بقلم هاني الترك OAM
ان اختيار مهنة يحبها الشخص هو هام في قيادته الى النجاح والسعادة في الحياة.. واني احد الناس المحظوظين .. حيث ادركت منذ الطفولة حبي للكتب والمعرفة.. فهوايتي هي مهنتي هي حياتي.. محورها الكتب والمعرفة.. حتى انني اثناء دراستي في المدرسة قرأت شعاراً للكاتب العظيم فيكتور هوغو اعجبني وانتهجته وطبقته معظم سنوات دراستي: اسرق ابي في سبيل المعرفة.
لهذا اول شهادة جامعية لي كانت الفلسفة .. فهي ام المعرفة من القاعدة وحتى القمة رأس المعرفة. . وحينما هاجرت الى استراليا اول شيء عملته هو دراسة الانكليزية تمهيداً لدراسة علم المكتبات.. وحصلت على ماجستير في ادارة المكتبات من جامعة نيو ساوث ويلز.. ودرست القانون لأني عملت في مكتبة المحكمة العليا كباحث قانوني للقضاة فيها.
في منزلي مكتبتي الخاصة حيث امضي فيها معظم اوقاتي انهل من كنوز المعرفة .. واتردد دائماً على المكتبات العامة لإستقاء المعرفة.. واتجول دائماً في محلات بيع الكتب الجديدة لأنها اكثر حداثة من المكتبات العامة.
حينما تقاعدت من عملي في مكتبات القانون تحولت الى الصحافة العربية.. انطلاقاً من هوايتي هي مهنتي هي حياتي هي المعرفة لا اتقاعد منها.. لأن القدرة على العمل لا ترتبط بسنوات العمر.. فرغم تقدم سني لا زلت اعمل بحيوية ونشاط.. وطاقتي الفكرية والجسدية تضاهي طاقة الشباب.. وقدّرت استراليا مجهوداتي في الصحافة العربية ومنحتني وسام الملكة الرفيع OAM مما جعلني اتحفز اكثر في تعلقي بالكتب والمعرفة.
ومنذ اسبوعين كتبت قصة الجاحظ الاسترالي الذي كان يهوى الكتب وامتهنها طيلة عمره بوب غولد .. حتى انه توفي بعد ان سقطت الكتب على رأسه في مكتبته.. وقبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة طلب من ابنته ان تواصل فتح المكتبة رغم وفاته حتى يطمئن قلبه وهو في القبر.
اسميته الجاحظ الاسترالي لأن الجاحظ العربي الذي كان جاحظ العينين سحرته المعرفة.. وكان له اول كتاب «البيان والتبيين» الذي جمع فيه صنوف البيان والاحاديث والخطب والفقرات المستحسنة في تاريخ العرب.. فأمضى الجاحظ عمره في الكتب والمعرفة.. حتى ان الكتب هوت على رأسه فقتلته.
ان الكتب كنز معين لتراث البشرية الذي لا ينضب ابداً.. لهذا فإنني اطبق في حياتي المثل المعروف:
اطلبوا العلم من المهد الى اللحد.