ذكرت صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد ان استراليا تشعر بالارتياح لموقف الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب نحوها برغم كل ما يشاع عن سياسته فيما يتعلق بالأمن الاقليمي الاسترالي.  فهناك تخوف من اتجاه الإدارة الاميركية برئاسة ترامب نحو سياسة الانعزال والابتعاد عن حلفائها في العالم.
الا ان الصحيفة ترى ان اي رئيس اميركي لن يستطيع التخلي عن ملف الولايات المتحدة مع استراليا لأن الأمن النووي للولايات المتحدة مرتبط بمحطة الاقمار الصناعية في قاعدة بان غاب بالقرب من أليس سبرينغ في المقاطعة الشمالية
و  التي تحمي الولايات المتحدة من التجسس و تحذرها من اي هجوم نووي سواء من روسيا او الصين او من كوريا الشمالية.
هناك عدة قواعد اميركية للاتصالات الالكترونية بين استراليا والولايات المتحدة مثل قاعدة هامة في ولاية غرب استراليا للاتصالات الالكترونية مع الغواصات الاميركية النووية تحت المحيطات مجهولة موقعها.
وكذلك توجد قاعدة عسكرية للمارينز البحارة الاميركيين في داروين.
اضافة الى ذلك هناك معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة واستراليا ونيوزلندا التي بموجبها يمكن لتلك الدول المشاركة بعد المفاوضات بينها في الدفاع عن بعضها البعض.
ويرى الوزير باين في تصريح له ان قرار ترامب في بناء جيش اميركي عملاق تحسباً من الصين هو مصدر لمليارات الدولارات لقطاع الدفاع في استراليا مما يخلق الآلاف من الوظائف للاستراليين.
غير ان السيناتورة العمالية باني وونغ قالت ان فوز ترامب يجب ان يحفز استراليا على اعادة النظر في تحالفها مع الولايات المتحدة.
ورئيس الوزراء الاسبق بول كيتنغ لم يكتب مذكراته كما فعل كل رؤساء الوزراء السابقين ولكن صدر كتاب عنه بقلم المؤلف تروي برامستون يحمل عنوان:
Paul Keating: The Big Picture Leader بعد ان امضى حزب العمال 13 عاماً من سدة الحكم من بينها ثماني سنوات شغل فيها كيتنغ منصب وزير الخزانة وخمس سنوات رئيساً للوزراء ادخل فيها الاصلاحات الكبرى على الاقتصاد ولكن هُزم على يد جون هاورد عام 1996.
فقد امضى كيتنغ 27 عاماً في البرلمان وكان يتميز بالخبرة السياسية الواسعة وهو قيادي من الدرجة الاولى يتمتع بالرؤيا المستقبلية والشخصية القوية والثقة المثالية.. اثناء خدمته وضع الأساس للاصلاح الاقتصادي مثل نظام الإدخار التقاعدي الذي بلغت قيمته الآن 2 تريليون دولار.. وعوم الدولار الاسترالي في الاسواق العالمية وادخل المنافسة التجارية الحرة وخصخصة بعض المؤسسات الحكومية العامة ووضع الرؤيا بمبادرة مجموعة دول جنوب شرق آسيا الباسفيك.. وتخلص من تحكم نقابات العمال بحزب العمال وانعش الطبقة الوسطى. واثناء حكمه ازداد الانتاج وازدهرت التجارة وهو الذي تبنى تشريع مابو والاعتراف بالحقوق التاريخية للسكان الاصليين الابورويجيين لتملك الاراضي التي يثبتون فيها علاقة روحانية بها.. وهو الذي دعا الى تحويل استراليا الى جمهورية وفك ارتباطها بالتاج البريطاني ونادى بتغيير العلم الاسترالي.
ويهوى كيتنغ الموسيقى الكلاسيكية والمواد الاثرية اذ ان المجموعة الأثرية التي يمتلكها شخصياً هي الأفضل في العالم.. ويستمع دائماً الى الموسيقى ويقول انها تدخل اعماقه وتمنحه الاسترخاء والراحة.. وفي عهده انتعشت الفنون والآداب في استراليا.
وحينما هُزم في الانتخابات قال انه لا يكنّ الكره لـ هاورد الذي هزمه ولكن الشعب اختار هاورد وهو يلوم الشعب وقال هذا ما يستحقه الشعب.. فكان لدى كيتنغ خطة سياسية اقتصادية لم يكملها بسبب هزيمته في الانتخابات مثل انفتاح استراليا على آسيا وعدم الارتباط بالولايات المتحدة.. واعتماد استراليا على نفسها سواء في الدفاع العسكري او التجارة الاقتصادية.. والتحالف مع الولايات المتحدة جعلنا هدفاً للهجمات من تلك الدول.
كيتنغ هو اول رئيس يطالب بانعقاد مؤتمر «اوبيك» وهو عقد مؤتمر دول آسيا الباسفيك بالانفتاح على دول آسيا وهاجم القادة السياسيين سواء من الحكومة او المعارضة العمالية. وقال انهم يفتقدون للقيادة الحقيقية مثل عدم تخطيط الحكومة الإئتلافية برنامج اقتصادي وعدم وجود خطة اقتصادية بديلة لحزب العمال بزعامة بيل شورتين بسبب تحكم نقابات العمال بسياسته. ويضيف كيتنغ ان كلاً من تيرنبل وشورتن يفتقران الى الرؤيا والطموح والالهام.. وبالفعل كان كيتنغ قائداً حقيقياً بمعنى الكلمة.. بل افضل واكفأ واعظم رئيس وزراء انجبته استراليا في العصر الحديث والمعاصر.

تعليق من محرر الشؤون الاسترالية هاني الترك:

كان كيتنغ صاحب رؤيا مستقبلية صائبة فقد نادى بعدم ارتباط استراليا بالولايات المتحدة ولكن بالانفتاح على آسيا لأنها جزء من آسيا. وظهور ترامب على ساحة السياسة العالمية التي تهدف الى العزلة الاميركية والتركيز على مصالحها الخاصة وبناء جيش عملاق يؤكد رؤيا كيتنغ البعيدة النظر بأن بناء جيش اميركي عملاق يفتح الباب نحو التسلح العالمي وخصوصاً في استراليا.. يجب النظر الى كل قضية عالمية بموجب المصلحة الوطنية الاسترالية وعدم تبعيتها للولايات المتحدة.. فإن لدى الولايات قواعد اتصالات الكترونية منتشرة في استراليا مثل ولاية غرب استراليا والمقاطعة الشمالية بل لها قاعدة بحارة مارينز في المقاطعة الشمالية تحسباً لأي هجوم نووي في الصين او روسيا او كوريا الشمالية ..فإن ذلك يجعل استراليا هدفاً عسكرياً بين الدول العظمى العملاقة.