زهير السباعي – سدني
منذ أن أطلق ترامب تغريدته الأولى على تويتر ظَنَّ السوريين بأن ترامب جاد في أقواله وسيترجمها لأفعال على أرض الواقع، شكل ترامب حلفاً استراتيجياً مع صاحبي اتفاقية سايكس بيكو المنتهية صلاحيتها، بدأ الحلف الجديد بحشد الاساطيل والقوات العسكرية وتم توجيهها شطر سورية استعداداً لضربة قاضية تنهي النظام السوري وتنهي معها معانات ومأساة الشعب السوري على مدى سبع سنين عجاف، لكن جرت الرياح بما لايشتهي الشعب السوري، فلم يكن الهدف من مسرحية ترامب وحلفه اسقاط النظام بل إعادة تدويره وتلميعه ليكون بطلاً وطنياً وقد شاهدناه في اليوم التالي للمسرحية وهو يحمل حقيبته ويدخل القصر الجمهوري والابتسامة تعلو وجهه وكأنه يقول هاقد انتصرت ونسي بأن المخابرات الأمريكية قد صنفته بالعميل المخلص ويجب المحافظة عليه حنى لو قام بتدمير البلد وأباد شعبه بجميع أنواع الأسلحة بما فيها ذريعة الكيماوي، المجاملة الحارة والساخنة التي تمت تحت أروقة مجلس كركوز عواظ وهو يناقش القضية السورية بتوجه مندوبة امريكا نحو المندوب الروسي ومصافتحه وطبع قبلة على خده يثبت لنا مدى الاتفاق والتنسيق بين امريكا والغرب وروسيا لإعادة تدوير النظام السوري دولياً، فالضربة كانت تجميلية اكثر من ان تكون فعلية، فجاءت محدودة جداً وضعيفة وهزيلة وبكلفة مالية لم تبلغ ربع مليون دولار مقابل المليارات التي حصل عليها ترامب من السعودية للقيام بهذه الضربة، فهل ضحك ترامب عليهم ؟ بنك الأهداف والخطوط الحمر كان بوتين قد حدده لترامب الذي نفذه بحذافيره وهذا دليل أخر بعدم استهداف القوات الروسية والايرانية ولا حتى بالخطأ، ترامب قام بهذه المسرحية للتغطية على فضائحه الداخلية نتيجة سلوكه اللاأخلاقي ولإبعاد الأنظار عنه وعن فضائحه التي لاتنتهي،وقد نجح في إقناع الناخب الامريكي بمغامرته هذه، لو كان الحلف جاد في إنهاء النظام السوري لفعل ذلك كما فعل في البوسنة والهرسك، لكنهم في سورية يفعلون عكس مايقولون لحاجة في أنفسهم، عام 2014 وقع النظام على اتفاقية يتعهد بموجبها بتسليم كافة مخزونه من السلاح الكيماوي الاستراتيجي وسلم 1300 طناً من غاز الكلور والسارين والخردل واحتفظ بقسماَ أخفاه عن اللجنة الدولية ليتثنى له استعماله لاحقاً، الغريب في الأمر بأن عدد الذين قتلو بالكيماوي لايتجاوز 1بالمئة من مجموع الذين قتلو بالاسلحة التقليدية والبراميل والصواريخ والذين بلغ عددهم اكثر من مليون قتيل، كأن المجتمع الدولي يقول للنظام السوري أُقتل دمر شرد إحرق شعبك بكافة أنواع الأسلحة إلا الكيماوي فهو مسمار جحا بالنسبة لنا، لماذا لايعاقبو الدول والشركات التي تزود النظام بهذا السلاح؟ لماذا يعاقب القاتل ولا يعاقب مصدر الأداة ؟
السؤال المطروح ماهو السيناريو والمسرحية الجديدة التي يقوم ترامب بإعدادها في سورية ؟ لايخفى على أحد فقد أعلن ترامب عن نيته بالانسحاب من شمال سورية ليحل محلها قوات عربية وإسلامية، لم يمضي دقائق على هذا التصريح حتى جاء الرد من الجبير الذي أعرب عن استعداد بلاده للقيام بهذه المهمة والتكفل بدفع الفاتورة، أعجب ترامب بذلك وطلب من شركة بلاك ووتر السيئة السمعة بالاستعداد لدخول السوق السورية، ودخل على الخط السيسي الذي أعلن عن استعداده لإرسال قواته العسكرية الى سورية لتقوم السعودية بإطعامهم وكسوتهم ودفع مرتباتهم، إنها مغامرة جاذبة للجبير ولبلاده الغارقة في المستنقع اليمني وللسيسي اللاهث وراء الدولار، امريكا ستستعمل الكورد والسعودية ومصر ضد تركيا التي استشعرت الخطر مما دفع بحكومتها الى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة وذلك في 24 من حزيران القادم، سورية والعراق تشكلا خطراً حقيقياً على الامن القومي والسلم الأهلي لتركيا وللمنطقة التي ستقسم بما فيها تركيا، فهل تحصل مواجهة عسكرية بين هذه القوات العربية المزمع إرسالها والتي ستتمركز على طول الشريط الحدودي بين سورية والعراق وتركيا والقوات العسكرية التركية ؟ المستفيد من مسرحيات ترامب النظام السوري الذي أخرج جميع المقاتلين من الغوطة وأنقذ العاصمة دمشق منهم وحصنها كل ذلك بفضل ترامب، واليوم سنحت للنظام فرصة ذهبية أخرى بالتوجه نحو القلمون الشرقي وإدلب للقضاء على آخر معاقل المعارضة السورية ولا أستبعد ان يستخدم الكيماوي فالضوء الأخضر مفتوح ومستمر
أخيراً أختم مقالي هذا بإحدى روائع محمود درويش
ستنتهي الحرب ويتصافح القادة
وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب وأولائك الأطفال ينتظرون والدهم البطل
لا أعلم من باع الوطن ولكنني رأيت من دفع الثمن
غازي عينتاب تركيا