Peirre Samaan2بقلم / بيار سمعان
الاسبوع الماضي دعا احد نواب الإئتلاف لوك هوارث زعيم المعارضة الى الاستقالة من منصبه في حال تمكّن دونالد ترامب من الفوز في انتخابات الرئاسة.
وكان بيل شورتن قد وصف ترامب بالمجنون الذي ينبح (كالكلاب) وطرح تساولات عديدة حول اهليته لقيادة العالم الحر؟؟
منذ شهر تقريباً صرح شورتن خلال ندوة برلمانية ان تصرفات الحزب الجمهوري تخطت الحدود وتكاد تكون اكثر من مهزلة. صدر هذا الكلام تعليقاً على ملاحظات دونالد ترامب «المحافظ» حول المرأة بشكل عام، ولعل المرشح الثري كان يقصد بكلامه آنذاك تلك المرأة التي تواجهه في المعركة نحو البيت الابيض. واستنتج بيل شورتن من هذا الكلام عدم صلاحية ترامب للمركز الاول وعدم انسجام مواقفه مع الملايين من الاميركيين.
وكما يكون الأب، كذلك الاطفال. فرفض بيل شورتن للرئيس الاميركي الجديد وموقفه المتطرف كرئيس حزب اساسي في استراليا لم يكن «دعسة ناقصة» او «زلة لسان»، اذ يبدو ان نواب حزب العمال منذ ذلك الخبر هم منسجمون الى اقصى الدرجات مع مواقف شورتن. لذا صرحت النائبة العمالية إيما هوسار انها تؤيد تعليق زعيمها وذهبت ابعد منه فوصفت دونالد ترامب بالخنزير وانه حيوان كريه.
لا شك ان شخصية دونالد ترامب «العفوية» والتي تتحدث كلاماً مباشراً حتى في القضايا المعقدة قد اثارت ردود فعل على المستوى السياسي في استراليا.
لكن أيعقل ان يقوم رئيس اكبر واعرق حزب سياسي  في استراليا يخاطب المواطنين وينتقد شخصية سياسية كان يلزمها بضعة خطوات الى الامام ليصبح رئيساً لأهم دولة في العالم، ويتحدث هذا الزعيم بمنطق ولغة ليست ارفع او اعمق من لغة ومنطق دونالد ترامب.
الكل يدرك ان لا صديق دائم او عدو دائم في السياسة، لكن في العمل السياسي، الشخص العاقل وصاحب الرؤية والرأي المستقل يحسب الف حساب قبل ان يطرح احكامه النهائية في ما يجري حوله على الساحة العالمية، ويعد للألف قبل ان يصف مرشحاً رئاسياً بأقصى النعوت والكلام البذيء.
تعليقات بيل شورتين تدفع لطرح تساؤلات حول اهليته لقيادة حزب العمال في هذه الظروف العالمية الدقيقة، كما تدفعنا للتشكيك بروح القيادة لديه.
باعتقادي ان بيل شورتين يفتقر لروح القيادة ولعمق الشخصية ولبعد النظر، وهو تبعي وليس قائداً.
انه تلميذ وليس معلماً.
وممثل ناجح وليس مخرج افلام قادر على التحكم بالعمل الذي ينتجه..!
ان من يفتقر لبعد النظر والابتكار والحكمة يفتقر ايضاً لأمور عديدة اخرى تجعله غير صالح لقيادة الحزب او لرئاسة البلاد.
لقد فشل بيل شورتين عندما تسرّع بالحكم على اهلية ترامب ولم يترك حرية الخيار للشعب الاميركي. كما يريد اليوم ان يمنع الشعب الاسترالي من ابداء رأيه في قضية حيوية اساسية هي مسألة زواج المثليين. ان شورتن استبق موقف الشعب الاميركي وهو يريد إلغاء رأي الشعب الاسترالي.
ربما لا تروق طروحات ترامب لزعيم المعارضة؟؟
ترامب يريد، بعكس الرئيس السابق اوباما وبعكس بيل شورتين الحفاظ على مفهوم العائلة التقليدي، وقد يلغي بمرسوم رئاسي زواج المثليين، وزعيمنا بيل شورتن يريد اسكات الشعب الاسترالي ليبيح زواج المثليين.
لقد فشل شورتين وعليه الاستقالة واعتزال العمل السياسي، لأنه بعكس دونالد ترامب يتلقى الاوامر والتوجيهات من الآخرين من داخل الحزب وخارجه، فيما يقول ترامب ما يؤمن به ويتمسك بما يراه حق وصالح للخير العام والمجتمع الاميركي، يصف بيل شورتين استراليا بالتخلف لأنها لم تسمح بعد بزواج المثليين وتضرب مفهوم العائلة الطبيعية كما يريد اسياده.
في السابق طلبوا اليه ان يكيل لدونالد ترامب ويهشم صورته  ويشوّه توجهاته الكبرى فماذا سيقول اليوم بيل شورتين لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب؟
لقد فشل بيل شورتن وعليه الرحيل لأن نقيضه في الشخصية والتوجهات السياسية والنظرة المحافظة الى القضايا الكبرى اصبح اليوم رئيساً في الولايات المتحدة التي تربطها باستراليا اكثر من معاهدة وتفاهم واتفاقية.
بالطبع كان يرغب بيل شورتين  ان تفوز هيلاري كلينتون في الرئاسة الاولى. فهي تنتمي الى نفس المدرسة التي ينتمي اليها، وهما يؤيدان زواج المثليين ويكنان العداوة للكنيسة الكاثوليكية وللأديان الاخرى، وهي لا تراعي مشاعر الناس ومصالحهم او ارواحهم. وتضع الاخلاق والديمقراطية جانباً عندما تتخذ قرارات لا تخلو من الشر والأذية… ويبدو ان صاحبنا رغم ابتسامته العريضة يشاركها في العديد من هذه المزايا والميول …
للأسف، كلينتون خسرت، وقال الشعب الاميركي كلمته الاخيرة، وربما اختار اهون الشرين.. فالشر الاعظم، اي كلينتون طويت صفحتها الى حين… ولا يبقى امام بيل شورتين إلا ان يحزم امتعته ويرحل، لأن حزب العمال واستراليا بدونه سيكونان على افضل حال.
كل ما يلزم بيل شورتن هو نصف ساعة لاعادة تقييم دوره كزعيم للمعارضة قد يحكم البلاد ان صدقت استطلاعات الرأي. لكن باعتقادي ان العالم بدأ مرحلة جديدة مع وصول ترامب الى البيت الابيض. ان الثوب القديم سينزع ويخلع لأن البشرية سارت باتجاهات معاكسة للطبيعة والحقيقة وصحة الإيمان ولم يعد تطبيع الشر وتشريعه هو المطلوب.
ان الروح القديمة وروح الشر الذي يحكم العالم اصبح مكشوفاً للناس. وان لم يخدع الاميركيون رغم الحملات الاعلامية ضد ترامب، ففي ذلك بصيص امل ان يقول الشعب الاسترالي كلمته الاخيرة في الأمور المصيرية، ولن يتمكن بيل شورتين من اسكاتهم، لأنه كلما ابدى رأياً يطلق اكذوبة جديدة، ثم يتراجع عنها ويكشف عورته اكثر.
عزيزي بيل، لم يبق امامك سوي الرحيل. ان الطاقم السياسي الحاكم في استراليا هو رديء وسيء لكنك الأسوأ بينهم.. فارحل. رحمة بالعائلات والإيمان والعلاقات الطيبة في استراليا ومع العالم، وفي طليعتهم الولايات المتحدة التي ارتدت حلة جديدة مع دونالد ترامب.
يبدو انك غير قادر على الترفع عن فخدي المرأة ومؤخرة الرجل، لأن سياسة استراليا هي ارفع واعمق من ذلك…!!

pierre@eltelegraph.com