بقلم / هاني الترك O A M
يقال عموماً عن العربي ان عاطفته تحركه ويفتقر الى العقلانية. فهو ان احب يحب بعنف.. وإن كره يكره بشدة.. وصديق اليوم يصبح عدو الغد حسب الأهواء والظروف.. ولا تستمد العلاقات جذورها من منطق العقل.. حتى الانظمة العربية في أنماط حكمها تارة صديقة واخرى عدوة.. وان استولى فرد على نظام الحكم صفقوا له وامتدحوه.. وان سقط بصقوا عليه ولعنوه.. وكأننا شعب تجمعه صفارة وتفرقه عصا.
ودعونا نظهر قصة الجهل المستحكم فينا بحكايات من تراثنا في كتاب قرأته يحمل اسم : «شيح بريح» من تأليف سلام الراسي:
يحكى ان رجلين شاهدا جرما اسود قرب الوادي .. اخذا يتكهنان في امره وقال الأول: انه طير كبير.. وقال الثاني انه عنزة..ولما بدأ كلاهما يعزز رأيه بالدليل اذا بالجرم الأسود يفتح جناحيه ويطير.. فانفجرت اسارير الأول وقال: ألم اقل لك انه طير.. فقال الثاني .. لا بل عنزة ولو طارت.. وهنا ينطبق قول الحكمة العربية القديمة : إن اسوأ الناس هم الحمقى.. فإنقر ولا تناقر واحمق لا تجاكر.
وفي احدى الحوادث كان نصيب وظيفة باش كاتب لعباس أفندي في المحكمة بحكم توزيع الوظائف بموجب الطوائف.. بعد مدة رفعت شكاوى ضد عباس افندي في انتهاكات للتحقيق فيها.. وبعد التحقيق لم يعثر في ملف عباس ما يوجب الادانة لأن عباس كان امياً لا يقرأ ولا يكتب لذلك هو لم يرتكب خطأً.
.. هذه هي نماذج من تاريخنا التي لا تزال تعج فيها انظمتنا.. فإن الانسان العربي قد آل للسقوط فإذا اجتمع العرب في جلسة فكل واحد منهم فيلسوف مهنته صناعة الكلام.. اذن ان الفلسفة غير العلمية هي رؤية الحقائق في الظلام.. ومن ثم رؤية الاشياء سرابا.. فليس لدينا العقل العلمي الذي يستقصي الحقائق في ضوء النهار.
فإن هدف العلم دراسة الحقائق وابرازها على طبيعتها وتحليلها على اسس علمية عقلية.. فالجهل عدونا.. ولن نلتحق بركب الحضارة والتقدم الا بإعادة بناء الانسان العربي ليس بثورة عسكرية او دينية ولكن بثورة ثقافية نهجها العلم والعقل .
واذا كنت عزيزي القارئ تريد معرفة الفرق بين المنهج العلمي والتقدم ومدى تأخرنا نحن العرب اقرأ مقالي الاسبوع المقبل عن اكبر ثورة علمية يشهدها تاريخ البشرية رائدتها استراليا.. سوف تقلب مصير الانسانية رأساً على عقب في كل مجالات الحياة.