كندة سمارة – ملبورن
بدأتْ أحاديث الترشح العربي لرئاسة منظمة اليونسكو تتزايد، وخصوصاً بعد أن ضمّت القائمة النهائية تسعة مرشحين للرئاسة بينهم أربعة من العرب، ليقلل كل مرشح منهم من حظ زميله في الفوز. حيث بدأت صيحات المعترضين على تلك الترشيحات تعلو لعدم اتفاق العرب على شخصية واحدة تمثلهم لهذا المنصب، ملقين اللوم على الحالة المزرية التي وصل إليها العرب في قلة الحسم وانعدام الرؤية لأبسط أبجديات الفوز والتي تعتمد على التنسيق والاتفاق.
ولكن من أين الاتفاق ونحن نغوص في نزاعات دامية وتفكك، فالعروبة التي طالما اعتقد بها العديد تعاني مؤخراً من احتضار، دون أن تمدّ لها أي يد للإغاثة. حيث من الصعب العثور اليوم على مفهوم للعروبة يستوعب كل مكونات الشعوب العربية، ويعادل ما قدمته العروبة الثقافية في نهاية القرن التاسع عشر، والتي شكلها المسيحيون كحل للجميع في ذلك الوقت… فكانت بالحل العادل الذي جمع كافة أطياف الوطن العربي، بمن فيهم أولئك الذين لا ينتمون للعروبة عرقاً، كالأكراد والأرمن والسريان والآشوريين وغيرهم.
من واجبنا جميعاً اليوم في الوطن والمغترب، صياغة هوية عربية معاصرة ومتحررة وواعية تتجاوز التراث المتأخر للعروبة المنغلقة على ذاتها، وذلك من خلال التركيز على البعد الثقافي المتعدد، المنفعل والمتفاعل مع الآخر ليكون مفتاحاً للخروج من أزمتنا الحالية… فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى هوية تجمعنا في إطار دولة حقيقية، في ظل عروبة جديدة والتي من أهم بنودها تقبل الآخر من أي عرق كان أو جنس أو دين أو مذهب، والاعتراف به كشريك على الأرض العربية.