زهير السباعي – سدني

في عام2013 حَبَسَ السوريون أنفاسهم تحسباً للضربة الأمريكية التي أعلن عنها أوباما بعد خرق النظام السوري للخطوط الحمر بإستخدامه السلاح الكيماوي ضد المدنيين، أرسلت أمريكا حاملة طائرات ووجهت أسطولها البحري نحو سورية واستنفرت جميع قواتها العسكرية ووضعتهم بحالة تأهب قصوى، لم يكن الروس وقتئذٍ تواجد يذكر في سورية، حيث كان بإستطاعة أوباما تنفيذ ضربته العسكرية والتخلص من النظام السوري لكن تدخل بريطانيا وتردد أوباما حالا دون تنفيذ هذه الضربة مكتفياً بإبرام صفقة مع الروس يسلم النظام السوري بموجبها مخزونه من السلاح الكيماوي الاستراتيجي، انصاع النظام للاتفاق وسلم قسماَ من مخزونه الذي تم نقله لايطاليا بهدف التخلص منه واحتفظ النظام بقسم أخفاه عن الامريكان مازال يستعمله حتى يومنا هذا، فقد استعمل النظام السلاح الكيماوي ضد المدنيين لأكثر من خمسون مرة عن سابق إصرار بالرغم من الخطوط الحمر لأوباما وترامب وماكرون، وكانت دوما النقطة التي طفح الكيل بها، مما دفع بترامب للرد على الكيماوي بعدة تغريدات أهمها ينبغي أن لاتكون روسيا شريكة مع حيوان يقتل شعبه بالغاز ويستمتع به، وفي تغريدة أخرى قال صواريخ جديدة وذكية وجميلة ستوجه ضد سورية إذاً إستعدي ياروسيا؟ هذه المرة حصل ترامب على دعم بريطاني وفرنسي للقيام بضربته التي أعلن عنها وبدأت طبول الحرب تقرع وتزعزت أسواق الذهب والعملات، أمر ترامب بتحريك الاسطول البحري الامريكي باتجاه سورية استعداداً لساعة الصفر التي جاءت فجر يوم السبت بإطلاق أكثر من 103 صاروخاً من قبل التحالف الثلاثي الامريكي البريطاني والفرنسي، عدد الصواريخ كان ضعف العدد الذي أطلقته امريكا في ضربتها على مطار الشعيرات العام الماضي رداً على خرق النظام للاتفاق، الضربة العسكرية التي حصلت السبت عبارة عن سيناريو متفق عليه مسبقاَ بين بوتين وترامب حيث حدد بوتين بنك الأهداف وسلمها لترامب ليقصفها وطلب بوتين من النظام السوري إخلاء هذه المواقع التي سيتم استهدافها والتي عبارة عن مراكز للأبحاث العلمية، لم تستهدف الضربة الصاروخية المطارات والمدرجات التي تقلع منها الطائرات المحملة بالكيماوي والبراميل المتفجرة، الضربة كانت عبارة عن تجربة حقيقية للصواريخ الذكية الامريكية الجديدة وامتحان لمنظومة الصواريخ الروسية التي نجحت في تدمير 72 صاروخاً امريكياً من أصل 103في الجو وحرفها عن هدفها، كما جاءت الضربة لحفظ ماء وجه كل من ترامب وماكرون وتيريزا بعد تصريحاتهم العنترية والنارية بحيث لم يبقى أمامهم مجالاً للتراجع سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، فجاءت هذه الضربة على استحياء، إن عجز مجلس كركوز عواظ الدولي عن القيام بالمسؤلية الملقاة على عاتقه واصرار روسيا على استخدام الفيتو للمرة الثانية عشر ولدَّ إنطباعاً لدى السوريين بأن هذا المجلس منح حصانته الدولية لحماية النظام السوري حتى لو استخدم السلاح الكيماوي المحرم دولياً، ولا أستبعد ان يستعمل النظام مجدداً هذا السلاح في القلمون وادلب ولكن بعد أن تهدأ العاصفة. أحد اللصوص أراد سرقة محتويات شقة لأحد الأثرياء فاتصل به هاتفياً وأفصح له عن نيته فبادر صاحب الشقة بنقل جميع المقتنيات الأثرية والمجوهرات والأموال الى مكان آمن وترك باب الشقة مفتوحاً بعد أن غادرها، وهذا مافعله ترامب عبر تغريداته العنترية والحماسية والنارية التي اشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية والاستهزاء، ولم يتعرض رئيس امريكي للكم الهائل من السخرية والاستهزاء كما تعرض له ترامب، الضربة حصلت وكثرت التحليلات والتكهنات حولها ومنها بأن ترامب أراد من مغامرته هذه توجيه رسالة للشعب الامريكي بأن أمريكا دولة عظمة وتنفذ ماتقول، والى الروس بأنكم لم تنتصرو في سورية، والى النظام السوري كإجراء تأديبي لحثه على تغيير سلوكه، ولايران وتوابعها للحد من نفوذها المتنامي على حدود جيران سورية، هذه الضربة ربما تمهد الطريق للإسراع بالحل السياسي بالعودة الى جنيف بدل الأستانة لكنها لن تنهي معانات الشعب السوري ومآسيه وستبقي على النظام القائم كونة ماركة مسجلة عالمياً. أخيراَ أتمنى من الجميع بأن يفهمو بأنني لست مسروراً لا بالضربة الامريكية ولا الروسية ولا الايرانية فكلهم يعملو حسب اجنداتهم ومصالحهم القومية والوطنية، أما نحن السوريين بالمؤيد والمعارض لمصلحة من نعمل ؟
زهير السباعي
غازي عينتاب تركيا