لمجموعات اجرامية منظمة لا يعني ان مثل هذه العصابات قد تظهر فجأة بعد اسابيع او اشهر. ما يهمنا هو وجود القدرة للتعامل مع مثل هذه العصابات والمجموعات. ويمكني القول ان ما جرى تنفيذه في المنطقة قبل انتقالي اليها قد ساعد في تعطيل وتفتيت بعض المجموعات الاجرامية.

باختصار يمكنني التأكيد انني لا ارى مثل هذه المجموعات تظهر بوضوح على الساحة وتفرض مناخاً اجرامياً فيها.

< يعيش في المنطقة عدد كبير من الجالية الاسلامية وكما تعلمون، جرى في وقت ما الربط بين الارهاب والاسلام. هل هذه المقولة هي نسج من الخيال ام انها حقيقة يجري استغلالها سياسياً؟

> يوجد لدينا فرع خاص لمكافحة الارهاب يقوم بجمع المعلومات الاستخباراتية حول هذا النوع من الانشطة ويتبادل المعلومات مع دوائر اخرى ويعملون معاً على مكافحة الاعمال الارهابية في جميع انحاء الولاية.

قد يكون لديهم افراداً او مجموعات يعتبرونهم  مهمين في هذا المجال. اما بالنسبة لكيفية تعاملنا مع الارهاب فنحن نجمع المعلومات، نحللها  ونقارنها ونقدمها لفرقة مكافحة الارهاب التي نتعاون معها عن قرب.

من المهم ان تتعاون الجاليات والمجتمع المحلي مع الشرطة. وانا اعلم انه غالباً ما يجري تكرار هذا القول. لكن بالحقيقة الناس هم اعين وآذان الشرطة. انهم اول العارفين بالمظاهر المثيرة للشبهات وبالتبدلات المسلكية غير المألوفة. هم اول من يشتبهون بأشخاص او مظاهر معينة ومن الأهمية بمكان ان التعاون مع المجتمع المحلي والعملي معه عن قرب يجعلان مهمتنا اسهل. فمدى ثقة المجتمع بالشرطة يجعل مهمتنا اسهل واشد فعالية. وان حجم ونوع المعلومات التي يقدمونها لنا تساعدنا على اعتقال المشتبه بهم ومنع وقوع اعمال ارهابية او مخلة بالسلامة العامة.

< نظراً لهذا الواقع هل يشعر البعض في منطقة بانكستاون ان الشرطة تستهدفهم؟

> بالطبع اصحاب السوابق والمشتبه بهم بالانخراط في اعمال ارهابية يدركون انهم مستهدفون وتحت المراقبة. وهم لا يتفاجأون ان الشرطة تلاحقهم وتستهدفهم. فإقامة علاقات طيبة مع هذه المجموعات هو من سابع المستحيلات، لكن ان تحافظ الشرطة على الروح المهنية العالية وجمع المعلومات الاستخباراتية عنهم هو شرط اساسي. من هنا تأتي اهمية بناء تواصل مع المجتمع وخلق علاقات قائمة على الثقة المتبادلة والتعاون في مجال المعلومات.

هناك امور يمكن التساهل معها واخرى يصعب التعامل معها بخفية. فالالتزام بمعايير ثابتة والعمل بجدية واستمرارية هي من الشروط الاساسية للنجاح.

فعمل الشرطة لا يقتصر على مكافحة الجرائم وفرض احترام القوانين والالتزام بها، اذ هناك مجالات عديدة اخرى نقوم بها وهي ليست اقل اهمية، مثل العنف المنزلي وتثقيف الطلاب وامور عديدة اخرى تساعد على تقديم صورة افضل للشرطة كمؤسسة راعية للخير العام ولسلامة الناس.

< بناء على خبرة وتجارب من سبقكم في هذا الموقع الهام. هل لاحظتم وجود اي تبدل في العلاقات بين المجتمع والشرطة؟ وهل هذه العلاقة هي الآن اكثر او اقل ايجابية من الماضي؟

> خلال هذه الاسابيع القليلة التي امضيتها هنا، اجريت عدداً كبيراً من الاجتماعات مع مؤسسات اجتماعية وجاليات. وقيل لي احياناً انه لم يكن مرحباً بالشرطة في بعض الاماكن منذ سنوات مضت. وهذا ما كان يشعر به عناصر الشرطة احياناً. لكن تبدلات لافتة جرت خلال المدة الاخيرة بين الشرطة والمجتمع. واذكر على سبيل المثال انه لا وجود لمشاعر العداء بين فئات الشباب والشرطة ولا صدامات بينهما او ملاحقات في الاسواق العامة والمراكز التجارية. ويميل الشبان بشكل عام الى حسن التصرف واحترام الذات والآخرين. لقد تخطينا هذا النوع من النزاع مع الشبيبة في مناطق بانكستاون وان العلاقة بين الشرطة والمجتمع قد حققت تقدماً ملحوظاً خلال السنوات نتيجة للعمل البناء الذي تقوم به الشرطة في المنطقة.

< برأيكم ما هي الخطوات الضرورية الي يجب على الشرطة القيام بها، ليس فقط لكسب احترام المجتمع بل لزيادة حجم التعاون معه؟

> ان اهم خطوة يجب العمل عليها هي التواصل مع المجتمع، الاصغاء اليه  والاستماع الى آرائه ومشاكله، وان نشرح للمجتمع اين يمكننا ان نقوم بدور ما وما هي حدود عملنا وصلاحياتنا. فالتواصل يساعدنا على معرفة آراء الناس وتطلعاتهم وتمنياتهم. وباعتقادي ان العمل الذي قمنا به طوال سنوات ساعدنا على تحقيق مستوى عالٍ من الثقة والتعاون وخلق قنوات حوار ومصارحة حول القضايا الحيوية التي تهم المواطنين. فالمطلوب ان نحافظ على هذا النمط من العلاقات من اجل المصلحة العامة وضمان سلامة وعائلات المواطنين.

< برأيكم ما الذي يجعل الشرطي ان يكون مسؤولاً صالحاً؟

> مَن يلتحق بالشرطة لاهداف صحيحة يصبح شرطياً صالحاً. فالشرطي الصالح تجده في صفوف مَن يلتحقون في الشرطة منذ البداية. فمن يلتحق بصفوف الشرطة من اجل خدمة المجتمع وليس فقط للحصول على وظيفة مكفولة يصبح شرطياً صالحاً.

ومن واجبنا ان نقدم التوجيه الصالح للمبتدئين، ولاحقاً بعد ان يبدأون عملهم باشراف قيادة صالحة وملتزمة بالقوانين والمثل. كل هذا يساعد على خلق شرطي صالح يحب الالتزام والرغبة في الخدمة، من يفتقدهما يصعب عليه ان يكون شرطياً صالحاً.

< في اواخر السبعينات ومطلع الثمانينات صدر كلام كثير حول الفساد في صفوف الشرطة واستغلال السلطة.. هل لا تزال الشرطة في الولاية فاسدة؟

> كلا. نحن شديدي البعد عن الفساد وسوء استخدام السلطة. لقد اتخذت خطوات عديدة وهامة خلال سنوات، خاصة منذ  انشاء المفوضية الملكية للتحقيق في سلوكيات الشرطة. هذه التدابير ساعدت في تنظيف صورة الشرطة وملاحقة المخلين.

التاريخ يثبت ان الفساد ينتعش اذا سمح له بذلك ووجد ارضاً خصباً للازدهار. باعتقادي لقد دفنا الفساد وجرت ملاحقة المفسدين واقصاؤهم.

ولا بد من الاشارة ان التطور التكنولوجي واعتماد كاميرات المراقبة ساعدت في تنظيم الامور. فعناصر الشرطة يحملون على اجسادهم وداخل سياراتهم كاميرات تعمل باستمرار وهذه تساعدهم على القيام بواجباتهم بمسؤولية من جهة، كما تساعد على تصحيح تصرفاتهم وملاحقتهم في حال اخلوا بالقوانين. هذا بالاضافة الى تقنيات اخرى يستخدمونها خلال مهامهم.

كذلك عدلت الشرطة عملها في مجالات كثيرة، ابتداءً بشروط التجنيد وانتهاءً بالممارسات اليومية مروراً بالتمارين والتدريب على مختلف المستويات.

< نظراً للصلاحيات الاضافية التي منحت للمؤسسات الامنية. هل تعتقد اننا نتجه نحو اقامة دولة بوليسية في استراليا؟

> كلا. باعتقادي ان الكم الهائل من الصور والمعلومات التي ينزلها الناس على شبكات التواصل الاجتماعي مثل فايسبوك وغيرها والتقنيات التي تمتلكها هذه الشركات للتعرف على الوجوه، هذا ما يجب على الناس ان يتخوفوا منه ويتيقظوا لأهمية المعلومات الشخصية التي ينشرونها على هذه المواقع بشكل ارادي. انها تشكل خطراً خفياً عليهم.

وطالما هناك مجموعات تهتم بالحريات العامة وحقوق الانسان، فلا خوف ان نتحول الى دولة بوليسية.

ووجه اوتول كلمة للجاليات الشرق اوسطية في المنطقة مشيداً بدورها في ازدهار وانعاش وتطوير الحياة. كما امتدح التعاون القائم بين الشرطة والجاليات الشرق اوسطية وتعهد بالحفاظ على روح التعاون وتبادل الاحترام. واستعداد الشرطة للعمل مع الجميع من اجل الخير العام. وهذا ينطبق على سائر الجاليات والمكونات الاجتماعية في المنطقة.