بقلم هاني الترك OAM
منذ سنوات طويلة عملت بمنصب مدير مكتبة في معهد الموسيقى في سيدني.. وطوال عمري اهوى الاستماع الى الموسيقى.. كنت اصل مكان عملي في المعهد مبكراً قبل جميع الطلبة والمدرسين واضع دائماً سيمفونية بيتهوڤن الخامسة.. أحب الاستماع اليها كثيراً.. وكانت الميكروفونات تبث السيمفونية الخامسة عبر كل ارجاء المعهد فيعرف الجميع انني قد باشرت عملي قبلهم.. فأنا اهوى الاستماع الى الموسيقى الغربية الكلاسيكية وليس الموسيقى الراقصة الشائعة البوب والروك اند رول باستثناء بعض الأغاني القريبة من الموسيقى الكلاسيكية العربية.. وحتى الآن اتذوق الموسيقى والاغاني العربية القديمة من روائع الموسيقى العربية الخالدة مثل القصائد المغناة الكرنك والجندول وكليوباترا والنهر الخالد بصوت موسيقار النيل الخالد الراحل محمد عبد الوهاب.
ان الموسيقى حياة رائعة تهزني طرباً ونشوة.. فهي تنظم افكار الشخص في المخ.. وتنسق حركات الجسد من خلال سيطرة المخ على اجهزة الجسم وحركاته.. تهذب الاخلاق.. تنشّط الذهن.. تدخل في اللاوعي .. وتؤخر الشيخوخة وتقي من الاصابة بالخرف والامراض الاخرى.. وتعالج الامراض.. انها ابداع وخلق ومتعة.
للموسيقى تأثير كبير على الاطفال والمراهقين في رقي افكارهم واستقامة سلوكهم وتهذيب اخلاقهم وتنمية ذكائهم وخلق المحبة في قلوبهم والسمو بمشاعرهم وتقدمهم التعليمي وإلهامهم نحو القراءة.. فليس هناك اجمل من ان يستمع الشخص الى موسيقى يعشقها وهو يقرأ إما للمتعة الذهنية او للدراسة.. انها من اعظم المتع في الدنيا والوجود.. ومن خلال قراءاتي في عالم الميتافيزيقيا اي ما وراء الطبيعة والاتصالات الاعجازية مع عالم الروح الأبدي عرفت ان هناك انواعاً راقية وعميقة من الموسيقى والتراتيل والغناء لا نعرفها على الكرة الارضية.
وقد اعجبتني مبادرة من مدرسة غرانفيل الثانوية للصبيان بتأليف فرقة موسيقية من الفتيان تتراوح اعمارهم بين 12 عاماً و14 عاماً.. حيث أعطي كل طالب من فريق الموسيقى المدرسي آلة موسيقية ليأخذها معه الى المنزل حتى يقوم باللعب وبالتدريب عليها.. وقام مدرس الموسيقى في المدرسة بتدريب التلاميذ وتأسيس فرقة موسيقية.
اقامت المديرة برنامجاً للرقص والموسيقى من ضمنها الموسيقى العربية اذ توجد في المدرسة فرقة تعزف الموسيقى العربية.. يقضي التلاميذ اوقاتهم في التدريب والعزف ينسون مشاكلهم ولا يتورطون في الشجار لأن الموسيقى تخلق التناغم الاجتماعي بينهم وتعزز محبة الآخرين.. والرقي بالاحساس بالجمال وتذوق الفنون والتعلق بالآداب.
يجب ادخال الموسيقى في كل مدرسة وفي كل منزل من اجل تذوقها والتمتع بأعظم ما خلق الله للإنسان من مواهب قليلة مبدعة حتى يتمتع بها الكثير من بني البشر.