بقلم هاني الترك OAM
هنري كابل مولود في انكلترا عام 1763 .. عند بلوغه سن 17 عاماً أُتهم مع والده وصديق والده بسرقة محتويات من منزل: حكم عليهما بالاعدام شنقاً.. نُفذ الحكم في والده وصديقه ولكن خُفف على هنري كابل الى 7 سنوات سجن يقضيها في سجون الولايات المتحدة التي كانت تستخدم كمنفى للمساجين البريطانيين قبل إكتشاف استراليا.. بعد ان حصلت الولايات المتحدة على استقلالها من بريطانيا التي قررت إرسال السجناء الى استراليا بعد ان إكتشفها كابتن جيمس كوك.
وفي السجن في إنكلترا أثناء إنتظار ترحيله الى استراليا إلتقى كابل بشابة إسمها سوزانا تبلغ من العمر 20 عاماً كان قد صدر الحكم عليها بالسجن لمدة 14 عاماً لإدانتها بتهمة السرقة قبل ترحيلها الى استراليا.. أحبها كابل وأحبته وأنجبت منه مولوداً وهما في السجن.. وحينما جاء موعد ارسالهما من إنكلترا الى استراليا في أول أسطول بريطاني يُشحن الى استراليا وعلى متنه السجناء، رفض قبطان الاسطول إرسال المولود مع امه سوزانا وإنتزعه منها.
أشفق سجان السجن على سوزانا لعدم السماح لها بأخذ الرضيع معها، فذهب الى وزير الداخلية البريطاني في لندن اللورد سيدني (على إسمه أُطلق اسم مدينة سيدني) وأقنعه بضرورة إصطحاب المولود مع أمه سوزانا وزوجها كابل.. رق قلب اللورد سيدني ووافق على طلب السجان.
أثارت القضية ضجة كبرى في وسائل الاعلام في بريطانيا في ذلك الزمن وإمتدحت الضمير الحي للسجان صاحب القلب الكبير مما حدا بالمرأة الارستقراطية الليدي ماري كودغان بجمع التبرعات للعائلة الصغيرة.
حينما وصل الاسطول الى شواطئ سيدني نزل قائد الاسطول الكابتن آرثر فيليب من قارب الاسطول وحمله هنري كابل على ظهره الى الرمال حتى لا يبتل في المياه.. وجرى اول زفاف في مستوطنة نيو ساوث ويلز في إحتفال جماعي بزواج هنري من سوزانا.
جرت اول محاكمة في مستوطنة نيو ساوث ويلز إذ رفع هنري كابل دعوى ضد قبطان السفينة التي كانت ضمن الاسطول الذي أبحر من إنكلترا الى المستوطنة الجديدة بسبب فقدان بعض الامتعة من على متن السفينة.. وبالفعل ربح كابل الدعوى وحصل على تعويضات قيمتها 15 جنيها استرلينياً.
إستقرت العائلة في سيدني وكبر عددها وأنجبت سوزانا 11 ولداً.. عمل كابل في بناء القوارب حتى شيد اول باخرة أسماها على اسم إبنته ديانا.. أصبح بعد ذلك يمتلك أسطولاً من البواخر تبحر للتجارة مع دول إقليم آسيا مثل الصين وماليزيا وأصبح يمتلك أراضي متسعة في استراليا.
إنتقل عام 1810 للعيش في منطقة ويندسدر في نيو ساوث ويلز.. قُتِل ابنه جيمس على أيدي القراصنة حينما كان يبحر في محيط الباسيفيك.. توفيت سوزانا عن عمر يناهز 63 عاماً في سنة 1825.. ومات هنري عن عمر يناهز 84 عاماً سنة 1846.. دفنا في مقبرة الكنيسة الانجليكانية التي تضم رفات 25 شخصاً تابعين للكنيسة وهم الذين جاؤوا على متن اول اسطول يبحر الى مستوطنة نيو ساوث ويلز وشاركوا في تأسيسها.. انه التاريخ.