بقلم هاني الترك OAM

حللت ضيفاً مع السيدة شهرزاد حيدر عضو اللجنة التنسيقية في التيار الديمقراطي العراقي ومسؤولة لجنة المرأة في حلقة من برنامج «لقاء الجمعة» المعلوماتي الشيّق الذي اتابعه بشغف اسبوعياً في برنامج «صباح الخير استراليا» في اس بي اس عربي 24.. جرى الحوار حول اربع قضايا من احداث الساعة اجرتاه المذيعتان القديرتان هبة قصوعة وسناء وهيب.

قبل بدء الحوار علّقت على حكمة اليوم في البرنامج وتعليق المستمعين عليها الذين اجمعوا على صحتها.. بما معناه كضرورة التحلي بالهدوء وعدم الغضب او حتى التعبير عنه والا حدث بما لا يحمد عقباه.

قلت : ان رأيي عكس التيار في الحكمة والتيارات التي تؤيدها .. فالأفضل للغاضب ان يعبر عن غضبه ولا يكتمه .. حتى لا يمرضه او يسقمه او يميته.. هناك خط هاتفي يمكن للغاضب الاتصال به يصب عبره لجام غضبه من الذي اغضبه .. يشتم شخصاً آخر على الهاتف لا يعرفه .. والشخص الآخر يرد عليه بالشتائم حتى لو كانت شتائم هابطة المستوى من صميم الاعماق.. ليخرج بها شحنات غضبه فلا يؤذي او يشتم الصديق او القريب او اي شخص اغضبه .. انها فكرة خلاقه مفيدة صحياً ونفسياً واجتماعياً.

السؤال الاول في الحلقة كان:

< هل لدى الجالية العربية الوعي الكافي حول مرض السرطان ونخاف تسمية المرض بإسمه؟

قلت : ان السرطان كلمة نخاف في الجالية ان نسمعها او ننطقها وكأنها موت رهيب محتّم .. لذلك نفضل ان نسمي السرطان بـ  Cancer  اخف وقعاً على الأذن.

يعود ذلك الى الجهل بحقيقة المرض وأثاره وعلاجه ومكافحته بأنه تاريخياً مخيفاً فلم نكن نعرف عنه كما نعرف الآن.. مع اننا لا نعرف عنه تماماً ولا نعرف بالتالي علاجه تماماً .. فالدراسات الطبية لا تزال تُجرى عليه من اجل القضاء عليه تماماً.

اولاً يجب معرفة انه حينما يصاب الشخص بمرض ما يقوم جهاز المناعة بمكافحته .. ويحدث بمثابة حرب بين المرض وبين الجهاز وكل منهما يصدر اسلحته في المعركة .. واسلحة جهاز المناعة تصدر بناء على تعليمات المخ.. والمشكلة في مرض السرطان انه يخدع المخ لذلك لا نعرف اسبابه بالضبط .. وعلاجه تماماً.. هذا من الناحية الطبية ومن هنا نخاف منه .

ومع تقدم الطب وتطوره يجب ان نعلم ان هناك بعض العلاجات له وليس مميتاً كما نظن خطأ.. فهناك حالات كثيرة جداً يُصاب بها الشخص بالسرطان وتحت العلاج التي يعرفه الطب حالياً يلازمه المرض طيلة حياته ولا يقضي عليه .. ولكن يموت هذا الشخص من مرض آخر مثل النوبة القلبية عندما يصل الى سن الشيخوخة.

لذلك من الناحية الطبية يجب عدم الخوف تماماً ولكن متابعة العلاج ومراقبته تماماً هو هام جداً .. اضافة الى التسلّح بالمعنويات العالية في مقاومته وخصوصاً الإيمان الذي يقوّي من جهاز المناعة في مكافحة المرض.

اذن ان الجهل به تاريخياً هو سبب خوف الجالية منه.. وكما قالت شهرزاد ان مؤسسة الصحة العالمية خصصت العام للتوعية بالمرض وبسط الحقائق عنه.

السؤال الثاني كان:

< هل قانون الإيجار هو مجحف بحق المستأجر؟

قلت انا:

ارى ان قانون الإيجار مجحف في حق المستأجر وفي صالح المالكين الأثرياء وصعب على المالكين الصغار الذين يملكون منزلاً للإيجار فقط مثلاً.

يعود ذلك الى تقلّص الحلم الاسترالي بتملّك منزل او شقة .. ومن ثم يتجه الكثير الى الإيجار .. مثلما هو الوضع في اوروبا ومعظم الدول التي حدّثت قوانينها لحماية المستأجر .. وخصوصاً من المالكين الاثرياء .

واستراليا بالطبع في حاجة الى تحديث قوانينها في هذا المجال.. وهي تجري المراجعة لقوانين الإيجار من اجل متطلبات العصر.. ولا داعي الدخول في النواحي القانونية لعقود الإيجار ويجب الانتظار الى ان يتم التغييرات القانونية.

اما بالنسبة للمالكين الصغار يجب احداث التوازن بين المالك الذي يسدّد القرض السكني للبنك المؤجر وحماية حقوق المستأجر.. وكما قلت سابقاً تُجرى حالياً مراجعة القوانين ويجب الانتظار الى ان تصدر.

ولكن في ذات الوقت بدأت بالفعل تغييرات في اساليب الحياة في استراليا بما يتعلق بالإيجارات السكنية : منها ظاهرة لجوء الشباب للبقاء للعيش في منزل العائلة من اجل توفير المال.. ومنها تأجير غرفة في منازل  كبار السن الذين يعتمدون على معاش التقاعد لمساعدتهم في الدخل..  وكصحبة سكنية لهم مع المستأجر وخصوصاً اذا كان اولادهم قد غادروا المنزل..ومنها الاشتراك بالإيجار للافراد والعائلات من اجل التوفير المالي.

هنا يجب الإشارة ان تعليق شهرزاد قد تطرّق الى موضوع يتعلق بحل مشكلة الاسكان عموماً بتنظيم نظام قروض مالية سكنية حكومية تشجّع الناس على التملّك وخصوصاً في المناطق الاقليمية. ومع ان هذا الحل يكمن على المدى المتوسط والبعيد والتخطيط  والدراسة  الا ان هذا الطرح البنّاء ليس من صميم حلقة الحوار التي هي تدور حول قوانين الإيجار ومدى اجحافها في حق المستأجر.

السؤال الثالث:

< هل مقترح فرض ضريبة على منتهكي القانون في فيكتوريا الذي يكلّف الدولة كل سجين حوالي 110 آلاف دولار سنوياً له ما يبرره ؟ وهل ستكون الضريبة رادعاً على ارتكاب الجرائم؟

كان رأي شهرزاد ان الضريبة ليست رادعاً لارتكاب الجرائم ولكن يجب تشغيل المساجين اثناء فترة سجنهم واعادة تأهيلهم.

قلت :

انا اختلف جزئياً واتفق جزئياً مع شهرزاد اذ ارى ان فرض الضريبة مفيد جداً كالآتي:

ان الهدف من جمع الحكومة المال من الضريبة في صندوق عام من اجل التعويض لضحايا الجرائم.. ومساهمة للحكومة في تكلفة ادارة السجون.. ومن ناحية ثانية فإنه سلاح لردع المجرمين عن ارتكاب الجرائم.. بالنسبة للمجرمين الاثرياء الذين يتاجرون بالمخدرات فإن القانون حالياً يقضي بمصادرة ارصدتهم واموالهم غير المشروعة ولكن دفع الضريبة سيعزّز من دخل الحكومة اذ لا بد  ان هذه العصابات تمتلك المال الوفير.. و في ذات الوقت فهو رادع لعدم اللجوء الى الجريمة.

اما بالنسبة لفرض الضريبة على الجرائم الصغرى مثل الجنح فهي مرغوبة ورادع لإرتكابها.

اما بالنسبة للذين يرتكبون الجرائم الخطيرة وهم فقراء ولا يستطيعون تسديد الضريبة ولكنهم مضطرون لدفعها لصندوق ضحايا الجرائم.

ولكن كيف؟

هنا يتطلب تصميم نظام خاص لتشغيل المجرمين من كل الفئات السابقة وغيرها من الفئات اثناء فترة سجنهم.. مثل الصين فهناك 30 مليون سجين اكثر من تعداد سكان استراليا يعملون بالإنتاج القومي الصيني ويسهمون في تقدّم الصين الاقتصادي.

لهذا ارى ان مبادرة الاقتراح مفيدة من جميع الجوانب .. سواء التعويض لضحايا الجرائم  ام للحكومة لإدارة السجون او ردع المجرمين عن ارتكاب الجرائم.

السؤال الرابع:

< هل على السيناتور الاحراري جيم مولان ان يعتذر لنشره مقاطع فيديو وٌصفت بالمعادية للمسلمين والاسلام؟

كان رأي شهرزاد انه  يجب ان يعتذر لأنه يمثل وجهة نظر رئيس الوزراء والحكومة التي دافعت عن مولان وهو السيناتور الاحراري.

بادئ ذي بدء يجب عرض ظروف الفيديو ومَن هي شخصية السيناتور مولان التي اثّرت على القضية المثيرة للجدل:

نشر مولان على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من شريط اصدرته مجموعة متطرفة بريطانية تحمل اسم «بريطانيا اولاً» تُظهر اعمال عنف يقوم بها مجموعات اسلامية في اوروبا .. اثار العرض حفيظة وغضب المسلمين في استراليا لأن مولان كان قائداً لقوات التحالف في حرب العراق عام 2003 في مدينة الفلوجة.

يقول مولان انه لم ير كل مقاطع الشريط ونشره على موقعه عن طريق الخطأ بل ولم يسمع عن تلك المجموعة المتطرفة قبل ذلك ولم يقصد سوى رفضه للعنف والسلوكيات غير الاجتماعية .. وليس هدفه الاساءة للإسلام والمسلمين.

وبالفعل لو نظرنا الى حديث مولان فهو ليس سياسياً محنكاً بمعنى الكلمة وتمّ تعيينه في مجلس الشيوخ وغير منتخب من الشعب.. ويبدو انه طيب القلب الى حد الوقوع في اخطاء غير متعمدة كان هدفها السلوك الانساني سواء من المسلمين او المسيحيين.

فقد حارب مولان بكفاءة في العراق وحارب داعش فهو قائد عسكري من الدرجة الاولى.. ولم تؤثر وجهة النظر في الفيديو المعروض بأي شكل على عمله كقائد عسكري في الفلوجة.. والدليل على ذلك قد استمعنا  في نشرة الاخبار اس بي اس هذا الصباح من الاعلامي سليم الفهد ان سيناتور حزب الخضر آيدنبرغ قد قال انه لا بد قد اثرت وجهة نظر مولان في الفيديو وتعكس موقفه في المعارك في الفلوجة .

وقد تراجع آيدنبرغ عن تصريحه بعد دراسته القضية وقدّم اعتذاراً خطياً ورسمياً الى مولان .. مع ان مولان يضع قيد الدرس المقاضاة القانونية استناداً الى تهمة التشهير بـه.

لذلك فإني اعتقد انه لا يجب على مولان تقديم الاعتذار .. مع تسليمي انه اخطأ بدون تعمّد والقانون لا يحمي المغفلين ويعتمد على القول والتنفيذ .. والذي يرى عكس ذلك يمكنه ان يرفع دعوى في القضاء بموجب تشريع Criminal Justice Act تحت فقرة «العنصرية الدينية» .. وعلى القضاة والمحامين البت فيها من الناحية القانونية.. فاذا اساء مولان للمسلمين والاسلام هنا ستطلب منه المحكمة الاعتذار القسري وتحسم القضية.

نقطة اخيرة

تعتقد شهرزاد والمستمع للبرنامج علاء مهدي ان مولان بعرضه الفيديو ورفضه الاعتذار يمثّل وجهة نظر الحكومة.. وهنا يكمن الخطأ الكبير بعدم فهم النظام السياسي الاسترالي والممارسات السياسية في استراليا.. صحيح ان تيرنبل دعمه في عدم تقديم الاعتذار ولكن مولان سياسي مسؤول عن قوله وعمله فقط ولا يمثّل وجهة نظر الحكومة مع انها تدعمه.