بقلم هاني الترك OAM

قابلته عام  1973 في جامعة نيو ساوث ويلز حيث بدأنا في دراسة عليا لعلم ادارة المكتبات.. انا احمل شهادة جامعية في الفلسفة وهو يحمل شهادة جامعية في علم الرياضيات ولكن ما كان يجمعنا هو حبنا  للكتب والمعرفة.. اصبحنا اصدقاء.. انا الفلسطيني الذي جاء  الى استراليا متأثراً من الحروب باحثاً عن سلام.. وهو الانكلوساكسوني الذي يسير على مبدأ تحقيق العدالة للإنسان.
تخرجنا من الجامعة واتجهنا للعمل .. توطدت صداقتنا  من علاقة فكرية متأصلة هو يهوي الرياضيات ويهتم بفلسفة الرياضيات لعلم المنطق.. وانا اهتم بفلسفة العلوم بتطبيق المنهج العلمي. قاده اهتمامه بالرياضيات الى دراسة عليا في علوم الفضاء من جامعة سوينبيرن للتكنولوجيا.. وانااكملت الدراسات العليا في المعلومات والمكتبات.. دائماًَ نتجاذب اطراف الحديث حول الشؤون الفكرية والثقافية اتعلم منه آخر تطورات العلوم وهو يتعلم مني الفلسفة الميتافيزيقية القائمة على تقدم العلوم والتكنولوجيا .
تطورت علاقتنا الفكرية والمعرفية الى تقارب عائلي ثقافي.. فاعجب بثقافتنا العربية المحافظة القائمة على وحدة العائلة واراد الزواج من فتاة عربية.. اصطحبته في زيارة الى فلسطين والى مسقط رأسي مدينة غزه وهناك تعرّف على اقاربي ومن بينهم ابنة شقيقتي نهى ..اعجب بهاكزوجة للمستقبل ورأت فيه فارس احلامها.. تكلل  التعارف والاعجاب بالزواج.
وكان زواجاً موفقاً متكافئاً جمع ملامح الغرب والشرق انجبا الاولاد ومن ثم الاحفاد.. مثلما   اصبحت جداً ولي احفاد.
لقد بدأت صداقتنا منذ عام 1973 وتواصلت حتى هذه اللحظة الصداقة القائمة على المحبة والاخلاص والصدق والأمانة والوفاء.
قد لا  يصدق عاقل اننا طيلة تلك السنوات 46 عاماً لم نختلف شخصياً او نغضب من بعضنا ولو حتى مرة واحدة.. رغم النقاش العلمي والفكري الذي نختلف فيه احيانا والمستمد من الاطلاع والثقافة والفكر والمعرفة.. فالصداقة في مفهومها الحقيقي تجسدت في اهم شخص انكلوساكسوني عرفته في استراليا.. رافقني في درب حياتي على مدي 46 عاماً وحتى اللحظة هو ريتشارد.. تحية من القلب والعقل له.