وديع شامخ –
رئيس تحرير مجلة “النجوم”

لأنه الشعر ، لانه الروح ، هو الجناح و الرفيف ، الشهقة ، ولأنه آخر الشهود في قبر الحياة ، صار لي أن ارقص بعيدا عن الشبهات، بعيدا عن الطنين والضوضاء والأضواء الخاطفة والأكف الصائتة، والحناجر المعلبة ، مشاعر القصدير والأسمنت والحجارة .
……
الشعر ليس ساقية لملأ جرار العطش ولا غابة لحرائق السطوة والملك ، ليس مسرحا للفرجة ولا رواية لتقاطع المصائر ، ولأنه الشعر فلا ضباب في سمائه ولا بيضة ديك ، زرقته زرقة البحر والفجر والموت معا ، جناحه لا يحمله نسر ولا يتفيأ بظلاله الملوك .
……
أنصع من طفولة نهد واكثر شهية من لثغة على سبورة المعرفة ، سلالة من طين المعرفة وماء العمق ، لا قرار لبئره ، اسراراه لا يحملها الداجن والآمن والقانط والمستقيم .
نفوره جبال لا تدكها الثعالب ، وجزاؤه حريق في راحة العشب.
……
لأنه الشعر فلا بد من مرايا بحجم الكون ، وملائكة لا تجيد التسبيح ، يطيرون برسائل العشق والوجد الى أقصى المسكونة ، يبادلون حاملوا المشاعل بالنبؤات ، والشعراء بالفراديس .
……
لأنه الماراثون فلا قدس لنار بغير نهاية ، ولا شعر لموت سوى خلود ، معادلة يرف ذهب الميداليات لبلوغها .
موت أم وصول ؟
نار أم شعر ؟ موت أم وصول ؟
نار أم شعر ؟
وصايا أم خضرة القول في أفول الحكايات ؟
……
ولأنها النار
الجسد غير مدعو لكرنفاله ولا الملائكة
النار نحن حين نكتب الشعر على سبورة الحياة
النار موسيقى الروح وأزل السؤال
النار حفلة الاحتفاء بحرق الالسنة العاقة عن البوح
……

ولأنه الشعر
الذي أورثنا عقما جسديا
ومنحنا قلقا كونيا
وساح على أرواحنا بنزهة سائح مجنون
وبرتبة جنرال القول وساحة الحروب
……
هكذا تدرّج الشعراء في النار ومدرسة الملائكة
وروح الفراديس
وسبورة الوجود
ونشوة الماراثوان
……
عصا إثر عصا
يرتكب الشاعر خطاياه بنشوة نادرة
يشم رائحة جسده في نار الله
ويحفرفي جذع الخليقة وشما لن يتوارى.
حطاب أرعن في محضر الوجود
……
لأنه شاعر
بلا عصا يقود الاوركوسترا
ترقص الملائكة والبغايا لفرط جنونه
ولأنه المارثوان
الشاعر يبارك المجانين بالعطر
وفاء للذي وصل ولن يصل .
……
نار إثر نار
الشاعر يجزل الحرائق
والماراثون حفلة تطهير جمعية .
هكذا يكتب الشاعر تأملاته في مسلّة الخليقة
هكذا يبرأ الجنون من عاهة الشاعر
هكذا يسير المارثوان الى خواتيمه بنار عالية الهمة
……