كندة سمارة- ملبورن
استوقفتني قصة قرأتها في إحدى مواقع التواصل الاجتماعي باللغة الإنكليزية على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تحدّث فيها بأن والده كان جندياً في الجيش السوفيتي الذي كان يحارب ضد الألمان خلال الحرب العالمية الثانية. في إحدى المرات سُمح له، أي والد بوتين، بإجازة قصيرة ليرى فيها عائلته التي كانت تسكن في مدينة تتعرض للقصف الدائم من الطائرات الحربية الألمانية.
وحين وصل والد بوتين إلى منطقة قريبة من منزله، رأى شاحنة عسكرية سوفيتية محمّلة بجثث مكدسة فوق بعضها البعض، كانوا قد ماتوا منذ قليل جراء غارة ألمانية، وكانت تلك المركبة تستعد لنقل أولئك الضحايا لدفنهم في مقبرة جماعية.
وقف والد بوتين أمام الشاحنة وكان بجانبه العديد من سكان تلك المدينة الواقفين حزناً لوداع أحبائهم. حينها لاحظ والد بوتين حذاء في قدم إحدى الضحايا كان يشبه حذاء كان قد قدّمه إلى زوجته قبل ذهابه إلى أرض المعركة. انتابه الشك، فأسرع إلى منزله ليتأكد من وجود زوجته في المنزل، لكنه لم يجدها فعاد مجدداً إلى الشاحنة طالباً منهم أن يسمحوا له بالكشف عن وجه تلك الجثة، والتي يتعذر رؤيتها بسبب تكدس عشرات الجثث فوقها. وبسبب صفته العسكرية كان الأمر سهلاً نسبياً، فسمح له، وكانت الصاعقة حين رأى زوجته جثة هامدة.
طلب والد بوتين أن يّسمح له بتسلم الجثة ونقلها إلى مشفى ميداني فهو لم يقتنع بوفاتها، وفعلاً اكتشف الأطباء أن الزوجة ما زالت تتنفس بصعوبة بالغة، فتمت مباشرة معالجتها وتماثلت للشفاء تماماً.
المفارقة تبدأ هنا فبعد مرور عدة سنوات من تلك الحادثة حملت الزوجة لتضع مولوداً ذكراً اسمه فلاديمير بوتين، صاحب هذه الرواية، ورئيس روسيا، وشاغل الدنيا في أوروبا وأمريكا، أوكرانيا والقرم، وفي سوريا والشرق الأوسط.
على الرغم من أن تفاصيل القصة قد لا تكون دقيقة تماماً، إلا أن هناك سؤالاً يتبارد إلى الذهن … لو لم يتعرف والد بوتين على حذاء زوجته… لو لم يلاحظ الحذاء في قدمها… أو حتى لو لم يشتر الحذاء أصلاً، أو لو لم يكن يؤمن بأنها ما زالت حيّة وأنها ستخرج من بين تلك الجثث أساساً، هل كان سيتغير شكل العالم من دون فلاديمير بوتين؟!!
يحمّل بعض المحللين السياسيين والعسكريين الرئيس بوتين أزمة إعادة العالم الى ما يسمي بالحرب الباردة… كما يتفق بعض الخبراء اللوجستيين أنه لو كان يترأس الولايات المتحدة رئيس مثل جورج بوش الابن مثلاً، لما كانت الحرب الباردة، باردة…
قد لا يكون اكتشاف حذاء في قدم امرأة كانت على حافة الموت من أهم اكتشافات القرن العشرين، ولكن مما لا شك فيه أنّ ذلك الاكتشاف سيكون واحداً من أهم الأسباب التي ستساهم في صناعة القرن الواحد والعشرين.