تلقت امس شعبية تيرنبل ضربة اخرى في اعقاب المشاكل التي يواجهها حيال قرار استعادة الديون من قبل مؤسسة سنترلينك واستحقاقات النواب.
وكشف استطلاع للرأي قامت به مؤسسة Reach Tel لصالح المجموعة الناشطة Get Up ان 54 بالمئة يؤيدون حكومة عمالية تدير شؤون البلاد مقابل 46 بالمئة لصالح الإئتلاف.
مع العلم ان استطلاع الرأي هذا جرى قبل استقالة وزيرة الصحة سوزان لي بعد ان اشيع انها اساءت استعمال المال العام.
ومع نهاية عام 2016 التي لم يتمكن خلالها تيرنبل من تحقيق الوعود والاصلاحات واكتساب المزيد من الشعبية ومنح حكومته الزخم والدعم المعنوي والشعبي لها، امل رئيس الوزراء بتحقيق انطلاقة افضل لحكومته مع بداية سنة 2017.
صحيح ان تيرنبل حقق بصعوبة فوز الإئتلاف خلال الانتخابات العامة عكس تعهده انه قادر على تحقيق فوز كاسح، لكن بالواقع ارغم تيرنبل على تقديم تنازلات واجراء مفاوضات جانبية مع الاحزاب الصغرى ليضمن تمرير بعض القوانين التي يعارضها حزب العمال ولا يوافق عليها حزب الخضر.
كما عانى تيرنبل من الفضائح القانونية الناتجة عن النزاع الحاد بين وزير الادعاء العام جورج براندس مع المحامي العام الذي اتهمه بتكبيل يديه والحدّ من تدخلاته القانونية وعدم استشارته قانونياً حول المسائل الشائكة. هذا الى جانب الاشكاليات العديدة حول الميزانية العامة والاوضاع الاقتصادية الشائكة ومشكلة اللاجئين في مخيمات نارو ومانوس التي بلغت طريقاً مسدوداً وتكلف الميزانية ملايين الدولارات. هذه القضايا الى جانب الدين العام تعيق حركة الازدهار الداخلي وتحدّ من النمو الاقتصادي ومعدلات التصدير، خاصة الى الصين وما يشوب العلاقات بين البلدين من التوتر الخفي بسبب النزاع حول بحر الصين الجنوبي والازمة المرتبطة به والتي تشمل اكثر من بلد وتعني دولاً اقليمية ودولية ومنها الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة الاميركية لوضع استراليا في خط المواجهة مع الصين، مما اثار امتعاض الحكم في الصين.
كان مالكولم تيرنبل يزمع ان تبدأ سنة 2017 بمؤشرات ايجابية تخلو من الخضّات ولا تحمل معها سجلات شائكة. لكن يبدو ان هذا العام قد يكون عكس ما يتمناه رئيس الوزراء.
بدأت الدراما عندما اثير في وسائل الاعلام ان وزيرة الصحة سوزان لي طالبت بمصاريف رحلة شخصية قامت بها الى الغولد كوست لشراء عقار بقيمة 795 الف دولار. وكانت قد ادعت اولاً انها قامت برحلة عمل رسمية حيث صادفت مزاداً علنياً لشقة فخمة وقررت دون سابق تصميم المشاركة به.
لكن كشف في وقت لاحق ان الوكيل العقاري هو من انصار وداعمي حزب الاحرار وان الوزيرة لي قد جهزت مسبقاً الاموال لشراء الشقة. وعلم ان توقيت الرحلة لم يأت صدفة كما كشف ان سوزان لي وهي من هواة الطيران المرخص لها تحتاج الى ساعات تحليق محددة سنوياً للحفاظ على رخصة قيادة الطائرات استفادت من هذه الفرصة لاستئجار طائرة صغيرة قادتها الى الغولد كوست على حساب دافعي الضرائب، ولم تتردّد الوزيرة لي من نشر صورها على صفحة تويتر وهي جالسة الى مقعد قيادة الطائرة.
وتبين من سجلات سابقة ان الوزيرة طالبت بنفقات سفر الى الغولد كوست لما يزيد على 27 رحلة ادعت انها رحلات عمل رسمية. ومن غريب الصدف ايضاً ان شريكها غراهام جونستون يقوم بتشغيل مشروع تجاري في الغولد كوست ايضاً، مما يثير الشبهات حول مصداقية ادعائها ان رحلاتها كانت لاسباب سياسية رسمية، وقد تكون عكس ذلك. وتثار الشبهات حول صحة ادعاءاتها السابقة.
ما اثير حول هذه الزيارات المتكررة على حساب دافعي الضرائب ارغمت الوزيرة سوزان لي على تقديم استقالتها ريثما يجرى التحقيق بالمخالفات القانونية وسوء استخدام المال العام.
ووضعت الوزيرة لي في ذمة التحقيق وحلّ مكانها السيناتور آرثور سينودينوس كوزير صحة مؤقت، ريثما يتم التحقيق معها. ويبدو ان مستقبل وزيرة الصحة سوزان لي لن يكون افضل من مصير رئيسة مجلس النواب برونون بيشوب التي ارغمت على الاستقالة في قضية مماثلة وان كانت مختلفة واقل اهمية.
والى جانب قضية الوزيرة المستقلة سوزان لي يجرى التداول في قضية اخرى تتناول وزيرة الخارجية جولي بيشوب التي استعملت المال العام (3 آلاف دولار) لحضور مباراة «بولو» بينما انفق وزير المالية ماتياس كورمان ما يزيد على 3500 دولار لحضور نهائيات مباراة راغبي ليغ.
ويشاع ان كل من الوزراء براندس وداتون وميتس فيفيلد وسيمون بيرمينغهام انفقوا معاً حوالي 7 آلاف دولار لحضور حفلة خاصة اقامها رئيس الوزراء مالكولم تيرنبل بمناسبة نهاية العام 2015.
ويعتقد البعض ان اثارة هذه الادعاءات والاتهامات، خاصة ان بعض الاسرار اثيرت من مصادر اعلامية مقربة من حزب الاحرار تهدف الى ممارسة ضغوطات على رئيس الوزراء مالكولم تيرنبل للتنحي وعودة رئيس الوزراء السابق طوني آبوت الى قيادة الإئتلاف. ويبدو ان معظم الشخصيات التي طالتها الاشاعات تشمل اسماء السياسيين الذين انقلبوا سابقاً على آبوت واوصلوا تيرنبل الى الحكم.
غير ان تيرنبل لم يتمكن بأية طريقة من ارضاء اليمين في الإئتلاف، كما لم يحقق التعهدات التي اطلقها للانقلاب على طوني آبوت. فبقي اسير الماضي وسجين الشروط المفروضة عليه.
تيرنبل يواجه الآن سنة مليئة بالألغام فالشوائب في حكومته والشبهات حول عدد من وزرائه قد يدفعه الى اعادة تأليف حكومة جديدة يكون لـ آبوت حقيبة هامة فيها.
تيرنبل، بالنسبة لهذا الاحتمال بالذات يقف امام حائط مسدود، لأن اسناد حقيبة لـ آبوت تعيد الى ذهنه كيف استفاد تيرنبل من حقيبة الاتصالات في حكومة آبوت لينظم في الخفاء حملة اعلامية ضد آبوت وينشر اسرار الحكومة دون ان يثير الشبهات. فتيرنبل الذي طعن رئيس حكومته السابق يخشى ان يوجه له آبوت «الجريح» طعنات قاتلة في حال تسلم حقيبة وزارية. كما يعتبر ان عودة آبوت الى الحكومة قد يمنحه صفة جديدة لدفعه خارج الحكم، كون حزب الاحرار، خاصة الجناح المحافظ فيه لم يعرب عن قناعاته وثقته المطلقة برئيس الوزراء، كما انه لم يكتسب ثقة هذا الفريق بسبب انتماءاته السابقة وفشله في الأمس والغموض الذي يكتنف مستقبله وتقلص شعبيته يوماً بعد يوم. فهل يلجأ حزب الاحرار الى انهاء ولاية تيرنبل وتشهد سنة 2017 عودة آبوت الى السلطة؟؟
هل تكون 2017 الأسوأ لتيرنبل؟
Related Posts
وباء كورونا والحرب العالمية الثالثة