بقلم هاني الترك OAM
للإجابة على هذا السؤال الخّص هنا ما جرى في آخر حلقة استمعت اليها في لقاء الجمعة الشيّق في برنامج «صباح الخير استراليا» في اس بي اس الذي قدمته المذيعتان القديرتان سيلفا مزهر وستيفاني عنداري ابو زيد استضافتا الكاتبين نجمة حبيب وعباس مراد.. كان فيه اربع قضايا الساعة على الساحة الاسترالية كالعادة في الحلقة.. اسرد هنا وقائع قضيتين طرحتا في الحلقة يقودان الى الإجابة على عنوان مقالي.
القضية الاولى:
هل استجابة رئيس الوزراء لقضية علاقة برنابي جويس الغرامية مع موظفته السابقة فيكي كامبيون بإصدار قرار يسري اعتباراً من هذا العام 2018 بمنع العلاقة الغرامية بين الوزراء وموظفيهم ؟ .. مع ملاحظة ان تيرنبل اقصى جويس عن منصب نائب رئيس الوزراء بالنيابة اثناء غيابه وتعيين وزير آخر.
قبل عرض القضية يجب ملاحظة ان البرنامج استعمل كلمة علاقة غرامية بين جويس وفيكي في الاخبار واستعمل كلمة علاقة غرامية او جنسية في طرح السؤال.. مع ان العلاقة في قرار تيرنبل كانت جنسية.. وهناك فرق كبير بين الكلمتين .. وقد جاء التعليق في البرنامج كله من انها علاقة غرام اي حب.. مع العلم ان تيرنبل بعد محادثاته وبعد البرنامج استعمل كلمة affairs اي علاقة غرامية او جنسية غير شرعية.
كان رأي عباس بأن موقف تيرنبل السياسي ضعيفاً ولم يَعالج المشكلة بشكل جذري وكان عليه ان يقيله ولكن بسبب التحالف السياسي مع حزب الوطنيين ترك الأمر للحزب لطرده.
اما نجمة فقد اتفقت بالرأي مع عباس واضافت انه لو تمّت مقارنة القضية التي وقعت في استراليا في ذات القضية في البلاد العربية فإننا نحن في استراليا في الف خير.
القضية الثانية:
لقد احتفلت استراليا والعالم بعيد الحب فهل هي مناسبة تجارية ام مناسبة جيدة لإنعاش الرومانسية المفقودة في العلاقات ومن ثم يجب ان نحتفل بعيد الحب ام لا؟
اجابت نجمة بسرد ثلاث قصص عن اصل عيد الحب فالنتاين .. وقالت الأكثرها شيوعاً ان فالنتاين كان شهيداً اعدمته السلطات الرومانية لمعتقداته المسيحية واعلنته الكنيسة الكاثوليكية قديساً.
والرواية التي أُرّخت للمناسبة هي رسالة حب فالنتاين اثناء وجوده في السجن كتبها الى محبوبته ابنة السجّان وقبل تنفيذ حكم الإعدام كتب رسالة اخرى بعنوان «فالنتانيك» وهذه هي الطريقة التي نستعملها على بطاقات الحب.
اما رأي عباس فهو ان كل يوم حب هو عيد والاحتفال السنوي بعيد الحب له دلالة رمزية ولكن ما يجب حصر الحب بيوم او بلحظة لأن القلب ما له رباط وان القلب يميل والحب هو الزهرة التي تضيء في سماء الاشخاص.
واكدت نجمة ما قاله عباس ان الحب هو مشاعر وعواطف نعيشها ولكن خرج عن اطاره الحقيقي واصبح الاحتفال به سلعة في العصر الحديث ولا مانع من الاحتفال به في مناسبة تذكّرنا بأمور القلب.. والتي ننساها ونحن راكضون خلف متطلبات الحياة المادية .. وهي وقفة مع قلبنا قبل ان تكون وقفة مع شريكنا.
والسؤال الذي طُرح على المستمعين في البرنامج:
هل قرار تيرنبل بفرض الحظر بإقامة علاقة جنسية ام غرامية مع العاملين في مكاتبهم مقبولاً؟.. وهل كان الأجدر بـتيرنبل إقالة جويس من منصبه بناء على طلب المعارضة ؟.
كان رأيي كمستمع وفهمي لطرح السؤال بأنه علاقة غرامية.. وكمتابع للأحداث في المجتمع الاسترالي فإنني اخالف المعظم بعدم اقالته جويس من منصبه لسببين رئيسيين مع ملاحظة عدم ربط الكاتبين بين القضيتين الاولى سياسية والثانية انسانية .. مما ادى الى الوقوع في التناقض في الرأي.. وذلك كالآتي:
القضية الاولى ان جويس كوزير لم يخرق القانون فعندما قَبل الإقامة مع فيكي في منزل صديقه المليونير ماغواير مجاناً.. فإن ماغواير هو الذي عرض عليه.. والنقطة الأساسية هنا ان جويس لم يكن في تلك الفترة يشغل منصباً نيابياً او وزارياً ولم يخرق القواعد الوزارية ومن ثم يجب عدم استقالته او اقالته فهو كان مجرّد مواطن عادي.
القضية الثانية : فقد ركّز الضيفان في البرنامج على ان الحب هو اساسي واهم من الاحتفال الرمزي لعيد الحب فالنتاين.. فقد وقع جويس مع فيكي في شباك الحب ولم يخرقا القانون.. والحب هو شأن خاص بين طرفين والمجتمع الاسترالي بالارقام يُقّر ان الزواج والشراكة القائمة على الحب وحالات الطلاق والزواج ثانيةً تبلغ 50 في المئة من المجتمع الاسترالي.. فلماذا لا نحاسبهم ويُحاسبون جويس وفيكي ؟.
والأدهى من ذلك فإن صحيفة الدايلي تلغراف التي فجّرت الخبر في البدء كان دافعها الانتقام من فيكي التي كانت تعمل بها واختلفت وتركت الوظيفة.
إذن الحب هو الرابط الأساسي بين القضيتين.. ولم يدركه الكاتبان الضيفان.. ومن هنا وقعا في التناقض بعرضهما.
نحن مجتمع منافق.
ان الهدف من وجود الانسان على الارض هو السعادة.. والحب الرومانسي المتبادل بين الرجل والمرأة هو اساس السعادة الزوجية .. وهو اهم جزء من سعادة الانسان.. وبحلقة اخرى من برنامج «صباح الخير استراليا» طرحت الإعلامية القديرة هبة قصوعة حكمة الصباح وهي عن الجمال.. وكالعادة كان اول المتصلين بكلمة «صباح الجمال» صديق البرنامج وصديق «التلغراف» عياد يسّى. قلت انا في البرنامج ان الاحساس بجمال المرأة قد يقود الى حبها.. وخلق تحفاً فنية وادبية وعلمية عالمية عظيمة.. والكوميديا الإلهية التي هي اعظم الملاحم الشعرية عبر التاريخ .. لمؤلفها «دانتي» اوجز فيها جميع افكاره ونفسه ومشاعره حول العالمين الزمني والأدبي مُلهماً بحبيبته بياتريس و مرشدةً له الى الفردوس .. بعد ان اصطحب قبل ذلك الشاعر فرجيل في رحلته عبر الجحيم والمطهر.. فقد سحره جمال بياتريس واحبها والتي معنى اسمها امرأة مباركة وامرأة سعيدة هي التي قادته الى معرفة الله.
ان الحب هو اعظم طاقة في الوجود .. وقال الشاعر الملهم ايليا ابو ماضي :
«من عاش في الدنيا بغير حبيب
فحياته فيها حياة غريب
انا بالحب قد وصلت الى نفسي
وبالحب قد عرفت الله
ومن بين كل الاحاسيس الحب وحده يمحو الكبرياء والتحامل والأنانية والجشع والتنافر. والحب يحّث على التضحية والمشاركة بحسن الطالع وسوء الطالع ويخترق الفوارق .. هبة من عند الله.. تأثيراته تفوق الطاقة البشرية.. لا يمكن تحليله .. مع انه يحرّك العالم بكامله.. انه السعادة الأسمى للحياة.. الحياة الحب والحب الحياة.
ان الحب الرومانسي هو لون من الوان الحب الانساني .. والحب جوهر الوجود سواء في عالم الروح او عالم الارض .. اوصت به الديانات السماوية الثلاث .. ولكن الانسان لم يتعظ ولم يتعلم .. ولم يستمع لصوت الله.. فلم يعرف الحب الانساني لأنه لا يعرف الحب الحقيقي قبل جميع الوان الحب.. حب الله.. الله محبة.. والحب الرومانسي من عند الله هو لسعادة البشر.. وتحريمه على جويس وفيكي من المجتمع في حين ان المجتمع يحلّله على نفسه ويمنعه عن جويس هو نفاق .. من هنا قلت اننا مجتمع منافق .. لان الحب من عند الله سعادة للبشر..