بقلم هاني الترك AOM

في جاليتنا العربية تنتشر ظاهرة الاعتقاد بالاستبصار سواء عن طريق فتح الفنجان ومعرفة الغيب او جمع الارقام الرياضية مثل رقم المنزل وتاريخ الميلاد او قراءة الابراج او رقم الحظ السعيد.. ولكن معظم الذين يمارسونها في الجالية غير موهوبين ولا يلمون بأدنى الحقائق العلمية والحياتية.. هي مجرد شعوذة ودجل وضحك على اللحى لمجرد جمع المال الحرام.. والجزء الساحق من ابناء الجالية يصدقون هذه الخزعبلات الفارغة..
سوف اقص عليكم حكاية وقعت معي شخصياً: كنت منذ عدة سنوات اترجم الاخبار لإذاعة في سيدني.. طلب مني المذيع ان اترجم له الابراج يومياً رغم انني لا اعتقد بها.. وكنت ارسلها له عبر الفاكس.. كنت اعرف تاريخ ميلاد ذلك المذيع والبرج الذي يقع فيه ميلاده.. وفي عدة مرات متفرقة كنت اكتب له من خلال ترجمتي للابراج انه سينال حظاً سعيداً في ذلك اليوم ويربح المال فيقوم بشراء اللوتو واوراق اليانصيب.
ذات يوم كتبت له في ترجمتي للابراج ان مواليد ذلك البرج سوف يربحون مالاً طائلاً وموقع الكواكب والنجوم يؤكد ذلك… واخذ المذيع يقرأ برجه على الهواء فتعجب من البشارة بربح المال الوفير والتي كتبتها عن مواليد برجه.. فقال على الهواء بعفوية: «الله يخرب بيت هذا الفلكي الذي خرب بيتي».. فقد نسي انه على الميكرفون على الهواء مباشرة اذ عرفت انه في كل مرة يقول له طالعه في البرج انه سيربح المال او يصادف حظاً سعيداً كان يذهب لشراء اللوتو واوراق اليانصيب بمبلغ كبير.. ولم يحالفه الحظ ولم يربح شيئاً..
ان المبصرين في الجالية يستغلون سذاجة الناس وجهلهم ويقبضون المال من خلال الشعوذة والدجل.. ولو كان المبصر صادقاً ومؤهلاً والاستبصار حقيقياً لقام بتنبؤ اوراق اليانصيب واللوتو وكسب المال بهذه الطريقة لنفسه.. وليس الاعتماد على بساطة الناس وسذاجتهم.
فإننا في عصر العلم والمنهج العلمي والأدلة التجريبية والبحث.. حتى ان الميتافيزيقا القديمة وهي العلم المتفرع من الفلسفة التي تبحث في حقائق العالم وظواهر ما بعد الطبيعة اصبحت اليوم في عصر العلم قائمة على فلسفة العلم لأن منهجها في الماضي البعيد كان على التصور والخيال والتأمل والآن اصبح نهجها يقوم على البحث العلمي التجريبي.
فلا تصدقوا ايها السيدات والسادة خزعبلات المستبصرين.. والاستبصار مثل فتح الفنجان يجب ان يكون للتسلية فقط.. وقد جاء في الدين المسيحي: ان مصير اصحاب السحر والشعوذة بحيرة الكبريت والنار مع الشيطان.. وجاء في الدين الاسلامي : كذب المنجمون ولو صدقوا.. وكذلك في حديث نبوي: من أتى عرافاً وصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد.