بقلم هاني الترك OAM

هذا الاسبوع تحل الذكرى 74 لمعركة العلمين التي شاركت فيها استراليا وقتل فيها 1000 جندي استرالي.. وحسمت الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء ضد دول المحور.. ففي مثل هذا الاسبوع منذ 74 عاماً اندلعت الحرب في العلمين وواجه على أرضها 195 ألف جندي من دول الحلفاء كبريطانيا واستراليا وكندا وبولندا وامريكا مدججون بـ1300 دبابة مسلحة تحت امرة القائد الانكليزي مونتغومري ضد جيوش جرارة تقدر بـ105 ألف جندي من ألمانيا وايطاليا وغيرها من دول المحور مع 600 دبابة تحت امرة القائد الألماني روميل الذي يسمى ثعلب الصحراء.
كان تشيرشل هو الرأس المخطط لاستراتيجية الحرب العالمية الثانية والتي لعبت فيها معركة العلمين دوراً حاسماً.
لم تكن القوات الاسترالية التي شاركت في المعركة مدربة تدريباً كافياً والعتاد العسكري الذي كان معها لم يكن متطوراً.. وكانت قد انسحبت من طبرق بعد ان اثبتت صلابتها وجدارتها في المقاومة. ففي طبرق سميت القوات الاسترالية بجرذان طبرق لأنها استطاعت ان تصمد وتتحمّل ضربات الألمان القوية المتواصلة قبل انسحابها واستبدالها بقوات اخرى.. وكالعادة في الحروب الكبرى مثل الحربين العالميتين الاولى والثانية كانت القوات الاسترالية تحارب في الخطوط الامامية في مقدمة جميع الجيوش وذلك لسببين:
الاولى ان بريطانيا لا تضحي بجنودها في الخطوط الامامية والسبب الثاني ان الجندي الاسترالي معروف بصلابته وشجاعته وقوة احتماله بالحروب.. وقد اثبتت التجارب صحة هذا الحقيقة.
وبعد انتصار قوات الحلفاء في العلمين قال مونتغومري: بدون القوات الاسترالية من اللواء التاسع للجيش في معركة العلمين لما انتصر الحلفاء في الحرب.
وقد انتشرت لأول مرة المذكرات اليومية لمعركة العلمين والتي سجلها يوماً بيوم الجندي الاسترالي توم روبرتس.. وكان روبرتس قد اشترك في الحربين العالميتين الاولى والثانية:
ففي أيلول/ سبتمبر عام 1914 تجند روبرتس في الجيش الاسترالي وكان عمره آنذاك 14 عاماً ودرب كجندي مدفعي.. ترك روبرت الجيش بعد مشاركته في الحرب العالمية الاولى التي انتهت عام 1918.. وفي عام 1940 تطوع مرة أخرى في الجيش في الحرب العالمية الثانية.. وكتب في مذكراته:
«شعرت ان من واجبي وضع قدرتي كمدفع في خدمة استراليا وبريطانيا والعالم.. اذ ان المستقبل كان يبدو مظلماً بالنسبة لبريطانيا في المعارك التي خاضتها قبل معركة العلمين».
وقد تمكن روبرتس من الحفاظ على مذكراته في الحرب مع ان ذلك كان ضد قوانين الجيش.. وكذلك احتفظ بكاميرا سراً التقط بها مئات من الصور على الخطوط الاولى للجبهة.. وقد مات روبرتس عام 1988 فيما كان يعد مذكراته للطبع…
عندما قررت اليابان وهي القريبة من الحدود الاسترالية دخول الحرب سنة 1943 بعد اندلاعها بأربع سنوات.. أي سنة 1939.. كان الهدف الياباني الطبيعي هو استراليا.. في ذلك الوقت قالها تشيرشل للقادة العسكريين: انه يفضل سقوط استراليا بين أيدي اليابانيين على ان يضحي بقواته فيما لو ارسلها للدفاع عن القارة.. وحينما علم السفير الاسترالي في بريطانيا بتلك الأنباء أبلغ فوراً الحكومة الاسترالية لتشارك في الحرب ضد اليابان في دول الباسيفيك.. وخصوصاً في نيو غينيا.. وذلك لإضعاف القوات اليابانية ومنعها من الهجوم على الاراضي الاسترالية. وقد لعب القدر دوراً في نجاح استراليا في حربها ضد قوات المحور وخصوصاً اليابان.. فالذي حدث ان اليابان هاجمت بغتة القوات الامريكية في جزيرة هاواي الامريكية.. مما دفع القوات الامريكية الى المساهمة الفعالة في حربها ضد اليابان ومساعدة استراليا عسكرياً.
كانت معركة العلمين هي المدخل الرئيسي نحو نصر الحلفاء ضد دول المحور.. وهي التي انتصر فيها الحلفاء بعد مشاركتهم في معركة تلو الأخرى.. وخصوصاً مشاركتهم في أوروبا وشمال افريقيا..وانتهت المعركة رسمياً بتاريخ الثالث من تشرين الثاني في عام 1942.. والآن بعد مرور واحد وستون عاماً على المعركة الشهيرة، ماذا حققت الحرب؟.. لقد حصدت الملايين من الأبرياء.. وفي معركة العلمين وحدها قتل 50 ألف جندي من المحور.. ومن دول الحلفاء قتل 13.500 جندي، أي حوالي 65 ألف جندي دفنوا في مقبرة جماعية لا تزال تلفهم التربة في العلمين.. وقد اثبتت الحروب ان الضحايا دائماً هم من الابرياء الذين يتحملون ويلاتها وعذاباتها.. والقادة الصانعون المخططون لهذه الحروب هم الجناة المجرمون أصحاب الاحلام المجنونة في السيطرة على العالم.. لأن الذي يدفع الثمن عادة هم عامة الشعب ويدفعون من دمائهم وحياتهم.