بدت الضربة الأميركية للقاعدة العسكرية السورية في حمص، رداً على «مذبحة الكيماوي» في إدلب، وكأنها فرضت تراجعاً في حدة المواجهات بين القوات النظامية وفصائل المعارضة السورية. وأغارت الطائرات السورية مجدداً أمس على بلدة خان شيخون التي قُتل ما لا يقل عن 87 من سكانها في الهجوم المفترض بغاز السارين قبل أيام، متسببة هذه المرة في مقتل إمرأة وجرح ابنها، كما قُتل ما لا يقل عن 15 مدنياً بغارات لطائرات التحالف الدولي على محافظة الرقة، معقل «داعش» في شمال شرقي سورية.
في مقابل ذلك، سُجّلت سخونة لافتة في التحركات السياسية، وسط ترقّب دولي لمعرفة ما إذا كانت الضربة التي أمر بها الرئيس دونالد ترامب ضد مطار الشعيرات ستبقى عملاً منفرداً أم يمكن أن تتبعها ضربات أخرى ضمن إجراءات إضافية، وفق ما لوّحت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في نيويورك نيكي هايلي.
وأفيد بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اطلع من ترامب على تفاصيل الضربة التي نفذتها الولايات المتحدة في سورية. وأوردت وكالة الأنباء السعودية أن خادم الحرمين الشريفين هنأ، ليلة أول من أمس، الرئيس الأميركي في اتصال هاتفي «على هذا القرار الشجاع الذي يصب في مصلحة المنطقة والعالم». كما جرى خلال الاتصال بحث العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين الصديقين، واستعراض الأوضاع في المنطقة والعالم.
وشكّلت التطورات السورية أيضاً جزءاً من جلسة عقدها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع حكومته وكبار المسؤولين. وقالت الرئاسة المصرية إن السيسي دعا المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة في الأزمة السورية إلى «احتواء الصراع، والتوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة يلبي طموحات الشعب السوري ويحافظ على مؤسسات الدولة الوطنية السورية ومنع تفككها».
ودان الرئيس الإيراني حسن روحاني، الهجوم الصاروخي الأميركي على القاعدة السورية ووصفه بالخطوة «الوقحة» و «الظالمة»، واعتبره يتعارض مع المواثيق الدولية، داعياً إل? تشكيل «لجنة محايدة» لتقصي الحقائق في شأن الجهة التي تقف وراء استخدام الأسلحة الكيماوية في خان شيخون. لكن الموقف الإيراني المؤيد لحكومة دمشق قابله موقف تركي متشدد، إذ قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن أنقرة ترى التدخل الأميركي في سورية مناسباً لكنه غير كافٍ. وأضاف في تصريحات بمدينة أنطاليا (جنوب تركيا): «إذا كان هذا التدخل محدوداً فقط بقاعدة جوية، وإذا لم يتواصل، وإذا لم نزيح النظام عن ترؤس سورية، فإن هذا سيبقى تدخلاً تجميلياً». وقال إن العملية الأمثل هي أن يكون هناك حل سياسي يؤدي إلى حكومة انتقالية يقبلها السوريون في أقرب وقت، ولكن من أجل تحقيق هذه الغاية «على (الرئيس السوري بشار) الأسد القمعي أن يرحل».
في المقابل، تركّزت الأنظار على موسكو والمحادثات المفترض أن يجريها فيها في بدايات الأسبوع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في أول زيارة له إلى العاصمة الروسية منذ تسلمه منصبه. وفيما أكدت موسكو زيارة الوزير الأميركي الثلثاء من دون أي تعديل على برنامجها بما في ذلك الشق المتعلق بلقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين، فإنها أسفت لإعلان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلغاء زيارته المقررة الإثنين.
وغرّد جونسون على «تويتر» منتقداً الدعم الروسي للرئيس السوري، علماً أن الحكومة البريطانية كانت أول من أعلن مساندتها الكاملة للضربة الأميركية، لكن برز أمس موقف لزعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن اتهم فيها الأميركيين بأنهم خرقوا القانون الدولي بتصرفهم، مطالباً بأن يتم أي تحرك عسكري لهم في سورية عبر الأمم المتحدة.