أخيراً خرجت الحكومة بالموازنة المعدلة كانجاز زفته الى اللبنانيين بعد جلسات ماراتونية لمجلس الوزراء الذي انتقل أمس الى ملف الكهرباء في جلسة استثنائية لدرس خطة الطوارئ التي طرحها وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل والتي تثير الكثير من الجدل بما يصعب معه التكهن بما اذا كان مرورها سيكون مسهلاً. واذ تقرر ان يعرض وزير المال علي حسن خليل الموازنة تفصيلاً بأرقامها وجداولها وبالتعديلات التي ادخلت عليها في مؤتمر صحافي يعقده الخميس المقبل، بدا واضحاً ان ابرز ما طرأ من تعديلات على المشروع يتصل بشقين: الاول خفض بعض النفقات المتصلة بموازنات وزارات، والثاني وهو الاهم اعادة النظر على نطاق واسع بالايرادات الضريبية الامر الذي بدا نتيجة مباشرة للضجة الواسعة التي اثارها اخفاق مجلس النواب في اقرار سلسلة الرتب والرواتب جراء النقمة الشعبية على السلة الضريبية التي باشر المجلس درسها في جلسته التشريعية الاخيرة والتي انتهت باشتباك سياسي أدى الى تعليق اقرار السلسلة. وهكذا فان الموازنة المعدلة بأرقامها الضريبية ووارداتها باتت بمثابة اعادة تصويب للمنحى الضريبي الذي ترتبط به اعادة البحث في السلة الضريبية للسلسلة وهو الامر الذي أبرزه اقرار مجلس الوزراء مجموعة تعديلات ضريبية اجملت مصادر وزارية لـ»النهار» أبرزها بالاجراءات الاتية :
خفض العجز بنسبة ملحوظة بإعادة النظر في ارقام النفقات ورفع نسبة الواردات كعنوان عريض للمنحى «الاصلاحي» الذي تتسم به الموازنة ولو بنسب معقولة.
تمثل الاجراء الابرز الذي خضع لنقاش مستفيض في جلسات عدة سابقة واستكمل في جلسة البارحة بزيادة نحو الف مليار ليرة على الضرائب العادية على ارباح المصارف التي وفرتها لها الهندسة المالية التي اجراها مصرف لبنان.
جرت زيادة موضوع مركزية التخمين العقاري واعتماد الموازنات المدققة للشركات في باب الاصلاح الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي. كما لحظت الموازنة تفعيل مداخيل الجمارك وتحسينها.
فرض رقابة على مسبقة على انفاق الصناديق من الهبات والقروض.
وضع سقف للاستدانة محصور بسد العجز المقدر في الموازنة دون سواه.
اقرار قانون ضمان الشيخوخة بالتزامن مع اصدار الموازنة.
احالة قانون قطع الحساب متضمناً السنوات السابقة على مجلس النواب.
وقالت المصادر ان سلسلة الاصلاحات التي أضيفت الى الموازنة أقرت بكاملها بالاجماع، وان وزراء «تكتل التغيير والاصلاح « اصروا على «الاجراءات والواردات النوعية التي تطاول قطاعات معينة وجيوباً كبرى أي زيادة مداخيل نوعية في مرفأ بيروت والجمارك وضرائب على المصارف». وسيعقد اجتماع استثنائي اليوم لـ»التكتل» يليه مؤتمر صحافي لوزير الخارجية جبران باسيل يتناول فيه هذا الملف.
بينما أكد وزير المال علي حسن خليل ان الموازنة اخضعت لخفض النفقات وزيادة الواردات «ونحن راضون عن مشروع الموازنة،» أعرب الوزير باسيل عن «سعادته لاننا انجزنا جملة من الاصلاحات الضريبية التي تؤمن موارد وتصحيحا واصلاحا ضريبيين في البلد «. واوضح وزير الاعلام ملحم الرياشي ان «الاجواء لم تكن متضاربة والنقاش ساده الاخذ والرد لانه يتضمن أرقاماً».
ويخصص مجلس الوزراء جلسته قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا للنظر في خطة الوزير أبو خليل لـ»انقاذ الكهرباء» التي طرحها على المعنيين كاطار طارئ على اعتاب فصل الصيف وفي ظل اشتداد الحاجة الى زيادة الانتاج الكهربائي، علما ان الخطة تلحظ استئجار باخرتين اضافيتين لتوليد الطاقة الكهربائية وزيادة تعرفة الكهرباء وانشاء معامل بقدرة 1000 ميغاوات وانشاء محطات لاستيراد الغاز الطبيعي. ويهدف استئجار باخرتين اضافيتين لتوليد الطاقة الى توفير ما يوازي 800 ميغاوات على خمس سنوات بكلفة تقدر ب850 مليون دولار سنويا تضاف الى نفقات الباخرتين الحاليتين.
الى القمة
وبعد ترؤس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الجلسة «الكهربائية « قبل الظهر، توجه يرافقه رئيس الوزراء سعد الحريري بعد الظهر الى عمان للمشاركة في القمة العربية التي تفتتح أعمالها اليوم الاربعاء. وهي المرة الاولى يشارك الرئيسان عون والحريري في اطلالة رسمية مشتركة منذ بداية العهد وتشكيل الحكومة، علماً ان رئيس الجمهورية سيلقي كلمة لبنان اليوم أمام الزعماء العرب. واثار تبني الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب أمس الاول ورقة لبنان بالاجماع ارتياح الحكم والحكومة بما شكله من مؤشر لتجنب تكرار المأزق الذي واجهه لبنان الرسمي سابقا مع تحفظ دول خليجية عن الفقرة المتعلقة بالتضامن مع لبنان جراء التوتر الشديد بين حكومات خليجية ولبنان بسبب مسألة تدخل «حزب الله» في صراعات اقليمية. لكن الورقة اللبنانية مرت أمس من دون أي مشكلة وبما فيها الفقرة التي تلحظ «الترحيب بما ورد في خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية من تأكيد لوحدة موقف الشعب اللبناني وتمسكه بسلمه الاهلي الذي يبقيه في منأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة والتزامه احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه واعتماد لبنان لسياسة مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي».
وبرزت في السياق الداخلي عشية القمة العربية خطوة لرؤساء جمهورية وحكومة سابقين اتخذت دلالات سياسية لافتة، اذ وجه الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام مذكرة الى الامانة العامة لجامعة الدول العربية لتسليمها الى زعماء الدول المشاركة في القمة وابلغوا مضمونها الى الرئيسين عون والحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وتشدد المذكرة وفق معلومات على تمسك لبنان بالوقوف الى جانب العرب ورفض كل ما يتهدد المصلحة العربية، كما تشدد في الشق الداخلي اللبناني على التزام تطبيق اتفاق الطائف و»اعلان بعبدا» والقرارات الدولية. وعلم ان المذكرة وضعت في لقاء للرؤساء السابقين الخمسة الاربعاء الماضي في منزل الرئيس سليمان في اليرزة بعيداً من الاضواء « تجنبا لاثارة أي حساسية لدى احد».