بقلم / هاني الترك O A M
حينما رحلت أمي عن دنيانا الأسبوع الماضي كان لابد لي أن ألقي كلمة الوداع لها في الكنيسة .. فاحترت ماذا أقول في هذه المناسبة الحزينة فقررت أن أقول الآتي:
اسمحوا لي أن أتحدث بمحبة كما أوصانا السيد المسيح .. وبأمانة كما علمتني أمي التي توفيت أمس الأول مع ذكرى صعود السيد المسيح إلى السماء.
أمي فدوى أم هاني التقت فيها صفات المرأة المثالية من الطيبة وعمل الخير والقلب الكبير والإيمان والذكاء والثقافة.. وهذه جميعها منبثقة من المحبة.
الأسبوع الماضي وقبل وفاتها وقعت حادثة معنا أريد أن أظهر فيها عمق محبتها.. كنت قد كتبت مقالاً في صحيفة التلغراف أود أن أشير إليه بأمانة مثلما علمتني أمي.. تحدثت فيه عن «نساء في حياتي» لأبرز دورهن في حياتي الأرضية.. أمي مثقفة رغم تقدمها في السن كانت تقرأ التلغراف دائماً.. قرأت مقالي وهي المرأة الأولى في المقال إذ ذكرت أنها أم عظيمة.. فلم تهتم بهذا المديح وقالت: يا ولدي إن المقال يجرح امرأة في حياتك وعزيزة عليك.. فلا تحرج أو تؤذي أحداً.. ففي هذا خرقٌ لتعليم السيد المسيح.
ومن شدة محبتها لتلك المرأة طلبت مني أن أعدل من المقال في مقال آخر يعدل ويبرر من المقال الأول.. وبالفعل كتبت أقول إن الهدف من المقال الأول كان هو ما أعتقد به في حقيقة عودة الروح استنادا إلى أسس علمية.. فحواها أن كل إنسان بعد رحلته الشاقة الأرضية يصنف بعالم الروح بموجب قيامه بأعمال الخير والخدمة الإنسانية والمساعدة للمحتاجين والتي منبعها جميعا يجب أن يكون من المحبة.. فإن تلك المرأة تحبك.. وعلى هذا الأساس يصنف الشخص في عالم الروح.. ويسوع المسيح هو القائل: عند أبي منازل كثيرة.. ومحور رسالته المحبة على الأرض إذ هو القائل أيضاً أحبوا بعضكم بعضاً.
وأضفت بالمقال الهدف الذي كنت أصبو إليه بأن هؤلاء النساء اللواتي كتبت عنهن سوف التقي بهن في عالم الروح حيث هناك المحبة الخالصة والفرح مع الله.
فعندما يولد المخلوق يبكي حينما يطلّ إلى نور الحياة والجميع يضحك بسرور.. وبعد رحيله إلى عالم الروح هو يضحك بفرح والجميع يبكون.
لقد كانت رحلتك يا أماه شاقة في أرض العذاب قبل ولوجك إلى عالم الروح في حياة محورها المحبة التي أوصانا بها يسوع المسيح.. فأحببت الجميع والجميع أحبوك.. ونحن نودعك اليوم أقول لكي إلى الملتقى في عالم المحبة الخالدة الذي تنعمين به الآن بسلام وفرح مع الله والذين سبقونا من الأحباب وفي مقدمتهم والدي الراحل مانويل أبو هاني الترك.
وشكرا لإصغائكم.
وبعد انتهاء الكلمة واختتام مراسم الصلاة اقترب مني بعض الحضور وهنأوني على الكلمة وقالوا أنهم لم يسمعوا من قبل عما قلته عن عودة الروح ولكن يبدو أن هذه النظرية تتعارض مع الديانات السماوية الثلاث فقلت: إنني لا أريد أن أدخل في نقاش حول الديانات وهذا ليس ما أهدف إليه مع أنني أعرف أن هذه الديانات كانت تعرف عودة الروح ولكني أقول في ذات الوقت إنني لا أهدف تغيير إيمان أي متعبد في أي ديانة لأن المهم هو تطبيق التعاليم الصالحة في الديانات هذا هو العامل الحاسم.. فأنا مجرد باحث عن الحقيقة ومتابع لتقدم العلوم وفلسفة العلوم وأرى أنها تدعم الإيمان طالما أن المؤمن يلتزم بتطبيق التعاليم الدينية.