ان خلق «غيتوات» داخل المجتمع قد تتسبّب بخلق نزاعات واضطرابات اهلية
علينا ان نعيش بسلام وان نسمح للآخرين ان يعيشوا بإطمئنان (1-2)
بولين هانسن، مؤسسة وزعيمة حزب «امة واحدة» بدأت مسيرتها السياسية كعضو في بلدية «ايبسويتش» سنة 1994. التحقت بحزب الاحرار (1995). جرى اختيارها من قبل الحزب لخوض الانتخابات الفيدرالية (1996) لكن سحب ترشيحها في اللحظات الاخيرة.
في سنة 1997 اسست حزب «امة واحدة» الذي حمل اسساً يمينية محافظة. ترشحت لمجلس الشيوخ الفيدرالي ولمقاعد في ولاية كوينزلاند، فازت للمرة الاولى في الانتخابات الفيدرالية.
في سنة 2002 اتهمت بالتزوير وسجنت 11 اسبوعاً ثم جرى تبرئتها بعد فصلها من الحزب. في 2013 اعيدت اليها عضوية الحزب واصبحت زعيمته.
تمكنت من الفوز في الانتخابات الفيدرالية للمرة الثانية (2016) وجرى انتخابها مع ثلاثة من اعضاء الحزب، واصبح لديها ثقلها السياسي تمكنت خلاله من تمرير آرائها السياسية.
تتميّز بولين هانسن وحزب «امة واحدة» بآجندة سياسية واضحة وصريحة لم تتبدل منذ تأسيس الحزب. ويبدو ان هذه السياسة ومع تفاعل الاحداث داخلياً وعلى الساحة الدولية ساهمت في رفع شعبية الحزب يوماً بعد يوم، ويقدّر الباحثون انها بدأت تشكل حالة سياسية مؤثرة على الساحة المحلية.
ان قبول آرائها السياسية او الاعتراض عليها، الموافقة على طروحاتها او مناهضتها لا تؤثر على كون بولين هانسن اصبحت تشكل اليوم حالة سياسية تقلق بال الاحزاب الكبرى.
التقينا بولين هانسن واجرينا الحوار التالي معها:
حاورها: بيار سمعان
- بولين هانسن: وصفوكِ بالعنصرية والتطرّف واطلقوا عليك نعوت عديدة اخرى.. من يريد رأس بولين هانسن الآن؟دعني اقول اولاً انه يوجد تفاهم ضمني بين حزبي العمال والإئتلاف حول تبادل السلطات فيما بينهما… «انت تحكم هذه المدة، ثم يستلم الحكم حزب آخر…» مع ظهور حزب «امة واحدة» بثقل على الساحة السياسية، بدأت هذه المعادلة تتغيّر، فنحن لا نجري صفقات تهدف الى الوصول الى السلطة فقط بل لدينا برنامج سياسي واضح.
وعندما رأى الحزبان تصاعد شعبية «امة واحدة» بات لا يمانع احدهما من القضاء على الحزب والتخلص منه. لهذا سجنت زوراً لمدة 11 اسبوعاً سنة 2013. وتثار الاتهامات المضللة ضدنا وتنظم مسيرات ومظاهرات تحت شعار مكافحة التمييز العنصري. كما تسعى الاحزاب الى زرع مناصرين ومرشحين يسعون الى ضربنا من الداخل. اتهامات واضاليل واكاذيب تروج في وسائل الاعلام للإساءة الينا ولزعزعة صورة الحزب ومصداقيته في اذهان المواطنين. اذكر على سبيل المثال رئيس الوزراء الاسبق جون هاورد، لم يكن يدرك كيف يتعامل معنا. تهجم علي شخصياً. وفي ايامه وضعت في السجن. ثم لجأ الى اسلوب آخر. بدأ يتبنى طروحات الحزب حول حماية الحدود ومنع وصول اللاجئين غير الشرعيين الى استراليا وانشأ مراكز الاحتجاز وخفض عدد المهاجرين.. هذه هي طروحات سابقة لنا ادعى انها من ابتكاره، حسناً فعل فهذه كانت مطالبنا.
كما حاولوا اجتذاب بعض مرشحينا للإيحاء ان حزب «امة واحدة» بدأ بالانهيار من الداخل. اقول لجميع من يحاربونني انهم لن ينتصروا عليّ لأن الشعب بدأ يدرك اهدافي ويؤيد طروحاتي.
واليوم انني افاخر ان التعديلات الاخيرة حول تأشيرة الدخول للعمل (457) كان لنا اليد الطولى في اقرارها. ومن الأمور التي اعمل لأبطالها هي تراخيص الحلال، فهي باعتقادي غير مفيدة للمجتمع ومضيعة للمال العام ولا احد يدرك كيف تنفق الاموال التي تجنى لقاء الحصول على تراخيص «الحلال».
- ما هو رأيك بزعيمي الإئتلاف والعمال؟اعتقد ان كل من مالكولم تيرنبل وبيل شورتن لا يمتلكان رؤية مستقبلية للبلاد. تيرنبل هو رجل اعمال ومحامٍ ناجح لكنه ليس قائداً، وبيل شورتن هو اسير نقابات العمال ويفتقر لروح القيادة والرؤية الصحيحة. لقد اساء التصرف عندما كان رئيس اتحاد العمال وهو يسيء اليوم للبلاد بسبب روح التبعية لديه. انه ليس قائداً على الاطلاق.
لكل حزب قاعدته الشعبية التقليدية، وكلاهما يسعيان لكسب المزيد من الاصوات. للأسف حزب العمال يدعم المثليين والمسلمين لكسب اصواتهم على حساب المصلحة القومية العليا. انه يرتكب خطأً مميتاً. باعتقادي كلا الزعيمين يفتقران لروح القيادة ونادراً ما يتجرأ احدهما على اتخاذ قرارات حازمة. كما ان كلا الحزبين يسعيان للحصول على السلطة او البقاء فيها، متناسين المصلحة الوطنية وهي اولوية بالنسبة لنا، حسب قناعاتنا. ان اخطأ القائد عليه الاعتراف بخطئه والعمل على اصلاحه لا احد كامل لكن العودة عن الخطأ فضيلة.
- يأخذ عليك البعض انك اسيرة افكارك. العالم يتغير باستمرار وانت تتمسكين بأفكارك. لذا يصورك الاعلام واخصامك بالتطرف والتمييز العنصري والعداء لبعض المكونات الاجتماعية.. ؟؟ وهل يمكنك بالتالي ان تكوني بناءة طالما ان افكارك هي سلبية؟؟عندما تحدثت في خطابي الاول عن غزو الاسيويين لاستراليا في سنة 1997 يجب ان نتذكر الاحداث المؤلمة التي وقعت خلال مظاهرات الطلاب في الصين ( ساحة تيانامان). سمح رئيس الوزراء آنذاك بوب هوك بدخول 20 الف طالب وشاب صيني. لكن بالواقع جرى قبول 30 الف دفعة واحدة هؤلاء وعملاً بقانون جمع شمل الاسرة تمكنوا من جلب عائلاتهم، فدخل البلاد ما يزيد على 300 الف صيني. باعتقادي ان هذا العدد من المهاجرين من جنسية واحدة شكل منعطفاً في منحى ونوع المهاجرين الى استراليا بشكل يصعب ادارته. وكان كلامي عن غزو الآسيويين نتيجة لهذا الواقع العملي وليس بسبب آرائي المسبقة والنزعة العنصرية لدي. لا يمكن قبول عدد ضخم من المهاجرين من جنسية واحدة، يجب علينا الحفاظ على نوع من المساواة بين مختلف الجنسيات لئلا يصبح لدينا حالات غير متوازية.
جون هاورد كرّر نفس الطروحات في وقت لاحق، كذلك فعل مالكولم فرايزر قبله. فلماذا يطلق عليّ البعض صفة التطرّف؟ كذلك اعرب الزعيمان في اوقات مختلفة عن شكوكهم بان التعددية الثقافية تصلح لبناء مجتمع متماسك.
انا لست ضد هجرة الآسيويين الى استراليا لكنني بالواقع ادافع عن مصالح استراليا، وعن نمط الحياة فيها والمبادئ التي تقوم عليها. ولن اعتذر لأحد ان كان يرى عكس ذلك او يتضايق من طروحاتي ومواقفي.
عندما أنتقل الى اي بلد آخر اشعر بالمسؤولية الملقاة عليّ لكي احترم القوانين والعادات والمثل المعتمدة فيها. ان قررت الاقامة في اي بلد آخر، ان كان الصين او الولايات المتحدة او السعودية فأنا لا اتوقع من هذه البلدان ان تعدل قوانينها ومعتقداتها لكي تتلاءم مع آرائي ومعتقداتي، بل يجب علي ان أتكيف مع المجتمع الذي اقيم فيه واتقبّل عاداته واطيع قوانينه. فإن لم يعجبني نظام هذا البلد فلن اذهب اليه او اقيم فيه.
لذا سأقف دائماً مع استراليا واتمسك بقناعاتي. وهي ثوابت لدي لا تتأثر بأية تغييرات ميدانية. آباؤنا واجدادنا عملوا لإنماء هذا البلد والحفاظ عليه على مدى سنوات طوال. علينا بالتالي الحفاظ على ما اورثونا.
ليس لديّ اية كراهية للمهاجرين. اجدادي كانوا مهاجرين، وزوجي السابق كان مهاجراً من بولندا. جدي هاجر الى استراليا، وعندما دعاه الواجب الوطني انخرط في الجيش الاسترالي وشارك في معارك غاليبولي.
تعرفت منذ طفولتي الى العديد من المهاجرين واطلعت الى رواياتهم ومعاناتهم، خاصة خلال الحروب. وانا اتعاطف معهم. معظم المهاجرين انخرطوا في المجتمع واحترموا قوانين البلاد والعلم الاسترالي، ورفضوا الانخراط في مجموعات اجرامية معادية للمجتمع وللقوانين، بل على العكس اتخذوا استراليا وطناً لهم. عبّروا عن احترامهم للوطن الجديد من خلال احترام ومؤازرة سائر الاستراليين.
بالطبع المجتمع الاسترالي يتغيّر باستمرار، وانا لا ادعو الى اعتماد سياسة «استراليا البيضاء» غالباً ما يستعمل الناس كلمة «عنصري» وهم لا يدركون حقيقة ما تعنيه. لم الجأ قط في طروحاتي او لقاءاتي الى استخدام تعابير عنصرية او اسأت الى احد بسبب خلفياتهم المتنوعة .
المجتمع الاسترالي تغير وهذا امر واقع، وباعتقادي ان التنوّع الثقافي هو عنصر اثراء لاستراليا. نزور دول اخرى ونستمتع بثقافاتها. اليابان وفرنسا وانكلترا ولبنان وغيرها، دول لها ثقافاتها.
قد يدعي البعض ان استراليا هي بلد ناشئ وليس لديها حضارة. هذا غير صحيح. الولايات المتحدة الاميركية هي ايضاً بلد المهاجرين وليست عريقة تاريخياً، لكنها غنية بثقافتها وتعتبر من الدول العظمى اليوم.
التعددية الثقافية لا تعني عدم الاندماج الاجتماعي بل تهدف الى الانسجام مع التنوّع. ليس المقصود خلق «غيتوات» عرقية او دينية بل الحفاظ على ما هو صالح لدى المجموعات وتحويله الى طاقة ايجابية تطوّر المجتمع الذي اخترنا بكامل حريتنا العيش فيه. للأسف يعتقد البعض ان التعددية تعني الحفاظ على التمايز الاجتماعي والديني وعدم الانسجام داخل المجتمع والتكامل معه، ورفض الاندماج فيه. فان لم نتمكن من معالجة هذه الشواذات سيصبح لدينا مجموعات سكانية مختلفة ومتعارضة لديها اعرافها وقوانينها وشريعتها وترفض بالتالي الاندماج في المجتمع ككل. هذا الواقع قد يخلق المزيد من التشنّج والنزاعات التي لا نرغب بحصولها. نعود من جراء ذلك الى النظام القبلي المتناحر. وان لم نعالج اليوم نشوء هذه الحالة فاننا نتجه نحو النزاعات والحروب الاهلية في شوارعنا…
- استنتاجاً لما تذكرين، ماذا تتوقعين من المسلمين في استراليا؟اتوقع منهم ان يتصرفوا كأي استرالي آخر، انا أؤمن انه يحق لكل مواطن ان يمارس شعائره الدينية كما يشاء ويحافظ على عاداته وطقوسه الدينية وتمايزه الثقافي.
باعتقادي الاسلام هو الدين الوحيد الذي يدعو الى كراهية كل من لا يؤمن بما يؤمنون ويتبع عقيدتهم… المسيحيون لا يفعلون ذلك ولا يكفرون احداً ويحترمون معتقدات الآخرين…
علينا ان نعيش بسلام ونسمح للآخرين ايضاً ان يعيشوا بسلام ووئام. يجب ان نظهر النوايا الحسنة تجاه الآخرين وان نتقبلهم بفروقاتهم. وهذه علاقة جدلية تشمل الجميع دون استثناء.
ان ما نراه يحدث احياناً هنا وفي بلدان اخرى حول العالم على يد مجموعات اسلامية اصولية هو مؤسف وخطير . وانا لا ارغب برؤية ما يحدث في الشرق الاوسط واوروبا ان يتكرر في استراليا. وتقديراً للأوضاع المضطربة في العالم، طالبت واطالب الحكومة بوقف هجرة المسلمين الى استراليا حتى نقرر بشكل نهائي اي منحى ستتخذه البلاد وكيف سنعالج هذه المشاكل قبل ان نفقد السيطرة عليها.
علينا اليوم ان نأخذ عبراً من اخطاء دول اخرى وان نضمن عدم تكرار ما يحدث لديهم هنا في استراليا بسبب تطرف بعض المجموعات الاسلامية.
ان شساعة البلاد وعدد السكان في استراليا وارتفاع عدد المسلمين المتنامي يجعل استرلايا في خانة الخطر ان لم يجر معالجة هذا الخلل اليوم.
- لكن قد يعترض البعض على اقوالك هذه بحجة اننا نعيش في بلد ديمقراطي يضمن حرية الفرد والجماعة والمعتقد ويسمح للمواطنين ان يبشروا بما يؤمنون به.. فما ردك على ذلك؟فلنعد الى القانون – القوانين في استراليا تسمح بالزواج من امرأة واحدة، هم يطالبون بتعدد الزوجات. انا لا استهدف المسلمين بنوع خاص لكن ليس صعباً الاعتراف بوجود فوارق ومعارضات شاسعة بين القوانين الاسترالية وما يدعو اليه بعض المسلمين.
للأسف بدأنا نفقد استراليا التي نعرفها ونحبها. اصبح من الصعب الآن توفير مسكن شعبي لأي محتاج في استراليا او توفير اعانات بطالة العمل للعاطلين من الاستراليين بسبب استغلالهم للقوانين والنظام الخدماتي في البلاد. انهم يبيحون ما يشاؤون ويحرمون ما لا يتلاءم مع مصالحهم الخاصة واصبح البعض منهم يعيشون على هامش المجتمع ويصممون على استغلال القوانين عن سابق تصوّر. وسأعمل ما في وسعي ان اوقف استغلال النظام الخدماتي والاساءة الى قوانين البلاد.
- كيف يمكنك القيام بهذه المهمة. فانت فرد واحد وصوت صارخ في نظام متماسك يساوي بين الجميع؟منذ عودتي الى العمل السياسي ودخولي مجلس الشيوخ تمكّن حزب «امة واحدة» من الحصول على 8 مقاعد في البرلمان. فاذا كان ما ادعو اليه هو فعلاً ما يريده المواطنون ويأملون بتحقيقه اعتقد اننا سنتمكن من الحصول على المزيد من المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ. ان الكلمة الاخيرة هي للشعب الاسترالي. عليه هو ان يقرر ما يريد. انا مجرد وسيلة واداة قادرة على نقل مخاوفه ومطالبه وتحويلها الى قوانين. هذا ما يمكنني ان احققه. انها مسؤولية الناخبين ان يوصلوا مرشحينا الى البرلمان لكي نتمكن من احداث خرق في الطريقة التي تساس بها البلاد وتطويق المخاطر المتنامية في الداخل.
ما الاحظه لدى المواطنين هو الشعور بالخطر والخوف على المستقبل. واصبح البعض يردد على مسامعي: نريد الرحيل عن استراليا. لم تعد الوطن الذي احلم بالعيش فيه.
كل يوم نقرأ في الصحف ووسائل الاعلام اخبار القتل واطلاق الرصاص في الشوارع والضحايا الذين يسقطون بسبب تعديات العصابات الاجرامية واعمال التصفية لاخصامهم والاعمال الارهابية…
انا هنا لأقف الى جانب من يخشون خسارة استراليا الوطن المزدهر والآمن والى جانب من يتخوفون على مصيرهم في المستقبل. معاً سنحفظ مستقبل هذه البلاد.
ان من يصمت على الشر او يتجاهله فهو يقبل به. انا عضو في البرلمان الفيدرالي وهذا فخر كبير لي بحد ذاته. منذ انتخابي للمرة الاولى (18 سنة) حتى اليوم ازددت قناعة بما احذر منه. لقد زادتني الايام خبرة وثقة بنفسي وايماناً راسخاً بما ادعو اليه. انا اعلم واجباتي وادرك ما يجب ان احقق في حياتي. قد تكون قدراتي محدودة اليوم، لكن الشعب الاسترالي هو من يقرر في آخر المطاف ماذا يريد.
دعني اقول لك هذا الامر. بعد رحيلي وفي حال جرى إلغاء حزب «امة واحدة» ستحتاج استراليا الى سنوات طوال قبل ظهور حزب جديد يلتزم فقط بمصلحة استراليا.
- محطة الجزيرة تتهمك باستغلال «ورقة الاسلام» لتحقيق اهداف السياسية. فهل انت مجرد سياسي استغلالي ام انك في مهمة سياسية تلتزمين بها؟لو لم يكن الناس يدعمون طروحاتي وافكاري لكنت اليوم خارج البرلمان. ان تبدلاً لافتاً يجري الآن على الساحة العالمية فقد جرى انتخاب دونالد ترامب من خارج المجموعة السياسية التقليدية، لدينا ايضاً انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ووصول «لو بان» الى نهائيات رئاسة الجمهورية في فرنسا، وامثلة اخرى عديدة..
فأنا لست الشخص المميز، هناك تبدل في توجهات الناس في العالم اجمع كردة فعل لما يحدث في الشرق الاوسط ولتهديدات الموجات الاصولية الاسلامية وللاعمال الارهابية التي ترتكب هنا وهنالك لقد بدأ العالم يردد: لقد طفح الكيل…!!
والناس يؤيدون ويناصرون من يعبر عن تطلعاتهم ويتفاعل مع مشاعر القلق لديهم. وهم يصوتون لصالح من يثقون انه قادر على احداث تبدل وتعديل في مجريات الامور. واعتقد انه طوال السنوات الاخيرة اصبح الناس اشد اطلاعاً على الاحداث ومعرفة بخلفياتها. والى جانب ذلك اصبح المواطنون يعيشون يومياً هذه التحديات في شوارعهم واحيائهم ومدنهم، مع جيرانهم وفي مدارسهم. اصبحوا يختبرون الفروقات، وهم لا يحبذونها وغير راضين عنها.
- استقال مؤخراً كوري برناردي من حزب الاحرار ليؤسس حزب «المحافظين». ومنذ اسابيع اعلن عن انضمام حزب «العائلة اولاً» الى حزبه. هل تنوين الطلب الى الاحزاب الصغرى الانضمام الى حزب «امة واحدة» لتصبحوا حزباً كبيراً؟قد يكون هناك مبادئ مشتركة مع البعض وانسجاماً حول بعض القضايا الجوهرية. لكن دعني اعطيك بعض الامثلة. السيناتور نيك اكسنافون الذي مضى على وجوده في العمل السياسي حقبة من الزمن. حاول ترشيح اشخاص باسم الحزب، لكنه لم يفز إلا في ولايته فقط.
ليس لديه اي تأثير على الساحة الاسترالية. دارين هينش حاول ايضاً التوسع لكنه فشل، جاكي لامبي لا تزال فاعلة فقط على مستوى تازمانيا. لا يصعب الاستنتاج ان المستقلين لم يتمكنوا من كسب التأييد القومي على مستوى استراليا، لكنني على العكس اخترقت هذه القاعدة ولديّ مناصرين في كل استراليا.
منذ 20 سنة عندما طرحت آرائي وافكاري السياسية ظن الناس انني عنصرية ومتطرفة وادعو الى الكراهية. اليوم يردد الناس على مسامعي اسفهم لأنهم لم يصوتوا لي في السابق.
لقد اصبحت الآن اكثر حذراً حول الاشخاص الذين نختارهم اعضاءً في الحزب او مرشحين له . لذا اتساءل معك حول اهداف هؤلاء المستقلين وبرنامجهم السياسي وتعلقهم بالسلطة. ولن اتعاون مع اي انسان لا تتلاءم قناعاته مع قناعاتي واهدافي. لقد عملت طوال سنوات الى ايصال الحزب لما هو عليه الآن ولن اقبل ان يصل انسان من الخارج ليحقق اهدافه الشخصية على حساب «امة واحدة». انا لست متسلطة او انانية واسعى الى تحقيق مآرب شخصية. لهذا لا اتردد ان اؤيد اي شخص قادر على القيام بعمل صالح للأمة، حتى ولو كان من حزب الخضر.
جرت محاولات في السابق لضرب الحزب من الداخل عن طريق زرع اشخاص ادعو انهم يناصرون مبادئنا الاساسية. لهذا انا اليوم شديدة الحذر ان تتكرر المحاولات السابقة. سوف اسعى للحفاظ على الحزب بكل ما اوتيت من قدرة لأنه لا يوجد امامنا فرصة اخرى لنحقق ما نسعى الى تحقيقه. انا لا ازال ابني الحزب على اسس ثابتة وصلبة ولا ارغب بالمغامرة بمصير امة واحدة لكسب مقعد اضافي.
- ما هي المقاييس لاختيار المرشحين وقبول الاعضاء؟لدينا في الحزب قواعد واضحة لاختيار المرشحين اختصرها بمعرفة الشخص معرفة عميقة وموضوعية. وعليهم بالمقابل الاجابة على مجموعة اسئلة حول افكارهم السياسية وطروحاتهم وآرائهم بالمسائل المصيرية. وغالباً ما نطلع على كتاباتهم ومؤلفاتهم وملاحظاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وعليهم الالتزام بسياسة الحزب وبقراراته، وعليهم ان يثبتوا قدرتهم واستعدادهم للعمل كمجموعة حزبية.
نعقد اجتماعات يومية ونناقش كل القضايا وانا لا افرض آرائي على سائر الاعضاء، بل نتناقش معاً للوصول الى قناعات مشتركة واقتراحات عملية.
- عودة الى المسألة الاسلامية، ظهر مؤخراً على الساحة الاسترالية الشيخ توحيدي الذي يدعو المسلمين ان يكونوا مواطنين استراليين وليس مجرد مسلمين يعيشون في استراليا. ما تعليقك على هذه المبادرة؟انا اؤمن ان العديد من المسلمين او مَن ولدوا من عائلات مسلمة، هم ليس بالضرورة اناس اصوليون ومتطرفون وتعشعش الكراهية في قلوبهم. معظم الناس يريدون حياة مسالمة وآمنة ومستقرة.
لقد سمحت لي الظروف ان التقي الشيخ توحيدي. وقال لي صراحة: بولين، انا مسلم واعترف انك على حق. واخبرني عن اختباراته السابقة في بلده الأم مؤكداً انه مواطن استرالي يمارس ايمانه بحرية ودون اية مضايقات ويعتبر استراليا الآن هي وطنه. واعلن صراحة انه يجب عدم السماح ان يسيطر الفكر الاسلامي على استراليا.
للأسف ان بعض السياسيين في استراليا يخبئون رؤوسهم في الرمال ويرفضون الاعتراف بحقيقة ما يجري لذا اطلقت الدعوة لاجراء تحقيق من قبل مفوضية ملكية للبحث في اهداف ومساعي بعض المسلمين وماذا يسعون تحقيقه في استراليا؟
وما هي الآجندا السياسية التي يحاولون ادخالها على الساحة الاسترالية، نريد معالجة صريحة علنية ونقاشاً موضوعياً للتطرف الاسلامي..
لماذا يجب علينا ان ندرّس الفتيات القاصرات انه يجب ان يرفضوا الزواج المبكر او الانخراط في علاقات جنسية قبل سن معين. ان هذا دليل آخر على وجود مشكلة يرفض السياسيون معالجتها بشكل مباشر.
ان قضية اسلمة استراليا ليست المسألة الوحيدة على «اجندا» الحزب، هناك امور عديدة اخرى وهامة للغاية.
لكن يجب اولاً ان احصن الحزب من الداخل وان اكتسب ثقة واحترام المواطنين. هناك قضايا تتعلق بشؤون العائلة والاستثمارات الخارجية والشركات الاجنبية والمتعددة الجنسيات التي لا تدفع الضرائب كسائر الشركات الاسترالية وامور عديدة اخرى. انا في مهمة وطنية مليئة بالتحديات.
- هل تخشين على حياتك؟وصلتني تهديدات عديدة وقد يصلني المزيد. لطالما ادركت ان الطريق التي اعتمدتها هي مليئة بالمخاطر . لكنني لا اخشى على حياتي. فالشرطة الفيدرالية تؤمن لي الحماية الدائمة ومهما كانت المخاطر يجب ان يتمسك الانسان بقناعاته ويسير في الطريق المرسومة له. يجب الا ترعبنا التهديدات لأنها تهدف بالدرجة الاولى الى اسكاتنا ودفعنا الى الخروج عن قناعاتنا والسكوت على الحق وتجاهله هو امر باطل. فان تمكنوا من ارعابي، فمن سيكون الشخص الثاني او الثالث. الخوف يعني الاستسلام، وانا لن استسلم بسهولة.