بقلم / كندة سمارة
الانحياز التأكيدي (Confirmation Bias) ويعني الميل للبحث عن تفسير أو تذكّر للمعلومة بطريقة توافق معتقداتنا وافتراضاتنا الشخصية، وعدم إعطاء انتباه مماثل للمعلومات المناقضة لها. أو بمعنى أخر نحن نميل بأن نصدّق ما نُريد أن نصدقه فقط… وهذا الأمر يبدأ معنا منذ الصّغر حيث نقوم بتأسيس وجهات نظر معينة نستطيع من خلالها التعايش مع الحياة. فعلى مدار حياتنا تتكون لدينا مجموعة من القناعات عن المحيطين بنا ونبني عليها معتقداتنا. فالانحياز التأكيدي يدعم الثقة المبالغ بها بمعتقداتنا الشخصية التي تقف في وجه أي أدلة معاكسة، فهو بشكل أو بآخر نوع من الانحياز المعرفي، والخطأ في الاستقراء.
وعلى الرغم من أن هذه الأفكار والمعتقدات مهمة جداً لتكوين شخصيتنا وأفكارنا، إلا أنها قد تكون سبباً هاماً يسبب لنا العديد من المشاكل في التعامل مع بعض المواقف…. فمثلاً حين سماعك خبر ما، تجد نفسك وبدون أدنى مراجعة لتفاصيل الخبر، ودون وضع نسبة ولو بسيطة من الشك في التأكد من صحة الخبر أو عدمه، بل وفوراً ابني حكمك وتصدر القرار النابع من قناعاتك الشخصية لتقع دونما انتباه في مصيدة الانحياز التأكيدي (Confirmation Bias).
ولا تقتصر القناعات التي لدينا بالقناعات السياسية بل أية قناعة مكتسبة عند الفرد توقعه في مصيدة الانحياز لها، فمثلاً «إذا كانت لديك قناعة أنّك محدود الذكاء، ستجد نفسك وقد سيطر عليك هذا المفهوم حتى ولو كنت عكس ذلك.» وأصل المشكلة في هذا الانحياز، أنك حين تتعرض لموقف ما، تجد نفسك تعيد شريط قناعاتك وذلك لمُواجهة الموقف بكل الطرق، فخيالك يمنعك من رؤية البدائل الحقيقية.
يقول الفيلسوف فرانسيس بيكون: «لا تقرأ لتهاجم وتعارض، ولا لتجد ما تتحدث عنه، بل لتزن وتفكر.» لذلك عليك قبل أن تحكم على شيء ما، أو تتحمس لخبر سمعته، أن تفكر وتبحث عنه قليلاً. إياك وأن تبحث عن شيء تريد فقط اثباته، ولا تصدر رأي فقط لأنه منحاز لقناعاتك، ولا تعتمد على أخبار مسموعة دون أدلة، بل افتح ذهنك وحلل الموقف من وجهة نظر محايدة تجتمع فيها أدلة واقعية، حينها فقط سيكون الحكم نابع من منطق سليم ودون انحياز.